إسقاط الطائرة الروسية يعيد الروح لـ"داعش" في سيناء
١٩ نوفمبر ٢٠١٥ظهر ما يعرف بتنظيم "أنصار بيت المقدس" في شبه جزيرة سيناء بعد إسقاط نظام الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي عام 2013. ضرب التنظيم جنودا ورجال شرطة ومراكز أمنية في منطقتين من بينهما القاهرة في وضح النهار. بعدها أعلن التنظيم بيعته لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في عام 2014، الأمر الذي شكل منعطفا أخطر من السابق بالنسبة للوضع الأمني في سيناء. التنظيم غير اسمه مرة أخرى ليصبح "ولاية سيناء" ويعتقد أنه المسؤول عن حادث تفجير الطائرة الروسية التي أقلعت من المنتجع السياحي في شرم الشيخ وقتل 224 شخصا كانوا على متنها أغلبهم من النساء والأطفال.
أصبح التنظيم أكثر قوة وقسوة بعد بيعته لتنظيم داعش، فتحول من استهداف العسكر والمدنيين فقط إلى استهداف الطائرة الروسية. خبراء الأمن يصفون هذا التحول بالتحول الاستراتيجي الخطير في عمل التنظيم. وأصبح "داعش" يتحكم بالأعمال الإرهابية من سيناء وحتى باريس من مركزه في الرقة بسوريا.
"مصر تحارب منذ أعوام تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المنضوية تحت سيطرتها". يقول مختار عواد باحث في المركز الأميركي للتطور. ويشير إلى أن تنظيم أنصار بيت المقدس كان حتى صيف عام 2014 في اضعف حال، بيد أن بيعته لتنظيم الدولة كانت نقطة تحول كبيرة في قوة التنظيم. فقد ارتفع عدد الهجمات القاتلة ونوعية هذه الهجمات القاتلة تجاه القوات الأمنية والجيش بشكل لم تشهده هذه القوات منذ عام 1973، بعد مبايعة تنظيم أنصار بيت المقدس لـ"داعش". حسبما يقول مختار عواد. ويرى أن "بيعة التنظيم لداعش أعاد اختراعه من جديد وجعله قوة أكثر فتكا من ذي قبل".
البيعة لداعش
بعد هذه البيعة أصبح التنظيم يتخذ أسلوبا تكتيكا مشابها لنظرائه من التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا. فقد بدأ التنظيم يستعمل صفحات التواصل الاجتماعي. الهجمات باتت أكثر تطورا كما أصبح يمارس نفس وسائل تنظيم داعش بقطع رؤوس السكان المحللين الذين يعملون كمخبرين للدولة.
وبنفس الأسلوب والرغبة في السيطرة على أراض واسعة في سوريا والعراق حاول تنظيم "ولاية سيناء" السيطرة مثلا على مدينة شيخ زويد شمال سيناء.
في الصيف أعلن التنظيم مسؤوليته عن استهداف القنصلية الإيطالية في القاهرة، وضرب زورقا عسكريا في البحر المتوسط. وبعد اختطافه لمهندس كرواتي يعمل في شركة فرنسية، نشر التنظيم بمساعدة "داعش" فيديو يعرض فيه عملية إعدام الرهينة الكرواتي قائلا، إنها عقوبة لكرواتيا بسبب دعمها للتحالف في الحرب ضد التنظيم في العراق وسوريا.
"في حال صحة فرضية وقوف التنظيم خلف عملية إسقاط الطائرة الروسية، فإن هذا يشكل تحديا كبير للحكومة المصرية، فأعداد المقاتلين في التنظيم ممن هم ليسوا من سكان سيناء قد ارتفع كثيرا، وهؤلاء لن يكونوا أكثر حذرا في استهداف مصالح السكان المحللين"، يقول زاك غولد من مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط. |ويضيف "هذا واضح من خلال استهداف ومضايقة السكان المحليين واستهداف قوات حفظ السلام الدولية المشرفة على معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر. وإسقاط الطائرة الروسية – لو صح ذلك – سيؤكد أن هذا التنظيم قد تغير كثيرا".
مظالم
بينما تحاول مصر مكافحة الهجمات الإرهابية القاتلة، يقول البعض إنه قد حان الوقت للاستماع لمظالم سكان سيناء المهمشين منذ عقود من قبل القاهرة، الأمر الذي دفع ببعض منهم للجوء إلى العنف والتنظيمات الارهابية.
"هناك تاريخ من مكافحة التمرد لم يعمل على كسب قلوب وعقول الناس، بل كان مهتما بعدد القتلى"، يقول عمر عاشور لـ DW وهو أستاذ في جامعة ايكستر. جماعات حقوق الإنسان تقول، إن السكان المحللين كانوا بين مطرقة الجماعات الإرهابية وسندان السلطة. ويضيف عاشور "المشكلة أن أصحاب القرار في الجهات الأمنية والعسكرية المصرية يصرون على أن الاستئصال هو الحل لمشكلة الإرهاب في سيناء". ويشير إلى أن "هذا الأسلوب لم يجد نفعا رغم مرور أعوام طويلة على استعماله".
لكن تغير طبيعة الوضع في شبة جزيرة سيناء حاليا ربما يمنح الدولة فرصة للتعاون مع السكان المحليين للقضاء على تنظيم الدولة هناك. وحسبما يرى زاك غولد من مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، فإن "الناس هناك بحاجة للدولة وقوتها لحمايتهم من التنظيمات الإرهابية".
ويقول تقرير نشر في معهد الدراسات الأمنية الدولية "إن على مصر استغلال هذه الفرصة. ويجب على مصر أن تفعل أكثر من مواصلة حملاتها العسكرية، التي هي فعالة وضرورية، لكن عليها أيضا العمل قولا وفعلا".