إسرائيل والإمارات.. كرة القدم تردم الهوة بين أعداء الأمس
٢٨ سبتمبر ٢٠٢٠في الشرق الأوسط تم فتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة، حيث وقعت إسرائيل مؤخرا اتفاقية تطبيع مع بلدين عربيين هما الإمارات العربية المتحدة والبحرين اللتين تقومان بعد مصر (1979) والأردن (1994) بتطبيع العلاقات مع دولة إسرائيل. "سيكون سلاما دافئا يبنى على كثير من التعاون الاقتصادي"، كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. "لأول مرة ستصبح إسرائيل منفتحة على استثمارات من الشرق الأوسط. إنها خطوة جبارة".
وفي الوقت الذي تم فيه ربط الاتصالات بين القاهرة وعمان على المستوى الحكومي، قد تكون العلاقات الباردة بين المواطنين صعبة كما ستبقى مشاكل قائمة في التعاون بين أشخاص وشركات. كارين يونغ، خبيرة في المعهد الأمريكي لأبحاث السياسة العامة متخصصة في شؤون دول الخليج، تقول لـ DW بأنه قد يكون هناك رفض، لكنها متفائلة فيما يخص آفاق التعاون بين إسرائيليين وإماراتيين. "الطريق الوحيد لتجاوز هذا المعتقد الخرافي هو التلاقي والدخول في حوار، وهذا ما سيبدأ الآن"، تقول يونغ.
اتصالات رياضية
ومجال يبدو التعاون فيه بين أشخاص ومؤسسات من كلا البلدين ممكنا هو الرياضة ولاسيما كرة القدم. وبالفعل توجد حالات سابقة شارك فيها رياضيون إسرائيليون في مسابقات أقيمت في الإمارات مثل في الجائزة الكبرى للجودو عام 2018 في أبوظبي التي فاز فيها الإسرائيلي ساغي موكي بالميدالية الذهبية، ما قاد للمرة الأولى في الإمارات العربية المتحدة إلى عزف النشيد الوطني الإسرائيلي بعد مسابقة رسمية.
"الفرصة للرياضيين من إسرائيل للمشاركة في مسابقات في الإمارات العربية المتحدة كانت متاحة، لكنها ستتوسع الآن بالتأكيد"، تقول يونغ. وبالفعل فور الإعلان عن الاتفاقية الجديدة، ظهرت تقارير حول استثمارات إماراتية في نوادي كرة قدم إسرائيلية. وأحد مالكي نادي هابول تل أبيب سبق وأن قال بأنه على علاقة مع رجال أعمال من الإمارات يرغبون في الاستثمار في النادي، علما أن تاريخ التعاون في النادي بين اليهود والعرب في الملعب وخارجه يلعب دورا. وناد آخر في إسرائيل بدون هذا التاريخ الإسرائيلي العربي هو بيتار جيروزاليم، نادي المحترفين الوحيد في كرة القدم الإسرائيلية الذي لم يبرم أبدا عقدا مع لاعب عربي مسلم، علما أن انصاره يُحسبون على اليمين السياسي في إسرائيل.
ومجموعة مشجعين معروفة لبيتار هي لافاميليا إحدى المجموعات اليمينية المتطرفة المعروفة في إسرائيل. والمجموعة رفعت تكرارا لافتات كُتب عليها "دوما نظيف من العرب"، علما أن أنشطتها لا تحصل فقط داخل الملاعب، فمؤخرا شاركت لافاميليا في احتجاجات يمينية عنيفة لدعم رئيس الوزراء نتانياهو. موشي هوغيغ، رجل أعمال إسرائيلي، مالك النادي منذ عام 2018 يحاول محاربة الميول العنصرية داخل مجموعة المشجعين. والآن كشف النادي على موقعه الالكتروني عن إعلان مفاجئ يفيد بأن النادي يسره الإعلان أن "مالك بيتار جيروزاليم، موشي هوغيغ سيتوجه إلى الإمارات العربية المتحدة لمناقشة إمكانية استثمار كبير في النادي".
وكما كان متوقعا لم تكن مجموعة لافاميليا مسرورة بهذا الإعلان. "بالنسبة إلينا لا يلعب المال أي دور، ولكن المبادئ"، كتبت المجموعة في موقعها على فيسبوك. "نريد تذكير الجميع بأن القدس هي المدينة المقدسة لليهود وبيتار هو فريق العالم الوحيد الذي يرفع المينوراه كرمز". وأنهت المجموعة نصها بنداء للقتال من أجل الشعب اليهودي.
لاعبون إسرائيليون في الامارات؟
لكن التعاون بين كلا البلدين يبدو على الأبواب وحتمي. وحسب تقارير يبدو أن لاعب الوسط الإسرائيلي السابق بيرام كايال يحوز على اهتمام العديد من النوادي الإماراتية، في الوقت الذي وقع فيه المهاجم ضياء سبع الذي لعب إلى حد الآن لناد صيني، هو أول لاعب إسرائيلي يوقع على عقد مع ناد إماراتي. وقد انتقل سبع من الصين إلى فريق النصر في دبي.
أوري ليفي، صحفي متخصص في كرة القدم في الشرق الأوسط، وناشر مدونة باباغول يعتقد أن انتقال لاعب إسرائيلي إلى ناد في الإمارات العربية المتحدة قد يكون قفزة مهمة في العلاقات بين البلدين. "اللاعب الإسرائيلي الأول الذي يوقع عقدا مع ناد في الإمارات، سيكون بعد رئيس الوزراء نتانياهو ثاني أشهر إسرائيلي في دولة الإمارات"، قال ليفي قبل انتقال سبع لدويتشه فيله. "سيكون عمليا سفير إسرائيل، وربما أكثر من السفير الحقيقي في أبوظبي".
إسرائيل بوابة لكرة القدم الأوروبية؟
واستخدم ليفي مدونته مع الإذاعة الإسرائيلية العامة لاقتراح فكرة جذابة ستخدم البلدين والتطور الناس في مجال كرة القدم. ففي الوقت الذي تلعب فيه الامارات العربية المتحدة في آسيا، يشارك اتحاد كرة القدم الإسرائيلي ونواديه في منافسات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وهذه حقيقة يرى فيها ليفي فائدة للاعبين من منطقة الخليج الذين إذا لعبوا مع نواد إسرائيلية لا يدعمون فقط التفاهم بين الشعبين، بل بإمكانهم البرهنة على مواهبهم ضمن المنافسات الأوروبية أيضا.
"نحن نعيش في وقت يبدو فيه كل ما كان مستحيلا ممكنا"، يقول ليفي حول إمكانية انتقال لاعبين من الإمارات إلى الدوري الإسرائيلي، ويضيف "قبل شهر ونصف كانت اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة تبدو حلما بعيدا، واليوم هي حقيقة. ولما لا؟".
فليكس تامسوت/ م.أ.م