إدلب والهجوم المرتقب.. قلق دولي من وقوع كارثة إنسانية!
١٢ سبتمبر ٢٠١٨الفرصة قبل الأخيرة كانت في طهران والأخيرة ربما في جنيف التي ستستضيف الاثنين لقاء لدبلوماسيين دوليين يحاولون تفادي سفك دماء في سوريا، وهذه المرة في إدلب. وفي الجمعة الماضية لم يتمكن المفاوضون في العاصمة الإيرانية من التوصل إلى حل للأزمة بشأن المحافظة في غرب سوريا. فروسيا وإيران ظهرتا مصممتين على انتزاع المدينة بالعنف من المتمردين. والآن يُتوقع تنظيم لقاء برئاسة المندوب الخاص للأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا المطالب بمحاولة دفع الأسد والقوتين الحاميتين روسيا وإيران إلى حل الأزمة بطرق سلمية.
وفي حال فشل هذه المهمة، يجب توقع حدوث الأسوأ، كما حذر منسق الأمم المتحدة للمساعدة الطارئة مارك لوكوك الذي قال في جنيف:" يجب إيجاد سبل للتعامل مع هذه الإشكالية التي قد تتحول في الشهور المقبلة إلى أسوء كارثة إنسانية مع أكبر خسارة للحياة البشرية في القرن الواحد والعشرين".
براميل متفجرة وأسلحة ثقيلة وصواريخ
ما الذي سيحصل في حال فشل هذه المهمة. منذ آب/أغسطس وسلاح الجو السوري والروسي يهاجمان محافظة إدلب والسكان الذين يصل عددهم هناك إلى ثلاثة ملايين نسمة. وهذه الهجمات زادت حدتها في نهاية الأسبوع. وأفادت معلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طائرات البلدين قصفت جنوب المحافظة وكذلك أجزاء في محافظة حماة المجاورة. ويبدو أن سلاح الجو السوري رمى براميل محملة بمتفجرات كما استُخدمت أسلحة ثقيلة وصواريخ.
ومنذ شهور تستعد منظمات إنسانية على الأقل للتخفيف من الآلام الكبيرة. "في المنطقة يسكن نحو ثلاثة ملايين نسمة"، تقول أنيسة هاينلاين من منظمة CARE الألمانية. " وما يزيد الوضع أكثر تعاسة هو أن نحو نصف هؤلاء الأشخاص مهجرون في الداخل". ولقد غادر بعض الناس المدينة في الأيام الماضية. "لكن الوضع جد صعب ـ ولا توجد أماكن أخرى يمكن الهرب إليها".
مدنيون كرهائن
وتفيد تقديرات ستافان دي ميستورا أن نحو 10.000 من المقاتلين التابعين لجبهة النصرة يوجدون في إدلب، يُضاف إليهم الآلاف من المقاتلين الآخرين. وتفيد تقارير إعلامية أنهم يسيطرون على نحو 60 في المائة من المنطقة. والكثير من المؤشرات يوحي بأن هذه المجموعات تحتجز المدنيين كرهائن. وعلى هذا النحو أفادت صحيفة "واشنطن بوست" أن ميليشيا تحرير الشام أقامت مشانق في مختلف الأماكن في المنطقة لشنق "خونة" أمام الملأ. وذكرت الصحيفة أن الميليشيا تدير مراكز اعتقال في المنطقة حيث يمارس التعذيب في خمسة سجون منها، كما تدعي الصحيفة.
وتقيم منظمات إغاثة دولية حاليا اتصالات مع المدنيين المحاصرين. "نحن مازلنا ناشطين مع شركاء محليين"، تقول أنيسة هاينلاين من منظمة CARE في حديث مع دويتشه فيله. "لكن الهجمات الجوية للأيام الماضية صعبت المساعدة بقوة، لأن أمن المساعدين عندنا له أولوية. وفي حال تنفيذ هجمات جوية وجب على المساعدين عندنا أن يبحثوا عن ملاجئ آمنة". وتقول هاينلاين بأن الناس يحتاجون إلى المواد الغذائية والأدوية والخيم. "حاليا يأتي الجزء الأكبر من المساعدة من تركيا. ونحن نحاول إيصال أكبر كمية ممكنة إلى عين المكان".
الهجمات الجوية تؤجج التطرف
ووضعت الحكومة السورية للمفاوضين فترة زمنية محددة حتى العاشر من سبتمبر الجاري. وفي حال عدم توافق الدبلوماسيين على حل سياسي إلى ذلك الحين فإن الهجوم على إدلب سيبدأ. وفرص تفادي هذا الهجوم، حسب صحيفة الشرق الأوسط ضعيفة: فجميع الفاعلين المشاركين لهم مصالح في سوريا. "وهم سيدافعون عنها بكل حزم". فروسيا تريد الحفاظ على موقعها مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. "وهذا سيصعب المفاوضات".
نفس الرؤية يمثلها معلق صحيفة "الحياة" الذي أوضح أن المعركة حول إدلب ستكون آخر معركة كبيرة في الحرب الأهلية السورية. وسيهدأ الوضع بعدها في بعض الأجزاء. ومجموعات المتمردين ستكون قد فقدت من قوتها بحيث أنها على الأقل لوقت وجيز لن تمثل خطرا. لكن يجب توقع أن يشعر عدد من السكان المدنيين بسبب عنف هجمات النظام بجاذبية الانضمام إلى المتمردين أو الانخراط في صفوفهم. كما يجب توقع أعمال انتقامية من نظام الأسد.
لا لفقدان الأمل
ومازال دبلوماسيون يبذلون الجهد من أجل حل سياسي للنزاع. وحتى منظمات الإغاثة تناشد المسؤولين تفادي وقوع حمام دم. "نحن لم نفقد بعد الأمل في أنه يمكن تفادي هجوم كبير"، قالت أنيسة هاينلاين. وإلى حد الآن لا تكترث حكومة الأسد بهذه المناشدات، فسلاحها الجوي شن الاثنين غارات على عدة مواقع في المحافظة.
كرستين كنيب/ م.أ.م