إجراءات وخطط "إنقاذية" أوروبية بالمليارات لاحتواء تداعيات الأزمة المالية
١ أكتوبر ٢٠٠٨في إطار إجراءات مواجهة تبعات الأزمة المالية التي امتدت عبر المحيط من الولايات المتحدة إلى القطاع المصرفي الأوروبي، تعتزم الدول الأوروبية الأربع الأعضاء في مجموعة البلدان الصناعية السبعة الكبرى (فرنسا وألمانيا وايطاليا وبريطانيا) عقد اجتماع لها في باريس يوم السبت المقبل بدعوة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وكان ساركوزي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، قد أعلن الاثنين الماضي أن اجتماعا تحضيريا لقمة من اجل "إعادة بناء النظام المالي الدولي" وسيحضره أيضا رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ويونكر ورئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه. كما جدد ساركوزي الدعوة إلى "قمة دولية في الأسابيع المقبلة لوضع أسس نظام مالي دولي جديد".
من ناحية أخرى حث صناع سياسات أوروبيون مجلس الشيوخ الأمريكي اليوم الأربعاء على إقرار خطة إنقاذ مالي معدلة قيمتها 700 مليار دولار تهدف إلى معالجة الازمو المالية، التي تعد الأسوأ منذ ثلاثينات القرن الماضي بنظر بعض المحليين الاقتصاديين. وقال قال جان كلود يونكر رئيس مجموعة اليورو إن على الولايات المتحدة أن تعتمد الخطة وهي وجهة النظر التي أيدها وزير المالية الروسي اليكسي كودرين، الذي أعتبر أن "هذه هي مسؤولية الولايات المتحدة تجاه الدول الأخرى.".
إجراءات وقائية....
وعلى نفس الصعيد فمن المنتظر أن يعقد زعماء الاتحاد الأوروبي كذلك قمة في بروكسل يوم 15 أكتوبر/ تشرين الأول. ومن المتوقع أن يناقشوا تحسين القواعد التنظيمية في ضوء الأزمة المالية. ومن جانبه قال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى تعزيز الإشراف المالي وزيادة الاتساق بين خطط ضمان الودائع في البلدان المختلفة.
وكخطوة أولى ملموسة اقترحت المفوضية الأوروبية تشديد قواعد رأس المال على البنوك لتغطية العمليات التي ترتفع فيها نسبة المخاطر مستقبلا بفرض قيود على حجم الأموال التي يمكن للبنوك إقراضها لطرف واحد.
وسارعت عدة دول أوروبية إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة الأزمة القادمة عبر الأطلسي وضمان استمرار البنوك في عملها، إذ يتحرك المشرعون في أوروبا أيضا لحماية المقترضين وتقدم الحكومات على تقديم الضمانات الحكومية للبنوك أو تقدم على شراء حصص فيها.
ففي فرنسا أعلنت حكومة باريس أنها بصدد اتخاذ إجراءات لضمان استمرار البنوك في ضخ الأموال لتمويل الأنشطة الاقتصادية وذلك على الرغم من الأزمة المستمرة في القطاع المالي، وفقا لبيان ديوان الرئاسة الفرنسية عقب اجتماع طارئ بين الرئيس ساركوزي ورؤساء البنوك وشركات التأمين الفرنسية أمس الثلاثاء.
وأعلنت الحكومة الأيرلندية يوم أمس ضمان جميع ودائع البنوك في محاولة لتحسين حصول القطاع على الأموال الدولية المجمدة بسبب أزمة الائتمان العالمية. ويشمل التعهد ما يصل إلى 400 مليار يورو من الودائع؛ أي أكثر من مثلي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وتتنافس البنوك البريطانية مع البنوك الايرلندية سواء في بريطانيا أو ايرلندا، لكن الأولى أبدت قلقها من أنها قد تفقد قدرتها التنافسية لصالح البنوك الايرلندية التي تتمتع بضمان كامل للودائع. هذا الأمر دفع برئيس الوزراء البريطاني جوردون براون اليوم الأربعاء إلى دعوة ايرلندا إلى أن تدرس جيدا ما إذا كان قرارها بضمان جميع الودائع في البنوك الايرلندية لا يتعارض مع قوانين حماية المنافسة في الاتحاد الأوروبي.
....وخطط إنقاذية بالمليارات
تبنت خمس دول أوروبية حتى الآن خطط إنقاذ لبنوك ومؤسسات مهددة بالإفلاس بلغت قيمتها مائة مليار دولار خلال يومين فقط. وكانت الحكومة الفرنسية قد انضمت قبل ذلك إلى بلجيكا ولوكسمبورج في جهود إنقاذ مجموعة (ديكسيا) الفرنسية البلجيكية للخدمات المالية بعد تهاوت أسهمها، إذ تم الاتفاق بين حكومات الدول الثلاث على ضخ 6.4 مليار يورو في (ديكسيا)، كإجراء "ضروري لم يكن هناك مفر منه لضمان استقرار النظام المالي بأكمله"، وفقا لتصريحات وزير المالية الفرنسي كريستين لاجارد.
وفي إطار سلسلة الجهود الأوروبية للحد من انتشار عدوى الأزمة المالية الأمريكية تم تأميم بنك "برادفورد اند بينغلي" البريطاني وتصفيته في 29 أيلول/ سبتمبر، وهو المؤسسة المالية البريطانية الرابعة التي تفقد استقلاليتها منذ بداية أزمة القروض الدولية. وقالت الحكومة البريطانية إنها اشترت محفظة الرهون العقارية للبنك، والتي تبلغ قيمتها 50 مليار جنيه إسترليني (89 مليار دولار) وبيع ودائعه وفروعه لبنك سانتاندر الاسباني.
أكبر عملية إنقاذ لبنك أوروبي
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع تحركت حكومات بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج لاتخاذ إجراءات تأميم جزئي (49 في المائة) لمجموعة فورتيز إن.في البلجيكية الهولندية بضخ 11.2 مليار فيها، وتعد هذه اكبر عملية إنقاذ لبنك أوروبي منذ بدء أزمة الائتمان.
ومن جانبها سارعت الحكومة الألمانية والبنوك التجارية في البلاد إلى تبني خطة لإنقاذ بنك هايبو ريال ايستيت للتمويل بقيمة 35 مليار يورو. وتساهم الحكومة الألمانية في هذه الخطة بمبلغ 26.6 مليار يورو في شكل ضمانات. وأعتبر وزير المالية الألماني هذه الخطوة لإنقاذ ثاني شركة عقارية في البلاد بمثابة خطوة حيوية من أجل ضمان استقرار النظام المصرفي الألماني.