أولمبياد 2036.. هل مصر قادرة على كسب رهان التنظيم؟
١٨ يناير ٢٠٢٢لم يسبق للقارة الأفريقية أن نالت شرف تنظيم الألعاب الأولمبية. فهذه التظاهرة العالمية والتي بدأ تنظيمها منذ 1896 في أثينا لم تحط الرحال بأم القارات وهو ما جعل رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ يعبر عن رغبته في إقامة الألعاب الأولمبية مستقبلا في بلد أفريقي.
باخ أكد ذلك بالقول: "عندما تسلمت مهامي كنت أحلم بأن يتم تنظيم دورة للألعاب الأولمبية خلال فترة ولايتي في بلد إفريقي.. وأتمنى أن يتم ذلك في 2036 أو 2040..".
ويبدو أن مصر التي تتمتع بثقل كبير على الصعيدين الأفريقي والعربي جادة في الاستفادة من دعم الرجل الأقوى في اللجنة الأولمبية الدولية لإقامة دورة أولمبية مستقبلية في القارة الأفريقية.
فقد كشف وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي، عن نية مصر التقدم بطلب رسمي لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية المقررة في 2036. وقال صبحي في تصريحات لوسائل الإعلام: إن مصر ممثلة في وزارة الشباب والرياضية وجميع الجهات المختصة "تعكف حاليا على تجهيز ملف شامل في هذا الشأن لتقديمه مرفقا بالطلب المزمع إلى اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية".
وسبق للوزير أشرف صبحي بعد فترة قصيرة من توليه منصبه عام 2018 قد عبر عن رغبته في تنظيم مصر لمونديال 2030 وللألعاب الأولمبية 2032. وإذا كانت حظوظ تنظيم مونديال 2030 لا تزال قائمة إذ لم يتم تحديد البلد المضيف للبطولة بعد، فإن تنظيم أولمبياد 2032 قد تم منحها لمدينة بريسبان (بريزبان) الأسترالية ما يجعل آمال مصر معلقة على دورة 2036.
لكن يبقى التساؤل هنا عن مدى جدية وواقعية الطموح المصري في الظفر بتنظيم الأولمبياد!
رغبة جادة ودعم أفريقي
يرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بأن الاقتصاد المصري سيصبح من الاقتصادات الرائدة بالشرق الأوسط بحلول 2030 وهو ما يجعل مصر في وضع يسمح لها باستقبال التظاهرات الكبرى من حجم الأولمبياد.
ويضيف صادق في حوار مع DW "إعلان مصر نيتها الترشح لاستضافة الأولمبياد ليس مجرد ترويج إعلامي مثلما ما قد يظن البعض وإنما هي رغبة جادة. فإذا كانت قطر كدولة عربية نجحت في استضافة مونديال كرة القدم فما الذي يمنع مصر وهي دولة عريقة وتشهد نمو ا مستمر في اقتصادها في استضافة الأولمبياد؟".
تاريخيا سبق لمصر أن تقدمت أربع مرات لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية في 1916 و1936 و1940 و2008 لكنها لم تفلح في ذلك، بيد أن الحظوظ حاليا باتت أقوى من أي وقت مضى لإسناد تنظيم الأولمبياد لبلد أفريقي، كما تؤكد كاميلا سوارت، الخبيرة في تنظيم التظاهرات الكبرى.
وتقول الجنوب أفريقية، التي شاركت في إعداد ملف احتضان جنوب إفريقيا لمونديال 2010 "قواعد اللعبة تغيرت من خلال أجندة 2020 التي اعتمدتها اللجنة الأولمبية الدولية". وتضيف سوارت في حوار مع DW "صحيح أن مبدأ تكافؤ الفرص لا يتم تطبيقه بشكل كامل، لكن رغم ذلك فإن القواعد تغيرت بطريقة تجعل من المرجح أن تنجح مدينة أفريقية في احتضان البطولة ".
ويحظى ملف ترشيح مصر لاستضافة أولمبياد 2036 بدعم اتحاد اللجان الأولمبية الأفريقية "أنوكا" التي تعهدت بالدفاع عن الملف المصري أمام اللجنة الأولمبية الدولية.
وتملك مصر بينات تحتية قوية خاصة على الصعيد الرياضي سمحت لها بتنظيم تظاهرات رياضية كبيرة آخرها بطولة العالم لكرة اليد 2021 وقبلها بطولة أمم أفريقيا 2019. وتم تعزيز هذه البينات بالعاصمة الإدارية الجديدة التي شيدت على بعد 50 كليومترا شرق القاهرة تحت إشراف شركة بناء صينية.
وتقدر كلفة بناء هذه المدينة بحوالي 45 مليار يورو ويتوقع أن يسكنها أكثر من ستة ملايين شخص. وتضم العاصمة الإدارية الجديدة "مدينة مصر الأولمبية". ويتوقع أن يتم فيها افتتاح ملعب يتسع لأكثر من 90 ألف متفرج مما سيجعله مسرحا للألعاب الأولمبية 2036 إذا نجحت مصر في استضافة ذلك.
مخاوف حقوق الإنسان
وإذا كان هناك إجماع رسمي على استثمار مصر في احتضان تظاهرات عالمية من قبل الأولمبياد، قد نجد أصواتا من بعض المصريين تشكك في جدوى هذه الاستثمارات الضخمة التي تكلف البلد المليارات من الدولارات ومدى استفادة المواطن العادي من ذلك.
وفي هذا الصدد يوضح الخبير في علم الاجتماع السياسي سعيد صادق بالقول "من الطبيعي أنك ستجد بعض الناس يعترضون على دفع مبالغ ضخمة والاستثمار لإعداد ملاعب لاستضافة الألعاب الأولمبية. لكن يبدو أن الحكومة المصرية قررت أن تستثمر في هذا المجال لأنه يمنحها فرصة للترويج لنفسها".
ويضيف صادق "الدول التي تستضيف الأولمبياد أو المونديال تكسب سياحيا واقتصاديا. فقطاع السياحة في مصر يشغل نسبة كبيرة من المصريين كما أن قطاع الأعمال والبناء سيستفيد كثيرا من هذا المشروع".
العائق الذي يمكن أن يقف أمام ملف احتضان مصر لأولمبياد 2036 هو وضع حقوق الإنسان بالبلد. فحسب منظمات حقوقية مثل هيومان رايتس ووتش أو منظمة العفو الدولية فإن أوضاع حقوق الإنسان في مصر عرفت تراجعا مستمرا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وحول تأثير ذلك على الملف المصري تقول الباحثة في الشؤون الرياضية سوارت أرييس "عندما أتحدث عن التحديات المتعلقة بمصر، تتبادر إلى الذهن مخاوف حقوق الإنسان، لكن من ناحية أخرى ما يهمني هو رؤية الجانب الإيجابي في هذه الألعاب وكيفية استخدامها كفرصة لمعالجة المشكلات وتصحيح الأمور."
هشام الدريوش/ شتيفان نيستلر