أول عيد بعد ثورة الياسمين: فرحة تونسية مشوبة بالخوف
٣١ أغسطس ٢٠١١استقبل التونسيون عيد الفطر بطقوسهم الاحتفالية التي دأبوا على إحيائها منذ سنوات رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد جرّاء تداعيات ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ودفعته إلى الهروب للسعودية. وكالمعتاد دلّلت العائلات أبناءها بجديد الملابس والألعاب وتفنّنت النسوة في إعداد حلويات العيد لتقديمها للضيوف أو لتبادلها مع الأهل والجيران. كما حافظ الأطفال الأشقياء على عادة فرقعة "الفوشيك" (الألعاب النارية)، إذ تعالى كامل يوم العيد دويها في مختلف أنحاء البلاد.
ورغم فرحة العيد لم يخف عدد من التونسيين، اللذين استطلعت دويتشه فيله، آراؤهم خوفهم وقلقهم من المستقبل بسبب استمرار المصاعب الاقتصادية والتهديدات الأمنية وعدم وضوح الرؤية السياسية في البلاد.
اقتصاد منهك
سالم (43 عاماً)، تاجر وأب لطفلين، عبر عن انشغاله الكبير بسبب تردي الوضع الاقتصادي في البلاد. وقال لدويتشه فيله: "أخشى أن يزداد الطين بلة، إن استمر ارتفاع الأسعار وتواصلت الاعتصامات والإضرابات العمّالية وقطع الطرقات واستفحلت أزمة السياحة". وأعلنت الحكومة مؤخرا أن الاقتصاد التونسي لن يحقق نمواً سنة 2011 بسبب تضرّر قطاع السياحة وتقلّص الاستثمارات الأجنبية وتراجع الصادرات وارتفاع الإضرابات العمالية. ويعني ذلك أن اقتصاد البلاد لن يكون قادراً على توفير وظائف للعاطلين الذين ارتفع عددهم بعد الثورة من 500 إلى 700 ألف، بينهم 170 ألفاً من خريجي الجامعات.
القذافي "خطر على أمن تونس"
الموظفة منية (32 عاماً)، عبرت عن قلقها من "الخطر الذي يمثله معمر القذافي على أمن تونس". وقالت لدويتشه فيله "أرجو أن يتمكن الثوار من إلقاء القبض عليه مع أبنائه أو قتلهم جميعاً ليزول خطرهم على ليبيا وتونس". وذكرت باعتقال السلطات التونسية خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان لضابط بالجيش الليبي أرسله نظام القذافي لتنفيذ أعمال "إرهابية" في تونس.
وكان ضابط آخر، كلفه القذافي بتفجير سفارة دولة عربية في تونس، كشف في وقت سابق للسلطات التونسية عن مخطط عملية التفجير التي عدل عن تنفيذها في آخر لحظة. وسلم هذا الضابط الجيش التونسي أكثر من 16 كيلوغراماً من المتفجرات، ادخلها معه عبر الحدود البرية بين تونس وليبيا لاستعمالها في تنفيذ التفجير. ويثير تهريب أسلحة من ليبيا إلى تونس قلق كثير من التونسيين، اللذين يخشون أن تقع هذه الأسلحة في أيدي تنظيمات متطرفة قد تستعملها لتنفيذ عمليات "إرهابية" في تونس.
"إحباط من السياسية"
"لقد أصبت بالإحباط من الحكومة والسياسيين وأعتقد أنهم يعملون الآن عن قصد أو عن غير قصد ضد مصلحة البلاد"، هكذا عبّر الطالب الجامعي وليد (24 عاماً) عن موقفه من الراهن السياسي في بلاده. وأضاف في تصريح لدويتشه فيله: "هذا الإحباط له ما يبرّره فتراخي الحكومة في ملاحقة رموز الفساد وتسهيلها هروب بعضهم إلى الخارج وفضائح الفساد التي تم الكشف عنها مؤخراً في جهازي القضاء والمحاماة والترخيص لرموز من نظام بن علي بتأسيس أحزاب سياسية وبروز تيارات إسلامية متطرفة كلها أمور لا تبشّر بخير".
هل يأتي الفرج من ليبيا؟
استقبل التونسيون سقوط نظام معمر القذافي بفرحة عارمة. ويتوقع اقتصاديون أن يحمل استتباب الأمن في ليبيا واستعادة الاستقرار في هذا البلد "الفرج" إلى تونس التي ترتبط مع الجماهرية بحدود برية مشتركة تمتد على طول 460 كيلومتراً وبمصالح اقتصادية وثيقة. محمد (24 عاماً) العاطل عن العمل والذي لا يحمل أي مؤهلات علمية، استغل يوم العيد لبيع السندويتشات أمام مدينة للألعاب شمال العاصمة تونس. وقال الشاب لدويتشه فيله: "قرأت مؤخراً في الجرائد أن إعادة إعمار ليبيا يمكن أن توفر وظائف لحوالي 200 ألف تونسي، وقد قررت السفر للعمل في ليبيا فور استقرار الأوضاع هناك". أما البائع المتجول عبد الله الذي التحف بالعلم الليبي فقال: "عندما تصبح ليبيا بخير ستكون تونس بخير بطبيعة الحال".
منير السويسي- تونس
مراجعة: عماد غانم