أزمة الطاقة تهيمن على قمة السبع ونشطاء البيئة لا ينتظرون!
٢٦ يونيو ٢٠٢٢منذ لحظة الوصول إلى محطة قطار ميونيخ تظهر شدة الإجراءات الأمنية، حيث أعداد غير مسبوقة من رجال الشرطة وسياراتهم المصفحة. وفي الطريق إلى بلدة غارميش بارتنكيرشن على متن قطار يسير بهدوء يتناسب مع طبيعة المكان الرائع، ولا أثر للقلق المخيم على ولاية بافاريا التي تعقد فيها قمة الدول الصناعية السبع.
لكن مع كل محطة يزداد عدد رجال الشرطة الذين يتفحصون الوجوه ولا يسألون إلا نادرا عن الهويات. مع الوصول إلى البلدة السياحية الوادعة القابعة أسفل قمة جبل شاهق تبدو وكأنها قد تحولت إلى ثكنة عسكرية، حيث ينتشر رجال الشرطة في كل مكان، وفوق مرج أخضر تستريح طائرات مروحية في انتظار الإقلاع مجددا لنقل الضيوف.
قادة سبع دول صناعية كبيرة يجتمعون في قصر إلماو، البافاري. دول كبيرة صناعيا لكنها ليست الأكبر، فلا الصين حاضرة ولا روسيا التي علقت عضويتها منذ عام 2014. فالقمة لسبع دول صناعية كبيرة ديمقراطية، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا واليابان وألمانيا المستضيفة للقمة.
ضيوف من خارج المجموعة
الهند وإندونيسيا والأرجنتين والسنغال وجنوب أفريقيا، دول ذات وزن اقتصادي وقاري، تدور في فضاء الديمقراطية رغم الانتقادات الموجهة لبعضها من قبل منظمات تراقب مستوى الديمقراطية في العالم. ونظرا لوزنها الاقتصادي والسياسي والقاري، تبدو الدول السبع بحاجة إلى دعمها خصوصا فيما يتعلق بالعقوبات الغربية علىروسيا التي تخوض حربا على أوكرانيا. لكن الهند أكبر ديمقراطية في العالم مازالت تحافظ على علاقاتها الطيبة مع روسيا، بل زادت من حجم تبادلها التجاري معها وشراء كميات أكبر من النفط الروسي بأسعار رخيصة.
أما إندونيسيا أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان، فإنها ديمقراطية في مرحلة نمو اقتصادي وصناعي وهي أحد النمور الآسيوية، علاقاتها أيضا جيدة مع روسيا ولا تمانع حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمة العشرين المزمع عقدها في جاكرتا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، كما دعا الرئيس الإندونيسي نظيره الأوكراني لحضور القمة. ورغم أن دعوة بوتين قد تتسبب بمقاطعة غربية، إلا أن جاكرتا رفضت الضغوط الأمريكية وأصرت على موقفها المحايد. فهل يستطيع قادة مجموعة السبع إقناع نظرائهم من تلك الدول بالانضمام إليها ودعم عقوباتها على روسيا أم سيفضل هؤلاء مصالح دولهم وعلاقاتهم مع موسكو على كسب ود السبعة الكبار؟
متلازمة الاقتصاد والمناخ
هذا وكانت أجندة القمة تركز في الأساس على الحفاظ على البيئة ومكافحة التغير المناخي، إلا أن حرب أوكرانيا قلبت الموازين الجيوسياسية والاقتصادية وحتى البيئية. فتغيرت أجندة القمة وأولوياتها وتراجعت مسألة الحفاظ على البيئة تحت ضغط أزمة الطاقة والتضخموملامح الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق؛ والخوف من انتشار الفقر أكثر، ما قد يهدد أنظمة ودولا لم تتعاف بعد من جائحة كورونا.
تحديات كبيرة تريد دول المجموعة مواجهتها وإيجاد حلول مشتركة لها، وهو ما أكده المستشار الألماني أولاف شولتس في بداية القمة بقوله "توحدنا نظرتنا إلى العالم، ويوحدنا الإيمان بالديمقراطية وسيادة القانون". وأضاف شولتس "نحن نعرف أن هناك شيئا ما يتعين فعله" مشيرا إلى أن مجموعة السبع "جماعة جيدة بشكل يؤهلها لإعداد ردود مشتركة على تحديات عصرنا".
إلا أن نشطاء البيئة لا يريدون الانتظار وتأجيل قضية البيئة ومواجهة تغيرات المناخ، حتى في ظل أزمة الطاقة الحالية. وفي هذا السياق يقول كارستن سميث خبير الطاقة والبيئة في منظمة السلام الأخضر لـ DW عربية: "نطالب الدول الصناعية السبع الكبرى بالتوقف عن استعمال الوقود الأحفوري حالا والاستثمار في الطاقة المستدامة".
ولدى سؤاله عن سبب مطالبة هذه الدول فقط وليس الصين أكبر مشتر للوقود الأحفوري، ولا روسيا من أكبر مصدري الغاز والنفط ، أجاب بأن هذه الدول السبع تتحمل مسؤولية تاريخية؛ وأضاف "لو ألقينا نظرة على معدلات انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون سنرى أن النسبة الأكبر مصدرها الدول الصناعية السبع، لكن يجب أيضا ربط الصين والهند، أكبر بلدين من حيث عدد السكان في اتفاقيات تلزمها بتغيير سياساتها تجاه الطاقة".
عباس الخشالي