أوكرانيا ـ طلاب دول عربية يستغيثون وسط مخاوف من نشوب الحرب
١٨ فبراير ٢٠٢٢يبلغ عدد الطلاب الأجانب في أوكرانيا 75 ألفا و 605 طالباً من مختلف الجنسيات، بينهم 8233 طالبا مغربياً حسب إحصائيات سنة 2021 التي نشرتها مجلة collegenews، وبذلك يحتلون المركز الثاني في ترتيب الجنسيات الأجنبية الوافدة على البلاد للدراسة بعد الهنود.
محمد سعد الطليكي، طالب هندسة مدنية بجامعة أوديسا الوطنية في سنته الختامية، من بين الطلاب الذين قرروا مغادرة البلد فور نشر سِفَارة بلده المغرب بمدينة كييف، بلاغاً رسميا يحث المواطنين المغاربة على مغادرة أوكرانيا والعودة لوطنهم حفاظا على سلامتهم. كما نصحت السفارة المغربية مواطنيها بعدم السفر إلى أوكرانيا خوفًا من غزو روسي وشيك وتدهور الحالة الأمنية حينذاك.
محمد سعد المتواجد حالياً بمطار تركي يستعد لمغادرته نحو المغرب، استطاع مغادرة أوكرانيا لتوفره على جواز التطعيم ضد كورونا. يقول في حديث لمهاجر نيوز "قررت العودة لأني لا أريد أن أكون ضحية الحرب بين البلدين، لكني لا أدري ماهو مصيري فيما يتعلق بالدراسة. أنا في السنة الأخيرة وعلي إنجاز بحث التخرج وعرضه على اللجنة، نأمل أن يمنحونا الحق باستكمال ما تبقى لنا في مسارنا العلمي عبر خاصية الأونلاين".
جامعات تُنكِر فرضية الحرب وتهدد المتغيبين بالطرد
اختار العديد من الطلاب المنحدرين من دول نصحت مواطنيها بمغادرة أوكرانيا مثل ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة والمغرب وغيرها بمغادرة أوكرانيا خوفا على سلامتهم. بالمقابل، اختارت بعض الجامعات الأوكرانية التصدي لمغادرة طلابها بتكذيب كل الشائعات حول الغزو الروسي المحتمل، وأيضا بتحميل الطلاب مسؤولية قرار مغادرة أوكرانيا. يقول محمد سعد "هناك جامعات هددت الطلاب بالطرد في حال تغيبهم عن الدروس ومغادرة البلاد".
عماد، طالب مصري تستقر عائلته في الكويت، يتواجد بمدينة أوديسا الأوكرانية منذ 5 سنوات، قدم إليها لدراسة الطب في جامعتها الوطنية. لا يستطيع حاليا مغادرة أوكرانيا نحو بلد إقامة أسرته الكويت، لأنه لا يتوفر على جواز التطعيم رغم تلقيه جرعتين. يقول في تصريح لمهاجر نيوز "إلى الآن لا يوجد إعلان عن حالة حرب، والجامعة تهددنا بالطرد إن غادرنا، ولم يقبل المسؤولون داخل الجامعة بحل التعليم عن أونلاين، نحن في وضع صعب".
يخاف عماد مثل باقي الطلاب في حالة الحرب من الانفلات الأمني، يقول "حينها لن نسلم من مختلف أنواع الأذى، الوضع حاليا ليس مستنفراً كليا داخل أوكرانيا، لكن هناك حالة خوف وفراغ غريب بالشوارع، وهو ما يخلق الرعب فينا". إضافة لذلك، أكد المتحدثان أن الوضع على الحدود الأوكرانية الروسية حسب التقارير الإعلامية، فيه تأهب واضح وهو ما يزيد من مخاوفهم.
كورونا والتطعيم.. يقفان حاجزا أمام مغادرة أوكرانيا
إجراءات التطعيم ضد كورونا في أوكرانيا معقدة نسبياً بالنسبة للأجانب حسب ما يروي الطالب المغربي محمد سعد، يقول "للحصول على الجرعات بدون مقابل مادي، أولا يجب تحضير ملف وتقديمه لمكتب الضرائب والحصول على رقم ضريبي، بعدها يمكن الحصول على التطعيم". لكن هذا ليس المشكل الوحيد هنا بأوكرانيا، بل واجه الطلبة المهاجرون مشاكل من نوع آخر، مثل ما حصل في جامعة أوديسا الوطنية، حيث تم تطعيم الطلبة بجرعتين لكنهم لم يحصلوا على الجواز لأسباب وأخطاء إدارية.
من بينهم عماد، الذي قال "المشكلة أننا حصلنا على جرعتين من التطعيم ضد كورونا داخل الجامعة، لكننا لم نتوصل بوثائق تؤكد ذلك خلال جرعة التطعيم الأولى، ولم يتم تسجيلنا لدى وزارة الصحة". بعد الجرعة الثانية حصل الطلاب على وثيقة تثبت ذلك، لكنهم منعوا من الحصول على جواز التطعيم لأن لا إثباث لديهم على تلقي الجرعة الأولى.
الكويت من بين الدول التي تشترط جواز التطعيم من أجل الدخول إلى أراضيها، لذلك لا يمكن لعماد المغادرة نحوها. أما عن بلده الأصلي مصر، فيحكي أنه بعد تواصله مع السفارة، أكد له مسؤول بها أنه حين حدوث الحرب فعلا فقط ستكون هناك مجهودات للإجلاء وليس قبل ذلك".
وبخصوص المغرب، فأكد محمد سعد أن "السفارة تتواصل مع المواطنين المغاربة من أجل الإخبار، لكن يجب أن تتخذ إجراءات أخرى أكثر فعالية". وتسائل الطالب عن مصير المئات من المغاربة غير الملقحين ضد فيروس كورونا، لأن المغرب يشترط ثلاث جرعات إضافة لاختبار PCR لدخول المغاربة لأرض الوطن. وأكد "يوم أمس بمطار أوديسا، منع الكثير من الطلاب المغاربة من ركوب الطائرات لعدم توفرهم على جواز التطعيم، إضافة إلى الطلاب الذين توجهوا نحو تركيا، لم يتمكنوا إلى الآن من مغادرتها".
ووجه الطالب المغربي نداء لوزارة الخارجية، من أجل إيجاد حل للطلبة المغاربة المتواجدين بأوكرانيا قائلا: "الوضع صعب وهناك معاناة نفسية وضغط كبير عليهم وعلى عائلاتهم التي لا تعرف كيف تنقذهم في حالة الحرب".
و أكد المتحدث أنه قد علم قبل ساعات من مسؤول في السفارة المغربية، أنه ستكون هناك مراسلات للوزارات الأوكرانية الثلاث المسؤولة عن الموضوع: الخارجية والتعليم والصحة من أجل تسريع وتيرة إيجاد حل للعالقين. وفي الصدد نفسه، أعلنت الخطوط الملكية للطيران بالمغرب عن رحلة استثنائية من كييف نحو المغرب اليوم الثلاثاء (15 شباط/فبراير). كما علم مهاجر نيوز من بعض الطلاب المغاربة بأوكرانيا أمس ليلاً، أن السلطات المغربية قد سمحت لشركات الطيران بجلب الطلاب إلى أرض الوطن باختبار PCR سلبي فقط، دون حاجة لإثبات الحصول على جرعات التطعيم الثلاثة.
ما يزيد من تخوف الطلاب الأجانب في هذه الظروف، أن المواطنين الأوكرانيين والأوروبيين يمكنهم مغادرة البلاد في حالة الحرب بوسائل نقل مختلفة نحو البلدان المجاورة، بينما لن يتمكن الطلاب الأجانب هم من العودة لأوطانهم إلا عبر الطائرات. يقول محمد سعد "لا يمكننا الانتظار أكثر مثلهم، فخلال التوتر الأمني غالباً ما يتم غلق المطارات، لذلك إن لم تُسَرع الإجراءات، سيبقى الطلاب الأجانب محتجزين في وضعية خطيرة".
ماجدة بوعزة ـ مهاجر نيوز