أوضاع مغايري الجنس في ألمانيا
١٧ مايو ٢٠١٤هل أنا رجل أم مرأة؟ طرحت ليزا زيفريد من مدينة إرلانغن هذا السؤال على نفسها في وقت مبكر من عمرها. فرغم أن الأمر واضح في داخلها، إلا أن مظهرها لا يناسب شعورها، إذ أن ليزا زيفريد ترعرعت كرجل، كما هو مذكور في شهادة ميلادها. ولم تجرؤ إلا بعد عيد ميلادها الخامس والأربعين على الاعتراف بأنها تشعر بأنها امرأة. ورغم أن الناس في محيطها ردوا على ذلك بقبوله، كما تقول ليزا زيفريد في حديث مع DW، إلا أن ذلك لا ينطبق على جميع مغايري الجنس في ألمانيا. فيغدو طريق المعنيين إلى هويتهم الجنسية الخاصة بهم صعباً.
يشعر مغايرو الجنس بهويتهم الجنسية بصورة تختلف عما تنص عليه أوراق إثبات شخصيتهم، إذ أنهم أشخاص يشعرون بأنهم ولدوا في جسم لا يناسبهم. ولا يستطيعون قبول خصائصهم الجنسية. ولا توجد إحصائيات دقيقة بشأن عدد مغايري الجنس في ألمانيا. وتقدِّر باتريتسيا ميتسر من جمعية مغايرة الهوية الجنسية عدد مغايري الجنس في ألمانيا بما يتراوح بين 20 ألفا و80 ألف شخص. "فمغايرو الجنس ليسوا ملحوظين إلا إذا أظهروا أنهم يحسون بأن جنسهم لا يناسب مظهرهم وكيفوا مظهرهم مع باطنهم"، كما تقول ميتسر.
قانون خاص بمغايري الجنس
فالذي يريد منهم إظهار هويته أمام الآخرين، يتم تطبيق قانون شؤون مغايري الجنس عليه. وينص هذا القانون على ما هو ضروري قبل أن يصبح الرجل امرأة أو أن تصبح المرأة رجلا. ورغم أن القانون كان قد صدر في مستهل الثمانينات من القرن الماضي، إلا أنه لم يبقَ كثير منه، فعدة مرات تم رفع شكاوى ضده إلى المحكمة الدستورية الاتحادية. وينطبق ذلك مثلا على حكم قانوني ينص على ضرورة تغيير الجنس في عملية جراحية، إلا أن المحكمة الدستورية الاتحادية ألغت هذا الحكم عام 2011. وعلاوة على ذلك ألغت المحكمة حكما في القانون، ينص على أنه من الضروري أن يتم طلاق زوجين إذا أراد أحدهما تغيير جنسه.
ورغم ذلك، فإن انتقاد القانون مستمر، فالكثيرون يرون أن مثل هذا القانون لا يناسب وقتنا الحاضر وأنه لا يليق بكرامة الإنسان. "كان الأمر سيصبح أسهل لو أتيحت للمعنيين الفرصة بالتوجه إلى السلطات المختصة ليطلبوا منها ببساطة تعديل أوراق إثبات شخصياتهم"، كما تقول باتريتسيا ميتسر.
شهادات سيكولوجية مثيرة للجدل
إلا أن هذا لا يمكن حتى الآن. فالذي يريد تغيير هويته الجنسية يجب عليه أن يعرض نفسه لاستجوابات كثيرة لطرح تقريرين سيكولوجيين بعدها على السلطات المختصة. إلا أن الكثيرين يرون في ذلك نوعا من التمييز لأن المعنيين مجبرون على تبرير كونهم رجلا أم امرأة. ولم تكن ليزا زيفريد أيضا في حاجة إلى مثل هذا الإجراء السيكولوجي، إذ أنها كانت متأكدة مما تريده. من جهة أخرى، فإنها تعرف جيدا أن الكثير من مغايري الجنس تعانون من مشاكل كبيرة. ففي حالات كثيرة تشعر زوجة المعني بالغربة، ولا يفهم أطفاله لماذا تحول أبوهم إلى امرأة فجأة. وفي مكان عمله يتخذ زملاؤه موقفا رافضا منه.
ولذلك يقول السيكولوجي برنهارد بروير إن نص القانون على مرافقة سيكولوجية مبرر. ويضيف: " لا يأتي المعنيون إليَّ فقط للحصول على شهادة، وإنما لأنهم يريدون حل المشاكل التي يواجهونها، فكيف يمكن لهم أن يقولوا الحقيقة لأفراد أسرتهم وزملائهم؟ وكيف يمكن لهم أن يواجهوا إهانات محتملة بهذا الشأن؟
الخوف من قول الحقيقة
هناك دراسة توضح أن تسامح الألمان تجاه المثليين يتزايد. إلا أن ذلك ليس إشارة إلى مدى تسامحهم تجاه مغايري الجنس. فالتسامح دائما تعبير عن موقف شخص بشكل عام، كما تقول براتريتسيا ميتسر، مشيرة إلى أنها تعرف أن أصحاب عمل المعنيين وزملاءهم ردوا في حالات كثيرة ردا إيجابية على الحقيقة، إلا أن هناك حالات من الاستحقار الشديد أيضا. "تم نقل عامل في مصرف كبير في ألمانيا إلى مكان في قبو المصرف لوضع حد لعلاقاته المباشرة بزبائن المصرف"، كما تضيف باتريتسيا ميتسر، مشيرة إلى أنه يمكن للعامل بطبيعة الحال رفع شكوى إلى المحكمة المختصة، إلا أن ذلك أيضا لن يدفع صاحب العمل إلى التسامح، إذ لا يوجد رهاب المثليين فقط، وإنما رهاب مغايريي الجنس أيضا.
ويؤدي خوف مغايري الجنس من الحرمان من أسرتهم وأوساط أصدقائهم والمجتمع بأسره إلى تعرضهم إلى ضغوط شديدة. و"يجبرهم هذا الخوف على التمثيل المستمر"، كما تقول ليزا زيفريد، مشيرة إلى أنها قررت في نهاية المطاف وضع حد لوضعها السابق الذي مثلت في ظله رجلا، رغم أنها شعرت في داخلها غير ذلك. ولذلك قررت تكييف مظهرها على ما في داخلها. وعليه فقد صار مصممُ الإلكترونيات مصممةَ إلكترونيات. "لم أفقد أي زبون"، كما تقول ليزا زيفريد. وافتخارها بذلك ملحوظ.