أوروبا وغياب الحل السياسي لاندماج الغجر
١٨ أبريل ٢٠١٣سبق لدول جنوب شرق أوروبا أن اعتمدت في عام 2005 برنامج عمل بدعم من صندوق النقد الدولي يرمي إلى تحسين الظروف المعيشية للغجر حتى لا يكونوا مجبرين على الترحال بحثا عن ظروف عيش أفضل. غير أن الخطوات التي اتُخذت في إطار البرنامج لم تنجح، بل إن الأزمة المالية عمقت الفوارق الاجتماعية داخل أوروبا. كما أن بلدانا مثل رومانيا وبلغاريا لا تزال تعاني من تبعات الحكم الشيوعي المنهار الذي خلف تشوهات اجتماعية كبيرة، إذ أن الفوارق بين الأغنياء والفقراء تعمقت لينعكس ذلك بشكل كبير على فئات المجتمع الضعيفة مثل الغجر الذين يواجهون في آن واحد عنصرية كبيرة تجاههم.
وعلى هذا الأساس فإنه لا غرابة في استغلال الغجر كل إمكانية متاحة لتحسين أوضاعهم المعيشية واختيار درب الهجرة بمئات الآلاف إلى ألمانيا أو إلى بلدان أوروبية أخرى.
غياب الإرادة السياسية لاندماج المهاجرين الغجر
منذ انضمام رومانيا وبلغاريا في عام 2007 إلى الاتحاد الأوروبي تضاعف عدد الغجر المهاجرين إلى ألمانيا حيث تواجه بلديات المدن في دورتموند وبرلين أو مانهايم مثلا صعوبات كبيرة في إدماج هؤلاء المهاجرين الذين تنهك المساعدات المقدمة لهم صناديق أنظمة الرعاية الاجتماعية. كما أن نمط عيش الغجر يثير في كثير من الأحيان غضب المواطنين الألمان الذين يرون فيهم عبئا اجتماعيا إضافيا يزعزع السلم الاجتماعي. وقد أعلن وزير الداخلية الألماني، هانس بيتر فريدريش أنه لن يتواني عن إبعاد كل من يـأتي إلى ألمانيا فقط من أجل تلقي مساعدات اجتماعية. لكن البعض يعتبر أن الوزير الألماني غير جاد في سياسته، وأن تصريحاته لها أبعاد شعبوية فقط. وهذا ما أكدته أيضا باربارا لوخبيلر، رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي حين قالت :" الوزير لم يقل إنه وجب عليه أن يعلم منذ 2007 أنه مع انضمام بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد الأوروبي سيأتي إلينا أناس فقراء غالبيتهم من الغجر. وهو لم يكشف أيضا لماذا رفضت الحكومة الألمانية تبني برنامج عمل وطني طالب به الاتحاد الأوروبي الذي قدم مساعدات مالية في إطار إستراتيجية اندماج الغجر..".
تجدر الإشارة إلى أن هناك أعدادا كبيرة من أبناء الغجر مندمجة بشكل جيد في ألمانيا تم إغفالها بسبب التدفق الكبير للغجر من أوروبا الشرقية نحو ألمانيا وغيرها من البلدان الأوروبية الغربية الأخرى. ويعيش في أوروبا ما بين عشرة إلى اثني عشر مليون من الغجر يعانون في غالب الأحيان من التهميش داخل أوطانهم الأصلية.
وأمام الارتفاع الكبير للمهاجرين الغجر إلى ألمانيا، طالبت هذه الأخيرة البرلمان الأوروبي بإمكانية إلزام مواطني دول البلقان بالحصول على تأشيرة دخول للاتحاد الأوروبي. ووافق أعضاء اللجنة المعنية في البرلمان الأوروبي في إطار تصويت داخل اللجنة على حق تجميد دول الاتحاد الأوروبي دخول مواطني دول من خارج الاتحاد مثل دول البلقان كصربيا ومقدونيا لفترة محددة.
الحل يكمن في تضافر الجهود الأوروبية
وفي ضوء تزايد أعداد اللاجئين في عدد من دول الاتحاد الأوروبي طالبت ست دول من الاتحاد على رأسها ألمانيا وفرنسا بأن تعطى الحق في اعتماد استثناءات وقت الحاجة حتى تستطيع فرض الحصول على تأشيرة على الأشخاص القادمين من الدول غير الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.
وحسب القرار الذي توصلت إليه اللجنة المعنية داخل الاتحاد الأوروبي، فإن من حق دول الاتحاد إلغاء الدخول بدون تأشيرة "عندما يوجد ارتفاع جوهري ومفاجئ" في أعداد المهاجرين غير الشرعيين أو عندما يوجد تزايد في الطلبات غير المبررة للحصول على اللجوء "على أن يكون ذلك هو آخر مخرج" تلجأ إليه دول الاتحاد الأوروبي.
وغالبا ما يكون الغجر هم أكثر طالبي الحصول على لجوء في دول الاتحاد الأوروبي التي تعتبر هؤلاء لاجئين اقتصاديين لا يتعرضون لملاحقة سياسية في بلادهم، ولذلك فإن السلطات الألمانية ترفض في الغالب طلبات اللجوء السياسي التي يتقدم بها هؤلاء.
ويستبعد الكثير من المراقبين نجاح دول جنوب شرق أوروبا مثل رومانيا وبلغاريا في تحسين سبل عيش أقلية الغجر فيها، ويدعون إلى حل هذه المشكلة على المستوى الأوروبي.