أوراق الضغط السعودية في الصراع السوري
١٣ نوفمبر ٢٠١٣وأخيرا، وبعد تردد طويل، أبدى الائتلاف الوطني السوري استعداده للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 لحل الأزمة السورية، شرط أن يؤدي هذا المؤتمر إلى تشكيل سلطة انتقالية بصلاحيات كاملة، وألا يكون لنظام الرئيس بشار الأسد دور في المرحلة الانتقالية. وكان الائتلاف أعلن يوم الأحد(10 تشرين الثاني/نوفمبر 2013) انه بدأ محادثات مع المجموعات المقاتلة على الأرض من اجل التوصل إلى موقف مشترك من المشاركة في جنيف 2. هذا وسبق للعديد من الكتائب المقاتلة البارزة أن رفضت فكرة المشاركة في المؤتمر، معتبرة أن ذلك سيكون "خيانة للثورة السورية"، في إشارة إلى الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام منتصف آذار/مارس 2011، وتحولت إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من 120 ألف شخص.
ويرى مراقبون أن موقف الإتلاف الوطني السوري المعارض جاء بعد جملة من الضغوط الدولية التي مورست عليه وعلى حلفائه من اجل القبول بالجلوس إلى طاولة الحوار.
إقناع أم اقتناع
المملكة العربية السعودية، اكبر داعم للمعارض السورية، لم تبد صراحة عزمها المشاركة في مؤتمر جنيف، لكنها لم تعلن مقاطعته. وقد حاولت الإدارة الأمريكية إقناع حليفتها في المنطقة بممارسة نفوذها على المعارضة للقبول بالجلوس على طاولة الحوار في مؤتمر جنيف 2، رغم الخلافات التي هزت العلاقات الأمريكية السعودية والتي كانت أخر فصولها اعتذار الرياض لشغل منصب غير دائم في مجلس الأمن. ويقول الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس والخبير في شؤون الشرق الأوسط، في حوار مع DWعربية: "واشنطن استطاعت إقناع الرياض كما أقنعت أنقرة والدوحة، وهم من الأصدقاء المباشرين للمعارضة السورية، بعدم إجهاض مؤتمر جنيف 2".
لكن هذا لا يعني أن السعودية قد سلمت كل الأوراق التي تملكها بشأن النزاع في سوريا، إذ أنها تعي تماما أن غياب المعارضة السورية ممثلة في الائتلاف الوطني السوري عن مؤتمر جنيف 2 سيجعل تلك المعارضة بعيدة عن كل تسوية سياسية في المستقبل، ما يفتح الطريق أمام تكتلات جديدة من المعارضة، بدأت تظهر على الساحة السياسية السورية، ويصفها مراقبون بأنها قريبة إلى نظام دمشق.
إحداث التوازن على الأرض
ومن بين الأوراق الأخرى التي تملكها السعودية بشأن الأزمة السورية هو دعمها لعدة مجموعات مقاتلة على الأرض، وهو ما أكده تقرير لصحيفة الغاردين البريطانية، صدر نهاية الأسبوع الماضي. حيث قال الصحفي اين بلاك في تقريره، إن الرياض ستدفع ملايين الدولارات لتسليح وتدريب ألاف المقاتلين من اجل تشكيل قوة جديدة تساعد على تغيير المعادلة على الأرض والمساهمة في إسقاط نظام الأسد. وأضاف التقرير أن الدعم سيوجه بالخصوص إلى جماعة "جيش الإسلام" التي أنشئت في سبتمبر أيلول حيث توحدت فيه أكثر من أربعين كتيبة مقاتلة.
ويقول الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس، إن تحرك السعودية بهذا الشأن "جاء محاولة لتوحيد بعض كتائب المعارضة على الأرض بعد إن انتشرت الفوضى في العديد المناطق، بالإضافة إلى المكاسب التي حققها النظام مدعوما بقوات إيرانية وأخرى من حزب الله وكتائب أبو الفضل العباس وقوات حوثية يمنية". يرى أبو دياب أن "السعودية تريد إحداث توازن على الأرض قد ينعكس على أي تسوية مستقبلية للصراع في سوريا".
صراع إيراني-سعودي
وتتهم السعودية إيران بتدخلها "السافر" في الأزمة السورية، فقد جدد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، خلال لقائه نظيره الأميركي جون كيري في الرياض الأسبوع الماضي، قوله بأن "سوريا أرض محتلة"، وقال "إن إيران لم تدخل الأراضي السورية لإنقاذها من احتلال خارجي بل للإسهام مع النظام في الإضرار بالشعب". ويرى الدكتور خطار أبو دياب أن الصراع في سوريا أخذ الطابع المذهبي السني- الشيعي، "المسالة في سورية بات ينظر إليها على أنها صراع إيراني سعودي في المنطقة وصراع سني شيعي بصفة عامة. ويضيف أبو دياب:"لذلك فإن السعودية تشعر بأن وقوع سوريا طويلا في قبضة الجانب الإيراني سيكون له انعكاسات على دول الخليج".