أمريكا وألمانيا ـ على وشك نهاية صداقة حميمة؟
١٦ مارس ٢٠١٧قد يتسبب دونالد ترامب في حرب تجارية دولية نتيجة سياسته في التجارة الخارجية، وهو أمر يتخوف منه العديد من الاقتصاديين منذ تولي ترامب منصب الرئاسة. إلى حد الآن لم يحصل شيء ملموس في هذا الشأن، لكن التصريحات الكثيرة للرئيس الأمريكي الجديد تمضي في اتجاه واضح يشير إلى الانغلاق عن الاقتصاد العالمي.
ترامب يعتزم خفض حجم السلع المستوردة لتقوية الإنتاج داخل الولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سيان سبايسر:" نريد فرض ضرائب على واردات من بلدان لنا معها عجز في التجارة الخارجية". وهذه الضريبة التي ستصل قيمتها حسب تصريحات ترامب مستوى 20 في المائة سيكون لها في نهاية المطاف مفعول إجراءات جمركية مؤثرة على المنتجات الأجنبية.
مكانة الصادرات في الاقتصاد الألماني
وأفادت أرقام مكتب الإحصاءات الألماني أن الشركات الألمانية باعت في السنة الماضية منتجات بقيمة 107 مليار يورو للولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يشكل تقريبا ضعف ما تم استيراده من الولايات المتحدة الأمريكية. ويبدو أن الطلقات التحذيرية الحمائية من واشنطن هي موجهة إلى ألمانيا، وهي عقبات تجارية مضرة بالاقتصاد الألماني الذي بلغت فيه مردودية صادراته مستوى 40 بالمائة في العام الماضي. كما تشكل الولايات المتحدة الأمريكية أقوى سوق لصادرات الشركات الألمانية بنسبة عشرة في المائة من مجموع الصادرات الألمانية.
مخاطر ضياع فرص العمل في ألمانيا والولايات المتحدة
"نأمل أن تظل تلك التهديدات العنيفة أسلوبا خطابيا وأن لا تليها أفعال في نهاية الأمر"، هذا ما يعبر عنه يورغن ماتيس من معهد كولونيا للاقتصاد الألماني في حديث مع DW . وبالنظر إلى كل ما حدث منذ تولي ترامب منصب الرئاسة فإن الخبير غير متأكد ما إذا كان هذا الأمل سيتحقق. وفي أسوء الأحوال فستصبح 1.6 مليون فرصة عمل في ألمانيا في وضع خطير. ولا يخفى على الرئيس الأمريكي أن 600.000 مكان عمل تعود لشركات أمريكية في ألمانيا، وبالتالي فإن كل تحرك موجه ضد ألمانيا سيعود بالضرر على الاقتصاد الأمريكي.
أشياء متداخلة
وتبدو مخططات ترامب كسكين ذي حدين. فمواقع الإنتاج للعديد من الشركات لم تعد تقتصر على بلد واحد. كما إن الاقتصاد الأمريكي يعول على منتجات أولية من بلدان مختلفة. وفي حال فرض ضرائب على واردات تلك البلدان فستصبح كلفة عمليات الإنتاج والمنتوج النهائي مرتفعة. " من خلال هذا النهج في السياسات يعمل ترامب على الإضراربنفسه على الأمد الطويل، لأن ذلك يهدد فرص العمل في الولايات المتحدة الأمريكية"، كما يلاحظ الدكتور أندريه فولف من معهد الاقتصاد العالمي بهامبورغ في حديث مع DW. وحتى الخبير يورغن ماتيس ينظر إلى مخططات الرئيس الأمريكي بعين ناقدة، "المستهلكون وجميع الشركات الأمريكية التي تعتمد على الواردات ستتضرر تحت وطأة التكاليف المرتفعة، وسيلحق بها الضرر في حال فرض حواجز تجارية بهذا الحجم. إنه الرأي السائد بين خبراء الاقتصاد".
قلق لدى صناعة السيارات الألمانية
لكن يبدو أن ترامب لا يبالي برأي غالبية الاقتصاديين. فقد قام بتوجيه تهديدات إلى شركات صناعة السيارات الألمانية بشكل خاص، إذ يجب على بي إم دبليو مثلا أن تدفع مستقبلا ضريبة استيراد بقيمة 35 في المائة على كل سيارة مصدرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما قال في مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية. وقد أقلقت هذه التصريحات والتهديدات بعض الشركات الألمانية، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي ثاني أكبر سوق لصناعة السيارات الألمانية المصدرة، حسب أرقام اتحاد صناعة السيارات. فهي تشكل نسبة 15 في المائة من مجموع عدد السيارات المصدرة من ألمانيا عبر الأطلسي ـ نسبة الاستيراد في بريطانيا أعلى بقليل. لكن الخبراء الاقتصاديين يعتبرون أن سوق السيارات الأمريكية ستكون هي الأخرى خاسرة في حال تطبيق هذه السياسة الانعزالية، وستتجلى النتيجة الأولى في فقدان العديد من مواطن العمل في السوق الأمريكية.
خطط تعود بالضرر على كل الاطراف
من خلال اقتصاديات العالم المتداخلة يتضح أن الانعزال يجلب الضرر للجميع. وفي حال إن قام ترامب بتطبيق تهديداته فإن ذلك سيعود بالضرر على ألمانيا وعلى الاتحاد الأوروبي الذي تنهج دوله الأعضاء سياسات تجارية مشتركة. فما العمل؟ وهل يجب المعاملة بالمثل؟ أم تقبل الإملاءات؟ الحقيقة هي أن فرض حواجز جمركية على الولايات المتحدة الأمريكية سيلحق الضرر باقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي.
إلى حد ألان لم ينفذ ترامب تهديداته المعلنة، وقد يساعد اللقاء المرتقب مع ميركل بواشنطن في معرفة مدى جدية تصريحات الرئيس ومخططاته.
مالته روفير كالمان/ م.أ.م