ألمانيا والفرصة الحقيقية في يورو 2012 رغم وقوعها في مجموعة نارية
٤ ديسمبر ٢٠١١قرعة نهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم 2012 التي تستضيفها بولندا وأوكرانيا العام المقبل أوقعت المنتخب الألماني في مجموعة تُعدّ الأصعب في البطولة. فعلى بطلة العالم ثلاث مرات مواجهة غريمتها اللدودة هولندا ضمن منافسات الدور الأول للمجموعة الثانية. وما يزيد من صعوبة تخطي منافسات الدور الأول هو أن المجموعة تضمّ أيضاً منتخبين آخرين لن يكون من السهل الفوز عليهما، وهما المنتخبين البرتغالي والدنماركي.
ووقوع ألمانيا في هذه المجموعة الصعبة يعود إلى عدم وضعها على رأس أي من المجموعات الأربعة، رغم أنها نجحت في البطولات الأوروبية والعالمية الأخيرة في التأهل إلى نصف النهائي على الأقل، وإلى النهائي أيضا. لكن معايير التقييم التي يتّبعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أسفرت عن تقدم إسبانيا وهولندا على ألمانيا على قائمة ترتيب المنتخبات. وما حال دون وضع ألمانيا على رأس إحدى المجموعات أيضاً، هو وضع كل من المنتخبين المضيفين الأوكراني والبولندي على رأس مجموعتيهما. وهذا ما تسبب في وقوع ألمانيا في مجموعة حديدية ستجبر المنتخب الألماني على بذلك أفضل ما لديه منذ الدقيقة الأولى للبطولة.
مجموعة نارية وتحدي كبير
البعض يرى، إذن، أن ألمانيا كانت هذه المرة بعيدة كل البعد عن كونها محظوظة في القرعة، لكن هناك آخرين يرون العكس وهو أن وقوع ألمانيا في مجموعة حديدية كهذه أمرٌ إيجابي. فبنتيجة القرعة هذه يتعين على الألمان بذل قصارى جهدهم منذ الدقيقة الأولى للبطولة الأوروبية. وعليهم أن يلعبوا بتركيزهم المعهود وألا يستهينوا بقدرات أي من الفرق المشاركة في البطولة. ومن المعروف أن الألمان لا يخشون أحداً وأنهم يقدمون دوماً أفضل العروض أمام الخصوم الكبار. وهذا ما أكده مدرب المنتخب الألماني يواخيم لوف الذي قاد فريقه في مونديال جنوب إفريقيا 2010 إلى الدور نصف النهائي، وذلك على الرغم من مشاركة ألمانيا في تلك البطولة بفريق هو الأصغر سناً لها منذ بطولة العالم 1934.
ولوف يُدرك تماماً أن صعوبة مهمة المنتخب الألماني في تخطي منافسات الدور الأول لكأس أوروبا لا تكمُن في مواجهة هولندا فحسب، بل في مواجهة كل من البرتغال والدنمارك أيضا. فالبرتغاليون يملكون لاعبين بارعين على أعلى المستويات، وعلى رأسهم نجم ريال مدريد البارز كرستيانو رونالدو. والدنماركيون كذلك لن يكونوا لقمة سهلة لا لألمانيا ولا لغيرها. وما يميز المنتخب الدنماركي هو قدرته على لعب دور الحصان الأسود وخوض مبارياته دون أي ضغط ودون أي خوف. وهذا ما يزيد من خطورتهم. على الرغم من ذلك يحظى الألمان بفرصة كبيرة لتخطي منافسات الدور الأول والمنافسة على اللقب أيضا.
رونالدو لا يكفي للإطاحة بألمانيا
حصيلة لقاءات المنتخبين الألماني والبرتغالي تؤكد تفوق الألمان. فضمن منافسات كأس أوروبا 2008 فازت ألمانيا على البرتغال ( 3 - 2 )، لكنها خسرت في النهائي أمام إسبانيا. وفي بطولة العالم 2006 فاز الألمان بثلاثة أهداف لهدفين. أما الهزيمة الأخيرة لألمانيا أمام البرتغال فكانت قاسية ( صفر - 3 ) في بطولة أوروبا 2000. لكن هذه الهزيمة وقعت قبل 11 سنة. والمستوى الحالي للفريقين يُرجّح كفة الألمان، على الرغم من وجود النجم البرتغالي العالمي الكبير كرستيانو رونالدو على الجانب الآخر. فألمانيا فازت على البرتغال 8 مرات وتعادلت معها 5 مرات ولم تخسر أمامه إلا مرتين.
المنتخب الهولندي التحدي الأكبر
خلافاً للبرتغاليين يملك الهولنديون عدداً كبيراً من نجوم الكرة العالمية، على رأسهم فيسلي سنايدر وأريين روبين وكلاس-يان هانتلير وروبين فان بيرسي. وكما المنتخب الألماني، قدّم المنتخب الهولندي أيضاً عروضاً قوية خلال التصفيات. لكن الألمان فازوا مؤخراً وبجدارة على الهولنديين بثلاثية نظيفة في لقاء ودي. لا شك في أن الجارة هولندا هي أصعب خصوم الألمان في منافسات الدور الأول. لكن الفوز عليها أمر ممكن وليس مستحيلا. فحصيلة لقاءات الجارين اللدودين تُظهر فوز ألمانيا 14 مرة و 14 تعادلاً و 10 هزائم. وهذا ما يُرجح كفة الألمان.
هزيمة موجعة في نهائي كأس أوروبا 1992
في حال فازت ألمانيا على هولندا والبرتغال أو خسرت أمامهما، فستكون المواجهة أمام الدنمارك في 17 يونيو 2012 لا أهمية لها تقريبا. لكن الأرجح أن هذا اللقاء سيكون حاسماً بالنسبة لألمانيا التي يتوقع معظم المراقبون فوزها. فالمنتخب الألماني يضم تشكيلة شابة طموحة تضم عدداً من النجوم الشباب، مثل النجم الصاعد ماريو غوتسه ونجم ريال مدريد المتألق لاعب الوسط مسعود أوزيل وغيرهما من النجوم الذي تُعوّل ألمانيا عليهم. لكن غالبية المشجعين مازالوا يتذكرون هزيمة ألمانيا الموجعة أمام الدنمارك في نهائي بطولة أوروبا 1992. آنذاك استُدعي المنتخب الدنماركي، الذي لم يتأهل في الأصل للبطولة الأوروبية، استُدعي للمشاركة في البطولة بسبب استبعاد يوغوسلافيا منها لأسباب سياسية. وقد فاز الدنماركيون آنذاك باللقب لأنهم لعبوا دون أي ضغط وبأريحية كبيرة. وهذا ما يزيد من صعوبة مواجهة الدنماركيين الذي ليس لديهم ما يخسرونه وسيلعبون دون ضغط وببرودة أعصاب.
إذن ليس هناك خصم سهل حقيقة. والمنتخب الدنماركي يمتاز بالروح الجماعية والانضباط وبقدرته على لعب دور الحصان الأسود. وآخر فوز لألمانيا على الدنمارك كان قبل 15 سنة. وآخر لقاء جمع المنتخبين انتهى في أغسطس 2010 بالتعادل ( 2 - 2 )، علماً أن ألمانيا خاضت ذلك اللقاء دون مشاركة عدد من ابرز لاعبيها. على الرغم من ذلك وفي جميع الأحوال ينبغي للمنتخب الألماني ألا يستهين بقدرات الدنماركيين، سيما وأنهم تأهلوا إلى نهائيات البطولة الأوروبية على رأس مجموعتهم، متقدمين على البرتغال. ورغم كل شيء، يُرجّح خبراء الكرة كفة الألمان الذين فازوا على الدنماركيين 14 مرة حتى الآن وتعادلوا معهم 3 مرات وخسروا أمامهم 8 مرات.
المجموعة النارية أمرٌ إيجابي
وقوع ألمانيا في هذه المجموعة النارية أمرٌ إيجابي لأسباب أخرى أيضا. فمثل هذه المجموعة تساعد اللاعبين على إدراك أن المنافسة على اللقب ستكون صعبة منذ الدقيقة الأولى للبطولة. وإذا تخطى الألمان منافسات الدور الأول، فسيعزز ذلك من معنوياتهم وثقتهم بأنفسهم في طريقهم للمنافسة على لقب البطولة.
وبالخبرة الواسعة التي يتمتع بها المدرب الألماني يواخيم لوف وطاقم التدريب كافة سيكون لدى المنتخب الألماني فرصة حقيقية للمنافسة على اللقب، سيما وأن الجميع يعلم أن المنتخب الذي سيحرز لقب البطولة هو المنتخب الذي سيكون في قمة عطائه وفي الوقت المناسب. وهذا ما يميز المنتخب الألماني القادر على تقديم أفضل ما لديه وعلى أن يكون في قمة عطائه عند الضرورة. وفي حال فشل الألمان في تخطي منافسات الدور الأول، فسيكون ذلك بمثابة مفاجأة كبيرة.
علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: يوسف بوفيجلين