ألمانيا: هذه أسباب استقالة أول نائب ألماني من أصل أفريقي
١٩ يوليو ٢٠٢٤في شهر حزيران/ يونيو 2024 بدأ النائب الألماني من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بنشر رسائل كراهية تلقاها هو وموظفوه على حسابه على إنستغرام، مؤكدًا أن التهديدات بالقتل "تجاوزت الحدود".
لكن في مرحلةٍ ما وبعد شهرٍ تقريبًا سئم ديابي ببساطة، وأعلن استقالته مطلع شهر تموز/ يوليو 2024، مؤكدًا أنه لن يترشح في الانتخابات المقبلة لمجلس النواب الألماني، البوندستاغ، في عام 2025.
في مقابلة مع DW، أكد ديابي أن أسباب استقالته كانت شخصية في المقام الأول، وليست سياسية، وقال: "هذا قرار شخصي تم اتخاذه مع عائلتي، وهناك أسباب دفعتني إلى اتخاذ هذا القرار. كما أنني سأبلغ 64 عامًا بحلول نهاية هذا الفصل، وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لتجربة شيء جديد، وقبل كل شيء، إعطاء الشباب الفرصة لتحمل المسؤولية".
"لن أخضع للترهيب"
ولد ديابي في السنغال، وجاء إلى ألمانيا للدراسة، وقبل أحد عشر عامًا، أصبح أول شخص أسود البشرة من أصل أفريقي يدخل البوندستاغ، وفي عام 2021 كان المرشح الأول للـSPD في ولاية ساكسونيا أنهالت.
يتمتع ديابي بسمعة طيبة كسياسي نموذجي لألمانيا الجديدة والمتسامحة والعالمية، ومع ذلك، أصبح هدفًا للهجمات العنصرية بشكلٍ متزايد، كما تعرض فريقه للتهديد.
وقال ديابي: "لقد تعرضت المجموعة التي تعمل معي للابتزاز والتهديد بهدف إجبارهم على التوقف عن العمل معي. مثل هذه التكتيكات لا تتفق مع دستورنا، ومن المؤكد أن السلطات التحقيقية ستضطر إلى بذل قصارى جهدها".
وأضاف لـDW: "لا يسعني إلا أن أؤكد مرة أخرى أنني لن أخضع للترهيب، لأنني أعلم أن الغالبية العظمى من الناس يدعمونني، وأتلقى أيضًا قدرًا لا يصدق من الدعم".
ديابي:"البديل يوفر أرضية خصبة للكراهية"
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها النائب السابق ديابي لعداءٍ عنصري، ففي العام 2020، أُطلقت أعيرة نارية على مكتب حملته، وتلقى تهديدًا مكتوبًا بالقتل، بعدها في عام 2023، نفذ رجل، سبق له أن وجه إهانات عنصرية مرارًا وتكرارًا ضد سياسي الحزب الاشتراكي الديمقراطي ، هجومًا متعمدًا على مكتب ديابي المحلي في مدينة هاله، الواقعة في ألمانيا الشرقية السابقة.
من جانبه يلقي ديابي باللوم على حزب البديل من أجل ألمانيا، الحزب الشعبوي اليميني المتطرف، لتوفير أرض خصبة للكراهية والعنف في الشوارع، معتبرًا أن خطابات حزب البديل من أجل ألمانيا في البوندستاغ مليئة بالكراهية والتشهير بالمهاجرين والأقليات الأخرى.
ويرى النائب السابق أن "هناك مجموعة صغيرة من الناس في هذا البلد ينشرون الكراهية والتحريض. هدفهم هو ترهيب الناس حتى لا يقوموا بوظائفهم. في هذا البلد، نرى هذا أيضًا مع الوكالة الفيدرالية للإغاثة الفنية والصليب الأحمر الألماني ومع الهجمات على ضباط الشرطة. لا أعتقد أن هذا يجب أن يكون القاعدة في هذا البلد. نحن بحاجة إلى مناقشة نوع المجتمع الذي نريد أن يكون لدينا".
ترهيب السياسيين "السياسة الجديدة" لليمين
هناك قلق متزايد في ألمانيا من أن ترهيب السياسيين أصبح القاعدة الجديدة، ففي أوائل مايو، تعرض السياسي في الحزب الديمقراطي الاجتماعي ماتياس إيكي للضرب في دريسدن، أيضًا في ألمانيا الشرقية السابقة، أثناء تعليقه ملصقات لحزبه خلال حملة الانتخابات الأوروبية ، ما أدى إلى نقله للمستشفى.
لكن بالنسبة للوتا رالف، الباحثة في معهد أبحاث السلام في فرانكفورت (PRIF)، فإن العنف السياسي ليس مجرد مشكلة في شرق ألمانيا، وقالت رالف لـDW: " تستغل الجماعات اليمينية مشاعر الناس لإثارة الكراهية ضد النخبة السياسية أو الدولة وهذه في الأساس مشكلة في ألمانيا ككل".
ترى رالف أن هناك قدرًا كبيرًا من الإحباط وعدم الرضا عن السياسة والدولة نتيجة لأزمات متنوعة: كجائحة كوفيد-19، وحرب روسيا على أوكرانيا وارتفاع تكاليف المعيشة. والآن أصبحت العداوة اللفظية وحتى العنف أمرا طبيعيا كوسيلة مشروعة للتعبير عن مشاعر العجز، على حد قولها.
وتضيف رالف: "أصبح من الطبيعي بشكل متزايد على الشبكات الاجتماعية استخدام لغة عنيفة. من السهل جدا التعبير عن نفسك بطريقة ما على الإنترنت والحصول على دعم على ذلك، وعلاوة على ذلك، فإننا نتعامل مع منصات تنتشر فيها المعلومات الكاذبة بسرعة كبيرة".
ماذا عن المستقبل؟
تكثر الأسئلة حاليًا حول ما الذي قد يحدث إذا انسحب المزيد والمزيد من الساسة مثل ديابي والمتطوعين والأفراد الملتزمين من الحياة العامة لأنهم سئموا من الهجمات أو لأن المشاريع التي تعزز الديمقراطية لم تعد ممولة؟
إذ في وقت مفاوضات الميزانية، كتبت 180 منظمة من منظمات المجتمع المدني رسالة مفتوحة إلى المستشار أولاف شولتس تحذر من أنه إذا توقفت هذه المشاريع، فسوف يضعف المجتمع المدني لعقود من الزمن، وسوف تتآكل الثقافة الديمقراطية.
فيما تحذر خبيرة التطرف رالف: "قد تشكل الآثار خطرا على الديمقراطية، وهذا يشكل مشكلة خاصة على المستوى المحلي حيث يشغل المتطوعون العديد من المناصب السياسية، وإذا انسحب المزيد والمزيد من الناس، فسوف تنهار أسس الديمقراطية".
المصدر: مهاجر نيوز