ألمانيا- نتائج مؤتمر المناخ ودور المشاركة العربية
١٨ نوفمبر ٢٠١٧التطلعات من مؤتمر المناخ العالمي "كوب 23"، الذي عقد في بون خلال الفترة من 6 وحتى 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، كانت كبيرة، مع تحفظات وقلق بسبب الموقف الأمريكي، الذي سبق انعقاده وإعلان الرئيس الأمريكي ترامب بأنه سينسحب من اتفاقية باريس.
لكن الدول المشاركة تجاوزت موقف ترامب وتمسكت بما اتفقت عليه في باريس. وقال رئيس وزراء فيجي فرانك باينيماراما، الذي رأس المحادثات، إن نتيجة المؤتمر "تسلط الضوء على أهمية الإبقاء على قوة الدفع والتمسك بروح ورؤية اتفاق باريس".
المفاوضات الفنية
ويمكن القول إن المؤتمر – وهو أكبر مؤتمرتنظمه ألمانيا في تاريخها بمشاركة حوالي 30 ألف شخص – لم يكن مجرد منصة لتبادل المجاملات والعبارات اللطيفة، وإنما حقق بعض ما كان يتطلع له المشاركون. فقد شهد مفاوضات فنية حقيقية، وهي تعتبر ضرورة هامة لوضع إطار للقواعد التفصيلية من أجل تطبيق اتفاق باريس.
وتمكنت الدول المشاركة من وضع مسودة "كتاب القواعد التفصيلية"، الذي يتطرق لجوانب مثل كيفية الإبلاغ ومتابعة انبعاثات كل دولة من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. ومن المقرر أن تكون المسودة جاهزة بشكل كامل في ديسمبر/ كانون الأول من العام المقبل.
"يجب أن نعترف بأننا لن نتمكن من تخفيض نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، إذا لم نتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري"، حسبما قال لوقا دونيفالو، أحد مترأسي المفاوضات بالمؤتمر.
ازداد الضغط في هذا المؤتمر على الدول الصناعية الكبرى كي تتخلى عن الفحم وأشباهه من مصادر توليد الطاقة. وكان لافتا أن تطلق بريطانيا وكندا مبادرة لتشكيل تحالف يهدف لتسريع عملية التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ولكن هذا التحالف لم تنضم له حتى الآن سوى ستة عشر دولة. والدول المنضمة، مثل كوستاريكا وجزر مارشال، ليست من الدول الأكثر تسببا بالانبعاثات، ما يجعل هذه المبادرة رمزية أكثر منها حقيقية، ما لم تنضم دول أخرى لها خلال الأشهر المقلبة. أَمَّا ألمانيا فرفضت التخلي عن استخدام الفحم، ولكنها وعدت باتخاذ تغييرات، بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
الوفود، التي شاركت في مؤتمر المناخ في بون، اتفقت على إطلاق عملية في 2018 لبدء مراجعة الخطط القائمة للحد من انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، في إطار جهود طويلة الأمد لرفع سقف الآمال سيطلق عليها "حوار تالانوا"، وهي كلمة بلغة فيجي تعني "نقل الأفكار وتبادل الخبرات".
المشاركة العربية
الدول العربية حاولت تنسيق مواقفها في المفاوضات، وتجلى ذلك في جلسة تشاورية عقدتها وفود هذه الدول، برئاسة خالد الفالح، وزير وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، كون بلاده تترأس الدورة الحالية لمجلس وزراء البيئة العرب. وفي الجلسة التي دعيت لها كل الوفود، باستثناء الوفد السوري، قدّم أيمن شصلي، رئيس الوفد التفاوضي العربي الموحد، ملخصا عن الموقف العربي في المفاوضات.
وقال شصلي، في تصريح لـDWعربية، إن كل ما يريدونه وما يركزون عليه في هذه المفاوضات هو "كيفية تفعيل مبدأ المسؤولية المشتركة". وأضاف شصلي: "إذا استطعنا أن نحدد التزامات الدولية الصناعية، والتزامات الدول النامية، كل على حسب قدراته، فإن قضايانا ستكون قد حُلت".
ومعظم الدول العربية منخرطة ضمن مجموعة الـ77، وهذه بدورها تنسق بين مواقف أعضائها في مفاوضات مؤتمر المناخ.
ما المنتظر من المؤتمر القادم في بولندا؟
المؤتمر القادم سيعقد في كاتوفيتسه البولندية في خريف عام 2018، وستكون على رأس قائمة أولوياته إنهاء "كتاب القواعد التفصيلية" من أجل تنفيذ اتفاقية باريس. ولا تزال هناك حاجة للتفاوض والنقاش حول هذه الأهداف، التي يجب الوصول إليها قبل حلول عام 2020.
خلال مؤتمر بون حضر سؤال دائم، كان يردده المفاوضون من الدول الصغيرة والدول النامية وهو: ما هي التعهدات التي ستقدمها الدول الصناعية الكبرى والدول الصناعية الصاعدة؟ (والمقصود بالأخيرة: جنوب إفريقيا والمكسيك والبرازيل والهند والصين وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند وتركيا)، وكيف ستتم عملية الرقابة على التزامات هذه الدول؟
أيضا مسألة التمويل هامة جدا: من يمول الدول الفقيرة؟ حتى تتمكن هذه الدول من تكييف وضعها مع التغيرات المناخية وتتمكن من مواجهتها؟ هذه النقطة ما زالت بحاجة لمفاوضات شاقة لتحديد الرابحين والخاسرين من المتغيرات المناخية، والكيفية التي يجب من خلالها أن يعوض الرابحون الخاسرين ماليا.
المهمة تم وضعها على كاهل اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، التي ستقوم بإعداد تقرير تفصيلي، وستنشره قبل مؤتمر كاتوفيتسه 2018. هذا التقرير سيوفر أرضية للمفاوضات السياسية بعدها. وسيساعد أيضا على إكمال معايير تطبيق اتفاقية باريس.