ألمانيا: منافسة شديدة على الدراسة بنظام الماستر
١٧ أبريل ٢٠١٣أصبحت صورة قاعات المحاضرات والحلقات الدراسية في الجامعات الألمانية معروفة، فأفواج هائلة من الشباب تتدفق على الجامعات للدراسة بهدف الحصول على البكالوريوس (الإجازة) وأكثرية الدارسين ترغب في الحصول على درجة الماستر. وقد يصبح ذلك أمرا صعباً في المستقبل، حسب نتائج دراسة حديثة أجراها مركز تطوير التعليم العالي في ألمانيا.
وخرج مركز تطوير التعليم العالي في دراسته حول عدد طلاب مرحلة الباكالوريوس وذلك بالتعاون مع مؤسسة برتلسمان ومؤتمر رؤساء الجامعات الألمانية بتوقعات مهمة حول نسبة الإقبال على متابعة الدراسة بنظام الماستر في المستقبل. وتوصل إلى أنه خلال السنوات الثلاث المقبلة سيكون هناك خصاصا في عدد أمكن الدراسة قد يصل إلى 36 ألف مكان للدراسة، كما ذكر المدير التنفيذي لمركز تطوير التعليم العالي فرانك تزيغيلي في حديث ل DW.
وحسب الخبير تزيغيلي فإن ذلك الخصاص سيحدث في حال إقدام 85 في المائة من طلاب الباكالوريوس على متابعة الدراسة بهدف لحصول على شهادة المتستر ، وهي نسبة قائمة. ففي بعض الجامعات، مثل جامعة آخن، تم حاليا تجاوز تلك النسبة في بعض الشعب الدراسية. وقال رئيس مجلس الطلبة ماتياس نيكلDW"في الدراسات التخصصية مثل هندسة الآلات وصلنا في العالم الماضي إلى مستوى 90 في المائة". ومع ذلك، فإن الوضع في جامعة آخن ليس صعباً، حيث لم يقرر بعد تقليص عدد طلبات التسجيل في الماستر.
تحديات تؤثر على جاذبية الدراسة في ألمانيا
يختلف الوضع في الجامعة الحرة لبرلين شيئا ما. فمنذ سنوات لم تعد هنالك أماكن شاغرة للدراسة على حد قول رئيسة مجلس الطلبة السيدة سينا براسه " نرفض العديد من الطلبات. العديد منهم يأتون إلينا ويسألون كيف يمكن اتخاذ إجراءات ضد هذا الرفض". وحسب معايير الانتقاء فإن طالب الفلسفة مثلا في حاجة إلى ميزة 1،4 (جيد جدا) للحصول على مكان يخوله للدراسة بهدف الماستر، أما طالب العلوم السياسية فهو في حاجة إلى ميزة 1،5 (جيد جدا) لنفس الهدف.
بالنسبة للطلبة الأجانب فإن وضعهم أكثر صعوبة من الألمان حسب سينا براسه، إذ يجب عليهم تقديم العديد من الشواهد وبيانات الكشف الدراسية وقد يصعب الحصول على بعضها. و تضيف السيدة براسه: " ستزداد الصعوبات إذ ارتفع عدد مقدمي الطلب لمتابعة الدراسة بنظام الماستر. وعموما فمن المنتظر أن تصبح ألمانيا أقل جاذبية بالنسبة للطلبة".
ويتخوف فرانك تزيغيلي من حدوث هذا التطور. فوضع الطلبة الأجانب لم يؤخذ بدقة بعين الاعتبار في النظام الدراسي الجديد المنجزة وفي الشعب التي قد تتأثر بتراجع عدد الطلبة عليها لكن: "إذا تزايد التنافس على الدراسة في الماستر بشكل مستمر، فمن الطبيعي أن يكون حصول الطلاب الأجانب أمرا صعبا ".
الأرقام تتحدث عن نفسها. ففي عام 2005 كان هناك حوالي 350 ألف طالبا جديدا وفي عام 2011 ارتفع العدد إلى 515 ألف طالب. ومن بين العوامل التي ساهمت في هذا التزايد هو القرار السياسي القاضي بخفض مرحلة التعليم المدرسية من 13 سنة إلى 12 سنة فقط. يضاف إلى ذلك وجود فوجين ىلآن في نفس السنة لإنهاء الثانوية العامة في بعض الولايات الألمانية، ويعني ذلك نظام قديم وآخر جديد. ومن المنتظر أن يرتفع أيضا عدد الطلبة المتنافسين على أماكن الدراسة في الجامعات بسبب وقف نظام الخدمة العسكرية الإجبارية و الخدمة المدنية والتي كانت تستقطب في الماضي عددا من الشباب قبل بداية الدراسة.
وقد تفاعل السياسيون الألمان مع التحولات الجديدة واعتمدوا برامج توفير المزيد من المال للجامعات من خلال ميثاق التعليم العالي 2020 حيث شيتم استثمار ملايير اليورو من قبل الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات لتوفير مئات الآلاف من الأماكن الدراسية. "في البداية كان ميثاق التعليم العالي فكرة جيدة لتوفير مزيد من المال للجامعات" حسب فرانك تزيغيلي. ومع ذلك، فإن البرنامج لا يتيح ما فيه الكافية لتمويل برامج الماستر. ويعتقد فرانك تزيغيلي أن ذلك ـ في نهاية المطاف ـ من شأنه أن يلحق ضررا بسمعة الجامعات الألمانية. فنقص أماكن الدراسة قد يصيب الطلبة الأجانب بالذعر "وقد يؤدي ذلك إلى فقدان العديد من الطلبة ذوي الكفاءات".
ألمانيا محبوبة في أِوساط الطلبة الأجانب
ورفض مركز تطوير التعليم العالي في ألمانيا التعليق على موضوع تمويل الجامعات من طرف الوزارة الاتحادية للتعليم، حيث إن تلك المهمة من خصوصية الولايات. وللفترة ما بين 2011 حتى 2015 رصدت الحكومة الاتحادية خمسة ملايير يورو لإدماج طلبة إضافيين حسب المتحدثة باسم وزارة التعليم الإتحادية.
أما بالنسبة للطلبة الأجانب فإن: " ألمانيا تحتل المركز الرابع في قائمة الدول المضيفة الأكثر تفضيلا لدى الطلبة الأجانب وهي في المركز الأول كدولة غير ناطقة بالإنجليزية بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا." ومع ذلك فلا يشكل ميثاق التعليم العالي وضعا ثابتا. ففي نيسان الجاري أجرت الحكومة الاتحادية والولايات مشاورات خلال مؤتمر علمي مشترك للتفكير في كيفية التعامل مع الطلب المتزايد على الدراسة في الجامعات الألمانية.