ألمانيا- استراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية بحزم أكبر!
٧ ديسمبر ٢٠٢٢إنه صباح غائم في برلين. في هذا الصباح من نهايات شهر نوفمبر/ تشرين الثاني تتحدث الأخبار المحلية في الراديو عن بعض عمليات تفتيش للشرطة في أجزاء مختلفة من المدينة. بعد ثلاث أو أربع ساعات، يصبح الأمر أكثر وضوحا: في 14 ولاية تحقق أجهزة أمنية فيما يسمى بمنشورات الكراهية على الإنترنت، ويحاولون الوصول إلى أصحاب هذه المنشورات.
يُقال إن رجلا يبلغ من العمر 59 عامًا من برلين-غيزوندبرونين كتب نصا على موقع " VKوهو تقريبًا نسخة روسية من فيسبوك" مليء بالتصريحات المعادية للسامية "يصف اليهود بعبدة الشيطان". وقالت الشرطة في برلين إن جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به تمت مصادرته. مضيفة أن الرجل يمتلك سلاحا بشكل قانوني.
هذه العملية بحسب الشرطة هي واحدة من 91 عملية للشرطة في ألمانيا، وهي ليست الوحيدة المصنفة بأنها ضمن مكافحة كراهية اليهود في ألمانيا.
علامة فارقة في ألمانيا
وفي اليوم نفسه، تبنت الحكومة الألمانية "استراتيجية وطنية ضد معاداة السامية والحياة اليهودية". يتعلق الأمر بمكافحة كراهية اليهود بحزم أكبر. وبحسب مفوض الحكومة الألمانية الاتحادية لمعاداة السامية، فيليكس كلاين، والذي أدلى تصريحات أمام وسائل الاعلام فإن "هذه القرارات تعد علامة فارقة في هذا الصدد".
لسنوات، أظهرت إحصاءات الشرطة وقضايا المحاكم ذات الصلة أعدادا متزايدة من الجرائم المعادية للسامية. ولقد ازداد عدد منشورات الكراهية على الإنترنت منذ فترة طويلة". في عام 2021، سجلت الشرطة 3027 جريمة معاداة للسامية في جميع أنحاء البلاد، أي بزيادة ما يقرب من 700 جريمة عن العام السابق 2020. ومنذ فترة قريبة تم تسجيل عدة هجمات على المؤسسات اليهودية، مثل إطلاق النار على منزل الحاخام في الكنيس القديم في إيسن.
كلاين، الذي يشغل منصب "مفوض الحكومة الاتحادية للحياة اليهودية في ألمانيا ومكافحة معاداة السامية" منذ عام 2018، يقوم بإعداد خطة عمل استراتيجية مع فريقه منذ عامين. ومن المهم بشكل خاص بالنسبة إليه جعل الحياة اليهودية مرئية في الحياة اليومية. ويشير كلاين صراحة إلى تزايد معاداة السامية المرتبطة بإسرائيل، والتي تتجلى في الأوساط الفكرية والأكاديمية.
نشر الوعي
وتشير هذه الاستراتيجية على سبيل المثال إلى أهمية وضع أسس تعليمية لمنع كراهية اليهود، وضرورة إبراز أهمية ثقافة الذاكرة والوعي المرتبطة بالتاريخ. و"إن مكافحة معاداة السامية هي مهمة المجتمع ككل وليس الدولة فقط. لذلك، تستهدف الاستراتيجية أيضا الجهات الفاعلة مثل النوادي الرياضية، التي يجب توعية مدربيها" بحسب كلاين.
ولا يدعو التقرير المؤلف من 48 صفحة إلى التزام جديد أو أنشطة أخرى فحسب، بل يسرد أيضا الأفكار والتدابير التي تم تنفيذها بالفعل، على غرار أمثلة أفضل الممارسات. بهذه الخطة، تنفذ الحكومة الألمانية الاتحادية أحد متطلبات المفوضية الأوروبية في الوقت المناسب. وفقا لذلك، يتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقديم استراتيجيات وطنية بحلول نهاية عام 2022. وقالت كاتارينا فون شنورباين، مفوضة الاتحاد الأوروبي لمكافحة معاداة السامية وتعزيز الحياة اليهودية، عند تقديم خطة العمل: إن ألمانيا هي الآن سابع دولة في الاتحاد الأوروبي تقدم مثل هذا المفهوم. فيما تريد 12 دولة أخرى اعتماد خطط مشابهة بحلول نهاية هذا العام أو في النصف الأول من عام 2023.
ومثل كلاين، تتحدث فون شنورباين أيضا عن إحداث "علامة فارقة" ستحددها هذه الخطة في ألمانيا. وتوضح بأنه "ربما ستكون هذه الاستراتيجية علامة فارقة في تاريخ الجمهورية الاتحادية". يجب ألا تكون هناك ملاذات آمنة لمعاداة السامية، كما تقول. وبالنظر إلى تاريخها، فإن لألمانيا دورا رئيسيا في هذا المجال. والاستراتيجية لديها القدرة على تحقيق تأثير واسع، "ونحن بحاجة إليها". لأن التطور الحر للحياة اليهودية هو "مقياس للديمقراطية".
"اعرف المزيد عن الحياة اليهودية"
وكانت جمعيات يهودية فد اقترحت ضرورة أن يضمن التطبيق أمورا ملموسة في الحياة العامة، وتصف فون شنورباين الاقتراح المقدم من الجانب اليهودي بأنه "فكرة جيدة جدا" لتناول موضوعات مثل "الحياة اليهودية". على المستوى الأوروبي أيضا هناك مقترحات، حيث اجتمع في بروكسل حوالي 200 ممثل بلدية من مختلف الدول الأوروبية. وتعتقد فون شنورباين أن هذه التجمعات تساهم في تقديم أفكار لتعزيز الحياة اليهودية عبر الحدود.
بالنسبة لفيليكس كلاين تبين من خلال الأنشطة "أن الناس مهتمون بمعرفة المزيد عن الحياة اليهودية". وكانت المجتمعات اليهودية أيضا على استعداد للانفتاح وتقديم إجابات. لم يكن يعرف ما إذا كان هذا ممكنا في ألمانيا قبل 20 عاما؟ وكلما يتم النظر إلى الحياة اليهودية بشكل طبيعي، يقل خطر التعرض لهجمات.
خطر على الانترنت
وبحسب فون شنورباين فإن "الإنترنت هي البوابة الأولى لمعاداة السامية في غرف المعيشة لدينا"، وتشكو مفوضة الاتحاد الأوروبي
أيضا مثلما كلاين، من أن الكراهية والإثارة على الإنترنت تتزايد أكثر فأكثر. وهذا ما يذكرنا بمداهمات الشرطة لهذا الصباح.
رئيس المجلس المركزي لليهود، جوزيف شوستر أثار في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية في اليوم السابق للمداهمات، أشار فيها إلى أنه في حالة الجرائم المعادية للسامية، "غالبا ما يتم تخفيف الأحكام"، وهوما يؤكد وجود أهمية لضرورة تطبيق الخطة الجديدة من أجل وضع الأمور في طريقها الصحيح.
كريستوف شتراك/ علاء جمعة