ألمانيا.. لاجئون متمسكون بقشة الأمل بزيادة حالات لم الشمل
٢٦ يناير ٢٠١٨قبل ثلاث سنوات وصلت الشابة السورية هيا اللحام مع أمها لاجئتين إلى ألمانيا، مضطرتين أن تعبرا طريق البلقان وحدهما، حيث أن والدها يشكو من مرض في القلب ولا يستطيع تحمل صعوبة الطريق، كما تقول، ولذلك بقى أخوها الشاب مع أبيه وأخيه القاصر ليعيلهما. لكن هيا ووالدتها لم تكونا تعرفان أن لمّ شمل العائلة سيصبح غصة لهما، حيث حصلتا على الحماية الثانوية في تلك الفترة التي تم فيها تعليق لم الشمل للحاصلين على هذا النوع من الحماية لمدة سنتين.
ورغم أن والدتها كانت تعطي جرعات من التفاؤل لزوجها المريض، وابنيها أنهم سيلحقون بهما بعد انتهاء فترة تعليق لم الشمل، والتي تستمر حتى آذار/ مارس 2018، لكن يبدو أن والد هيا وأخواها سيضطران للانتظار حتى بعد مرور هاتين السنتين، إذ اتفق كل من الحزب الاشتراكي والتحالف المسيحي مبدئياً على السماح بلمّ الشمل لألف شخص شهرياً من ذوي الحاصلين على الحماية المؤقتة، وذلك في مفاوضاتهم الأولية لتشكيل الحكومة الألمانية.
متمسّكون بقشة أمل
لكن هلا، مثل آلاف اللاجئين الذين ينتظرون لم شمل عائلاتهم، مازالت متمسكة بأمل أن يستطيع الحزب الاشتراكي أن يزيد من عدد الحالات المسموح لها بلم شمل العائلات، رغم صعوبة هذا الأمر، إذ أن التحالف المسيحي بقيادة ميركل وشريكه الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، يرفضون إجراء أية تعديلات على الاتفاق الأولي.
وبالرغم من ذلك فإن مسؤولي الحزب الاشتراكي يقولون إنهم سيفاوضون على زيادة عدد تأشيرات لم الشمل للاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية، علما أن الحزب يتعرض لضغط من قاعدته لإجراء تعديلات على الاتفاق الأولي، ومن ضمنها موضوع لمّ شمل اللاجئين، خصوصاً بعد تصويته بأغلبية ضئيلة لصالح الدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة مع الاتحاد المسيحي.
تقول هيا اللحام لمهاجر نيوز إنها تأمل أن يستطيع الحزب الاشتراكي التأثير في موضوع لمّ شمل عائلات اللاجئين، وتضيف: "توقعنا أن يرأف السياسيون بحالنا، وألا يظلمونا مثلما تفعل بنا الدول العربية".
وبالرغم من لجوء عائلة هيا لمصر، إلا أن وضع والدها الصحي، حيث أجريت له عملية للقلب المفتوح ويعاني من الضغط الذي سبب نزيفاً في عينه، وحاجة أخيها القاصر لأمه، بالإضافة إلى الحادث الذي تعرض له أخوها المعيل، يزيد من معاناة العائلة.
إعاقة الاندماج
تقول هيا إن وضع عائلتها يؤثّر على اندماجها بشكل كبير، وتضيف: "أحياناً كثيرة، حتى وأنا في درس تعلم اللغة، أفكّر بصورة أرسلها لي أبي تظهر نزيف عينه بسبب الضغط، وتتابع: "لا أعرف لماذا يتم التعامل معنا بهذه القسوة؟ نحن نلتزم بالقوانين، ونسعى للاندماج، لكنهم يعيقون ذلك بوقف لمّ الشمل".
ويتعلق موضوع لمّ الشمل بلاجئين حاصلين على الحماية الثانوية، قادمين من سوريا والعراق وأريتريا وأفغانستان، والذي يقدر عددهم بنحو 60 ألف، ويؤثر هذا الموضوع بشكل كبير على القاصرين منهم، مثل اللاجئ السوري غيث الشلبي. "
ففي بداية موجة اللجوء نحو أوروبا، جاء غيث مع أبيه وأخيه محمد خير إلى ألمانيا، بينما بقيت والدته وأخته في دمشق، على أمل لم شمل العائلة قريباً، لكن الحماية المؤقتة، بددت أملهم، ما جعل غيث يصاب بصدمة نفسية.
أزمة نفسية
يقول أخ غيث، محمد خير الشلبي، لمهاجر نيوز إن بُعد أخيه عن أمه هو ما جعل حالته النفسية تتأزم، ويتابع: "كان يبكي ويعصّب في البداية، لكنه الآن يبكي ويضحك لوحده، ولا يكترث لنا عندما نتحدث إليه"، مضيفاً أن أخاه لم يعد يستطيع الذهاب للمدرسة بسبب وضعه النفسي.
ويأمل محمد خير أن يستطيع الحزب الاشتراكي أن يزيد من عدد الحالات المشمولة بلمّ الشمل لدى الحاصلين على الحماية المؤقتة، ويضيف: "أرجو أن يراعوا العدد الكبير من الحالات الإنسانية الطارئة، وخصوصاً المتعلقة بالقاصرين".
لكن مهمة الحزب الاشتراكي لا تبدو سهلة، مع إصرار الاتحاد المسيحي على عدم تغيير ذلك العدد، حيث صرّح رئيس لجنة الرقابة في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، والمنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي آرمن شوستر أنه لا مجال لتغيير ما جاء في الاتفاق الأولي بين الحزبين فيما يتعلق بلم شمل عوائل اللاجئين، مضيفاً لصحيفة "هايلبرونر شتيمه" إن لم شمل 12 ألف من عائلات اللاجئين يعتبر "كرماً" لمراعاة الحالات الصعبة، مؤكداً أنهم لن يورطوا أنفسهم بزيادة هذا العدد.
تقول هيا اللحام: "يجعلون حالاتنا الإنسانية موضوعاً للبازار السياسي، هذه ليست إنسانية ألمانيا التي نعرفها".
محي الدين حسين ـ مهاجر نيوز