ألمانيا - فيسبوك لاعب "آلي" في الانتخابات التشريعية؟
١٣ مايو ٢٠١٧قد تُعبر الألوان أيضا عن مواقف سياسية: فالأحمر يشير إلى الحزب الإشتراكي الديمقراطي وحزب اليسار، والأزرق مع قليل من اللون الأحمر يشير إلى حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي، واللون الأصفر مع قليل من الأزرق يرمز إلى الحزب الليبرالي، كما يشير البرتقالي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي...إلخ.
في يومنا هذا لم تعد شبكة الانترنت أقل أهمية خصوصا بالنظر إلى تطورات مواقع التواصل الاجتماعي، كما هو الشأن بالنسبة لموقع فيسبوك. وليس هناك من حزب يستطيع الآن التخلي عن هذه الوسيلة بالنظر إلى أن حوالي 28 مليون مواطن ألماني مسجل في فيسبوك.
وعلى خلاف استطلاعات الرأي فان حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي في مقدمة لائحة عدد "لايكات/ الإعجاب" عند المقارنة مع الحزبين الكبيرين في ألمانيا حيث يبلغ عددها 320.000 يوميا، في حين يبلغ عدد "لايكات" الحزب الاشتراكي الديمقراطي 138.000 والحزب المسيحي الديمقراطي 130.000. ولكن هذه الأرقام لا تعني طبعا أن المستخدمين معجبون حقا بهذا الحزب أو ذاك لأن نظام "لايكات" يعتمد على آلية من صنع فيسبوك لإبراز عدد من مواضيع تلك الأحزاب المختلفة. ولكن قد يساهم فيسبوك في الرفع من مستوى الانتشار مثلا عند قيام مؤيدي حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي تكثيف الضغط بـ"الإعجاب"(لايك).
كل الأحزاب تعلم الآن كيف يمكن الاستفادة من استخدام فيسبوك مثلا من خلال التقارير المصورة والشعارات المُعبرة والنصوص القصيرة. وقد تتغير هذه الخصوصيات من وقت لآخر، فالحزب الليبرالي الألماني يعتمد حاليا في حملته الانتخابية البرلمانية على إبراز صورة رئيس الحزب كريستيان ليندنر وأمينة عام الحزب نيكولا بير، وطبعا إلى جانب إبراز ألوان الحزب. أما عدد "لايكات" الحزب في فيسبوك فهي بمستوى 75.000. وبالنسبة لائتلاف حزب الخضر/90 المعتمد أيضا على الصور والفيديوهات بمستوى 140.000 "إعجاب" فقد بلغ عدد النصوص المُعجب بها 190.000 "لايك".
الإهتمام بالمضمون أيضا
ويركز الحزب الاشتراكي الديمقراطي على مرشحه مارتين شولتز وجاذبيته القوية خاصة بعد نتائج استطلاعات الرأي المتدنية للحزب، وذلك إلى جانب الاعتماد على الصور والشعارات الدعائية والفيديوهات، كما يوضح مستشارو الحزب. يضاف إلى ذلك استخدام صفحة فيسبوك عند تناول المواضيع وشرحها والتأكيد على مواقف التضامن والعدالة الاجتماعية.
ورغم ما يتعرض إليه المرشح شولتز وحزبه من ملاحظات ساخرة في وسائل التواصل الاجتماعي من حين لآخر فإن الباحثة في أبحاث القضايا المعرفية إيليزابيت فيلينغ من جامعة بيركلي تؤكد في لقاء مع DW أن المرشح شولتز ينهج بذلك الطريق الصواب، حيث إنه "يعمل على إيجاد علاقة في الربط مع القيم"، مضيفة أنه لا يدخل في الحديث المفصل عن البرنامج الحزبي الذي لا يهم الناس كثيرا، بل إنه ينتقل الى مرحلة السؤال عن الذات "من أنا كإنسان؟، وماهي مكانتي؟ وماذا يؤكد خصوصيتي؟"
بالنسبة للحزب المسيحي الدمقراطي فإنه يركز حاليا على موضوع "الريادة الثقافية" وهو اختيار جيد أيضا كما ترى الباحثة فيلينغ، التي تلاحظ أن كثرة الحديث عن هذا الموضوع يصب في صالح هذا الحزب الذي يأمل في أن تستمر المعارضة في الحديث عنه من حين لآخر وتمديد وجوده في فضاء التصورات في المستقبل أيضا.
الإنسان و الإنسان الآلي
قد تكون نتيجة الحملة الانتخابية جيدة عند استخدام صفحة فيسبوك ولكنها تحمل في نفس الوقت مخاطر التعليقات اللاذعة المليئة بتصريحات التشويه والاستهزاء، كما لحقت بوزير الداخلية دي ميزيير وحزبه المسيحي الديمقراطي في موضوع حديثه عن "الريادة الثقافية"، والتي تم وصفت بأنها " دردشة الحملة الانتخابية" و "المثيرة للإرتباك" و "الثرثرة النيوليبرالية" أو "المثيرة للضحك".
ويعمل العاملون في الحزب على على تشذيب هذه التعبيرات أو محوها من الصفحة بشكل سريع، على خلاف أحزاب صغيرة مثل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي والتي لا تعمل على تنظيف ما يكتب من تعاليق لايمكن وصفها بالحوار والتواصل.
في هذا الموضوع أيضا هناك من يتساءل عن مدى مشاركة الآلة في تلك الكتابات والتعليقات الشبكية التي لا يساهم فيها الإنسان، بل الآلة، حيث إن تلك الكتابات تنطلق من خلال برامج إليكترونية بإمكانها التدخل والمشاركة في الحوارت والمنتديات وكأنها إنسان.
الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب اليسار والحزب المسيحي الدمقراطي وحزب الخضر والحزب الليبرالي ترفض مثل تلك المبرامج الآلية التي قد يتم استغلالها لصناعة المواقف ونشرها بشكل خادع، مما قد يؤثر سلبيا على نتائج الانتخابات. لكن الخبير في عالم الحاسوب من كولونيا ديتمار يانيتسكو لا يرى حاليا وجود "مخاطر تلاعب الانسان الآلي بشكل مباشر، ولكن هناك طبعا مخاطر على المدى البعيد قد تؤدي إلى إقصاء منتديات معينة من خلال التدخل القوي للإنسان الآلي في النقاشات وبالتالي العمل على إقصاء القوى المعتدلة في تلك المنتديات".
قسطنطين كلاين/ ع.ع