ألمانيا ـ مسلمون في صدارة المتطوعين لمساعدة اللاجئين
٢٨ مارس ٢٠١٧إحسان وهبي كانت حاضرة عندما كانت الحاجة إليها قائمة، والشابة المولودة في لبنان تعيش منذ 32 عاما في ألمانيا، ولم تتردد في تسجيل نفسها لدى السلطات في برلين للعمل التطوعي من أجل اللاجئين. وتحولت إحسان بالنسبة إلى كثير من الأمهات القائمات لوحدهن على تربية الأولاد وللعائلات المنهكة من بلدان الشرق الأوسط إلى همزة وصل مع المجتمع الألماني يصعب التخلي عنها.
44 في المائة من المسلمين ملتزمون بالعمل التطوعي
وبهذا الالتزام ليست الشابة المسلمة وحدها، كما يكشف الآن مرصد الأديان لعام 2017، الذي تنجزه مؤسسة برتلسمان الألمانية، وضمنه استطلاع يُظهر دور الدين في الاندماج الاجتماعي للاجئين. وأظهرت النتيجة أن المسلمين في ألمانيا يلتزمون أكثر في مساعدة اللاجئين مقارنة مع أعضاء ديانات أخرى أو ملحدين. 44 من مجموع المسلمين الذين شملهم الاستطلاع أعلنوا بأنهم التزموا السنة الماضية في مساعدة اللاجئين، في حين أن واحدا من خمسة مسيحيين أعلن عن التزامه في دعم لاجئين، فيما كانت مشاركة غير المتدينين ضئيلة. وهذا يعني بالنسبة إلى من وقف على التحقيق الميداني أن الصورة النمطية التي تفيد بأن المسلمين لا يلتزمون من أجل المجتمع والنفع العام خاطئة.
ومن أجل تنسيق أفضل للعمل الإسلامي لصالح اللاجئين انضم 17 ناديا تحت لواء "دائرة العمل الإسلامي للاجئين في كولونيا"، والهدف المشترك هو المساهمة في "نجاح الاندماج والتعايش" والعمل كجسر للتفاهم. وهذا ينطبق على تعايش مجموعات مسلمة مختلفة، ولكن أيضا لكافة التعايش الاجتماعي في ألمانيا، كما ذكرت دائرة العمل على موقعها الالكتروني.
وميزة المجموعات المسلمة كمحاور للاجئين هي الجوانب الثقافية واللغوية المشتركة، كما يقول مراد كيرميزي، وهو يرأس نادي "نحن هنا ـ لاجئون يساعدون محتاجين" الذي هو جزء من دائرة العمل. وفي هذا النادي يعمل اللاجئون كمساعدين وكمتلقين للمساعدة. ويقول كيرميزي إن الناس الذين لهم تجربة مع الاندماج يكونون في وضع أحسن لفهم اللاجئين ومساعدتهم.
المساعدون لا يريدون لعب دور المبشر
وحتى التخوفات المعلن عنها لاسيما من معسكر اليمينيين الشعبويين بأن المسلمين يستغلون التزامهم التطوعي من أجل التبشير أو التوجيه الديني تبقى لا أساس لها من الصحة. ولجأت بعض وسائل الإعلام إلى الترويج لتخوفات مفادها أن العربية السعودية ستقوم ببناء 200 مسجد للتأثير على اللاجئين بالمذهب الوهابي.
وجاء في الدراسة أن غالبية المسلمين تنشط من أجل موقف منفتح تجاه الديانات الأخرى، وهذا يدعم الشعار الأساسي للاندماج في مجتمع منفتح وديمقراطي. وتقول ياسمين منوار مديرة الدراسة في مؤسسة برتلسمان بأن "هذا الالتزام االتطوعي يظهر أن مجتمعنا متضامن في الأوقات العصيبة بغض النظر عن الدين أو الأصل". وتم في عام 2016 توجيه السؤال لمجموع 10.000 شخص من أجل تدوين تقرير مرصد الأديان في ألمانيا والنمسا وسويسرا وفرنسا وبريطانيا وكذلك تركيا.
"حركة مواطنين جديدة"
وتكشف الدراسة أيضا أن نحو خمس السكان الألمان التزموا في 2016 لخدمة اللاجئين، وغالبيتهم بشكل منتظم. وعلى هذا النحو قامت مساعدة اللاجئين أيضا بتعبئة أولئك الذين قلما نشطوا بصفة طوعية.
وقالت مندوبة الحكومة للاندماج أيدان أوزغوز:"مع اللاجئين جاء أيضا التضامن". وأضافت وزيرة الدولة أن "ستة ملايين شخص يلتزمون في مساعدة اللاجئين". وهذا يمثل حركة مواطنين تقدم عملا لا يمكن التخلي عنه.
فيما تبقى التباينات قائمة بين الشرق والغرب في عمل الاندماج هذا. ففي الوقت الذي يلتزم فيه ألمان من غرب البلاد، لصالح لاجئين مقارنة مع ألمان من شرق البلاد، فإن الألمان الشرقيين(في شرق البلاد) يستثمرون كثيرا من الوقت والعمل في النشاط التطوعي.
وفي الشطر الغربي أعلن 36 في المائة من المستطلعة آراؤهم أنهم يتطوعون، فيما أعلن عن ذلك 29 في المائة في الشرق. وجوابا عن السؤال حول من يلتزم عدة مرات في الأسبوع لصالح لاجئين نجد أن الشرق يحتل المكانة المتقدمة. فواحد من بين خمسة ألمان شرقيين يعمل في مساعدة اللاجئين ينشط بانتظام عدة مرات في الأسبوع، فيما تصل هذه النسبة إلى واحد من بين عشرة في غرب البلاد.
من يعرف لاجئين يساعد أكثر
ويفيد تقرير مرصد الأديان أن مساعدة اللاجئين لها أيضا علاقة بمقر الإقامة. فكلما كان سكن الناس أقرب من سكن للاجئين كلما كانوا ملتزمين. في غرب ألمانيا نجد أن 28 في المائة من المستطلعة آراؤهم يساعدون إذا كان مقر سكنهم لا يبعد عن دار إيواء لاجئين. ونصف هذه النسبة فقط يفعل ذلك إذا كان سكنهم بعيدا عن سكن لاجئين.
وفي شرق ألمانيا يساعد 17 في المائة من السكان لاجئين إذا كانوا يسكنون بالقرب من مركز لإيواء اللاجئين، وإذا كانوا بعيدين عن لاجئين، فإن نسبتهم تصل إلى 12 في المائة. ويقترح معدو الدراسة دعم الالتزام التطوعي لمساعدي اللاجئين بصفة فاعلة ومستمرة، لاسيما فيما يخص المسلمين الملتزمين تكون هناك حاجة كبيرة لتدارك الموقف لدى السلطات.
ريشارد فوكس/ كريستوف هاسلباخ/ م.أ.م