ألمانيا - شابات وشبان عرب ضحايا الزواج القسري
٢٥ يوليو ٢٠١٤ليلى (اسم مستعار) شابة عربية تقترب من العشرينات من العمر، اختارت الهرب من بيت أسرتها وتزوجت شخصا تحبه، بعد أن حاول الوالدين تزويجها قسراً بأحد أقاربها في الوطن الأم. أما حليمة (اسم مستعار) والتي تجاوزت الثلاثين من العمر فقد حصلت أخيرا على الطلاق من زوجها الذي تزوجته قسراً وعانت كثيراً خلال فترة زواجها. وبالنسبة لرشيد (اسم مستعار) الذي يبلغ خمسة وعشرين عاماً من العمر، فلم يعد يسافر مع والديه إلى الوطن الأم بسبب رغبة والديه في تزويجه بفتاة من عائلته.
هذه هي بعض الأمثلة القليلة التي تمكنت DW عربية من رصدها في بعض المؤسسات التي تهتم بحقوق المرأة بالعاصمة الألمانية برلين. فمثل هذه الجمعيات تحرص جداً على عدم الإعلان عن البيانات الشخصية لمثل هؤلاء الضحايا، يضاف إلى ذلك أن بعض المواطنين من المنطقة العربية "لا يرغبون في الافصاح عن مشاكلهم علناً "، كما تلاحظ إحدى الموظفات في جمعية نسائية في برلين.
القانون الألماني يمنع الزواج القسري، غير أن بعض العائلات تتحايل عليه، حيث لا يتم التبليغ عن تلك الحالات بسبب ضغوطات عائلية. في برلين يتم تسجيل أعلى نسب مقارنة بالمدن الألمانية الأخرى. في هذا السياق تقول الباحثة الألمانية من أصول مغربية السيدة صورية موقيت: "قبل ثلاث سنوات قام الباحث الألماني رالف غارمان بدراسة في موضوع الزواج لدى العرب المقيمين في برلين وبالضبط في أوساط لبنانية، وتوصل إلى وجود ظاهرة الزواج المدبر أي المتفق عليه، والزواج القسري". ويعود السبب في ذلك بالنسبة للباحثة موقيت إلى "رغبة الأولياء في تزويج بناتهم وأولادهم بأشخاص من نفس الوطن والثقافة". وبذلك يشكل الزواج القسري، حسب رأيها " ظاهرة ثقافية موجودة في مجتمعات أخرى كأوروبا الشرقية وآسيا، وهي ليست ظاهرة دينية بالدرجة الأولى".
باحثة سوسيولوجية: الظاهرة ثقافية وليست دينية
يفرق الباحثون بين الزواج القسري والزواج الذي يتم من خلال تكليف أحد الأقارب بالبحث عن زوج أوزوجة من طرف الراغب في الزواج (زواج الصالونات). وتوضح الباحثة صورية موقيت أن "الزواج المتفق عليه بين عائلتين يوجد أيضاً في المجتمعات الأوروبية المتقدمة، غير أن الزواج القسري يرتبط أساسا بالمجتمعات الأبوية التي تقصي المرأة "، وتضيف مقيت أن هذا الشكل من الزواج لا يقتصر على المجتمعات العربية والإسلامية بل يوجد أيضاً في مجتمعات مسيحية وبوذية، حيث ترتبط هذه الظاهرة بالثقافة وليس بالدين.
علاقة الظاهرة بالمستوى التعليمي للأولياء
الأسباب الثقافية والإجتماعية التي تدفع بالأولياء إلى فرض مواقفهم على أبنائهم وبناتهم في قرار الزواج كثيرة، غير أن ثريا مقيت تؤكد على أن المستوى التعليمي للأولياء يلعب في ذلك دورا أساسيا . "فكلما ضعف المستوى التعليمي للأولياء والأبناء، إلا وكانت نسبة الزواج القسري مرتفعة".
وكما هو حال ليلى التي هربت من بيت أسرتها وطلاق حنان، وامتناع رشيد عن زيارة أهله في الوطن الأم، فإن عواقب الزواج القسري تتجلي في حدوث عكس ما يأمله أولياء الأمور في العائلات، يضاف إلى ذلك أن حالات الزواج القسري، حسب الباحثة موقيت "تترتب عنها اضطرابات نفسية وحالات عنف أسري ،تنعكس سلبا على الزوجين وعلى الأولاد، وإذا حصل الطلاق تصبح الأمور أكثر تعقيدا".
أهمية التوعية
تتوفر غالبية المدن الألمانية على مراكز ومؤسسات خاصة تقدم يد المساعدة لضحايا الزواج القسري وتوفر لهم الحماية القانونية، كما تساعدهم في البحث عن مأوى أو سكن عند الحاجة. لكن الباحثة صورية موقيت تشدد على أهمية التوعية في مواجهة مثل هذه المشاكل. وتقول في هذا الصدد: "الحلول الأكثر أهمية هي القيام بتوعية الناس بخطورة الوضع خصوصاً في المساجد من طرف الأئمة، لأن الزواج القسري مخالف للدين، كما يجب على الفتيات أن يحرصن على مواصلة الدراسة ويبحثن عن عمل يحقق لهن الاستقلالية". فالشابة التي تنقطع عن الدراسة وتنزوي في عقر بيتها تفقد حرية اتخاذ القرار داخل محيطها ومجتمعها.