ألمانيا - سبل مواجهة العنف بين اللاجئين
٢ أكتوبر ٢٠١٥قمتم في ولاية براندنبورغ بالبحث عن الأسباب التي تؤدي الى حدوث تصعيد في النزاعات. متى يحدث ذلك؟
فولفغاغ باوتز: ليست هناك قاعدة معينة، ولكن استطلاعات الرأي التي قمنا بها نهاية عام 2014 بين العاملين والسكان في 48 مأوى، تشير إلى أوضاع معينة حولت نزاعات (بسيطة) إلى مواجهات عنيفة بشكل سريع. فحين يعيش الناس في ظروف صعبة ، تحدث بينهم نزاعات. ويلعب الوضع السكني دور مهم في المناخ العام وفي التوترات المحتملة بين هؤلاء، حيث ليست هناك إمكانية لجوء الشخص إلى محيط خاص به فقط، بعيدا عن الجمع، مما يؤدي الى حدوث نزاعات تتسم بالعنف.
كما يلعب العمال الاجتماعيون دورا مهما في هذا المحيط، وهذا يتعلق بعدد العالمين والكفاءة والاستعداد الشخصي (لكل منهم) للقيام بالمهمات. وهناك أسباب أخرى: اللاجئون يأتون من ثقافات وخلفيات اجتماعية مختلفة ولا يتحدثون اللغة الألمانية أو لغة عالمية للتواصل مع بعضهم البعض. وقد يؤدي ذلك سريعا إلى سوء التفاهم وإلى خلافات، ناهيك عن وجود نقص في الإمكانيات المرتبطة بأوقات الفراغ، وكل ذلك يساهم في خلق توترات في مراكز الإيواء.
طالبت نقابة الشرطة بضرورة إسكان اللاجئين في مجموعات حسب انتمائهم الديني و العرقي، ما هو الدور الذي تلعبه النزاعات السياسية والدينية المرتبطة بتلك البلدان؟
مراكز الايواء التي كانت موضع بحث أكدت عكس ذلك. أعتقد أن أسباب النزاعات التي تتسم بالعنف في المراكز ليست دينية أو سياسية، إنها خصومات ترتبط بالحياة اليومية بين اللاجئين وفي سكنهم انطلاقا من الغموض المخيم على مستقبلهم المجهول.
أعتقد أنّ من الصعب تطبيق منظومة فصل الناس عن بعضهم البعض حسب دينهم. فهناك متحاربون سنة وشيعة وهم ينتمون إلى دين واحد، وهناك خصومات بين كاثوليك و بروتستانت. لا أعتقد أن مثل هذا الاقتراح يسهم في حل المشاكل، وهو ليس مفيدا حتى بمعيار عملية الاندماج. هناك في بعض الحالات أناس يريدون من منطلق ديني أن يفرضوا كيفية عيش الناس في ألمانيا. وقد يكون ذلك سببا في النزاعات وأعمال عنف. ومن الضروري العمل على منع ذلك.
ماذا يجب على السلطات القيام به لإضعاف مستوى النزاعات في مراكز الإيواء الغاصة باللاجئين غالبا ؟
النتيجة المهمة التي توصلنا إليها في دراستنا هذه هي أن السكن - خصوصا حين تعلق الآمر بحجم البناية وتصميمها- يلعب دورا مباشرا في عملية تحول النزاعات إلى مواجهات عنيفة. نحن في حاجة إلى مساكن صغيرة و يجب العمل على تجنب جمع الناس بالمئات في مساحات صغيرة. وثانيا يلزم الاهتمام بالعمال الاجتماعيين وتأهيلهم بما فيه الكفاية كي يمكنهم التخفيف مما قد يحدث من تصعيد.
هناك مبادرات كثيرة تعمل على مساعدة هؤلاء الناس، ويجب علينا الاستفادة منها بشكل جيد لسد أوقات فراغ اللاجئين. دروس اللغة الألمانية مهمة هي الأخرى منذ البداية. فتعلم اللغة يشكل إحدى الوسائل الأساسية للتعود على مجرى الحياة في هذا البلد ولتنظيم مسار الحياة اليومية وبالتالي للتواصل مع الناس والسكان والحديث معهم عن المشاكل.
نتائج الدراسة أظهرت أن النزاعات لا تنطلق من المحيط السياسي أو الديني بل من المسائل المرتبطة بالحياة اليومية مثلا " هل يمكننى أن أطبخ طعامي؟، هل يمكن تشغيل الموقد ؟ من أخذ هذا أو ذاك؟ كم من الوقت يدوم الطبخ؟، ولماذا تطول مدة الطبخ؟، أو أنا أريد أن أطبخ!" إنها قضايا بسيطة في الحياة اليومية. وإذا كان السكن فسيحا فلن تكن هناك توترات قوية.
من خلال ما توصلت إليه الدراسة، ما هي الأشياء التي تم تطبيقها في ولاية براندنبورغ ؟
قمنا بتطوير حلقات تدريبية للعاملين في تلك مراكز الإيواء، بما في ذلك العاملين في قطاع الأمن، وتناولت أسئلة من قبيل: كيف يمكن المساهمة في عملية التهدئة عندما يكون هناك توتر؟ وما السبيل إلى التهدئة عندما لا يتم التفاهم بسبب اللغة.
في السكن الجماعي هناك أشخاص يحرزون احترام جزء من اللاجئين بسبب عمرهم أو لأسباب اجتماعية. وقد يمكن تحديد هؤلاء الأشخاص ومساعدتهم في تطوير آلية ووتوجيههم لفض المنازعات.
ولكن كيف يمكن أضعاف مستوى التصعيد إذا لم يكن هناك تواصل لغوي؟
نحن نعلم أن رسائل كثيرة تتم في العملية التواصلية من خلال لغة الجسم. ويجب الاستفادة من ذلك عن وعي. وكثيرا ما نلاحظ أن ردود الفعل على الغوط قد تأتي بعكس ذلك، حيث يأخذ الجسم في التحرك و يرتفع صوت الشخص مما لا يسهم في تهدئة الأوضاع.
ولكن يجب إبعاد الذين يقومون بأعمال عنف من مراكز الايواء! أليس هذا صحيحا؟
هذا أمر واضح جدا. هناك أشياء لا يمكن حلها إلا من خلال الشرطة. ولكن يجب التحرك قبل أن يحدث ذلك. وعن طريق مراقبة الأوضاع بدقة والتحرك الصحيح يمكن تجنب العنف. هناك دائما مخاطر وجود أشخاص قد ينفجرون بسبب أمراض نفسية نتيجة ما عايشوه من مآس. ونحن نريد إعداد العاملين لتشخيص مثل هذه الحالات، لكي يمكنهم التعامل مع ذلك بشكل مناسب. نحن في حاجة إلى عاملين اجتماعيين مؤهلين. وعلى خلفية التطورات الحالية فأنا قلق لعدم الاهتمام بما فيه الكفاية بهذا الموضوع، بحيث يكون هناك عدد كاف من العمال الاجتماعيين.
دكتور فولفغانغ باوتز: باحث في الدراسات الاجتماعية ومدير مؤسسة "الخدمات الاستشارية في قضايا الهجرة والاندماج والتسامح في ولاية براندنبورغ.