ألمانيا تحاور النظام والمعارضة السورية ـ أي دور تلعبه برلين؟
٢٦ يوليو ٢٠١١أعلن متحدث باسم الخارجية الألمانية أن بلاده أجرت اتصالات مع شخصيات في المعارضة السورية في برلين ودمشق. وأضاف المتحدث أن مدير دارة الشرق الأوسط في الوزارة، بوريس روج، زار دمشق مرتين خلال شهر واحد والتقى هناك أيضا بوزير الخارجية السوري وليد المعلم وابلغه "رسالة واضحة" من نظيره الألماني غيدو فيسترفيله مفادها أن "العنف يجب أن يتوقف"، ملوحا بعقوبات جديدة على دمشق.
وفي حوار مع دويتشه فيله، قال رئيس وفد المعارضة السورية إلى برلين، رضوان زيادة، إن زيارة الوفد السوري لبرلين جاءت لكون ألمانيا تتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي و"هناك رغبة في أن تلعب برلين دورا في قيادة المفاوضات الخاصة بقرار مجلس الأمن حول سوريا". ورغم أن رئاسة ألمانيا لمجلس الأمن ستنتهي خلال أيام إلا أن المعارضة السورية تأمل في أن تستمر ألمانيا ـ بما تملكه من ثقل ـ في لعب دور في إقناع بقية الأطراف الدولية المعنية بالضغط على النظام السوري، كما قال زيادة.
وبالإضافة إلى مناقشة دعم إصدار قرار من مجلس الأمن تطرق لقاء وفد المعارضة السورية مع المسؤولين الألمان إلى قضايا "تتعلق بالمرحلة الانتقالية" بعد سقوط نظام الأسد وكذلك قضية حقوق الإنسان في سوريا "وطريقة توصيفنا للمظاهرات المطالبة بالحرية والديمقراطية وكيفية حمايتها من أجل الوصول إلى أهدافها ممثلة بالانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية في سوريا"، حسب تعبير زيادة.
ضغوط أم وساطة لتقريب وجهات النظر؟
زيارة الدبلوماسي الألماني، بوريس روج، لدمشق ولقائه بوزير الخارجية السوري وبأطراف من المعارضة، كلها تحركات توحي وكأن برلين تلعب دور الوسيط. لكن المعارض السوري رضوان زيادة نفى لدويتشه فيله وجود أي وساطة ألمانية، مؤكدا أن المعارضة لم تطلب من ألمانيا أن تلعب مثل هذا الدور، بل "أن تضغط على الحكومة السورية من أجل وقف عمليات القتل بحق الشعب السوري". وفي هذا السياق يؤكد زيادة بأن المفاوضات "إذا كانت ستجرى فإنها يجب أن تجرى في دمشق ولكن ذلك لن يتم إلا بعد أن يستجيب النظام السوري للشروط الطبيعية لتحقيق مناخ للحوار".
من جانبه يرى الصحفي الألماني شتيفان بوخن، في حوار مع دويتشه فيله، أن الحكومة الألمانية معنية بالاستقرار في سوريا وأنها "ربما تعتقد بأن هناك أمل" في إنجاح ما أسماه الرئيس السوري بشار الأسد "بالحوار الوطني" ولذلك "تريد على ما يبدو أن تساعد في هذا الجانب". لكن بوخن، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط، يشكك في نجاح هذه المحاولة للحوار "لأن القيادة السورية كسرت إمكانية التصالح مع المعارضة بعد قتل نحو 2000 شخص في سوريا". ويعتقد بوخن أن القيادة السورية أثبتت بأنها أصلا "غير معنية بالمصالحة أو بالحوار الحقيقي وتضرب بقوة الاحتجاجات، ولا يبدو أن ألمانيا قادرة على تغير هذه السياسة".
شرعية بشار الأسد
وبرغم الضغوط التي تمارسها ألمانيا على دمشق والانتقادات للنظام السوري إلا أن برلين لم تصل إلى حد مطالبة بشار الأسد بالتنحي، في هذا الصدد قال المعارض السوري رضوان زيادة إنه تمت مناقشة هذا الموضوع مع الجانب الألماني وأعربت المعارضة عن أملها بأن يصرح وزير الخارجية الألماني "علناً بأن بشار الأسد فقد شرعيته وأن عليه الرحيل فورا". وأضاف بأنهم ـ أي المعارضة ـ تلقوا تأكيدات بأن "نظام الأسد فقد شرعيته تماماً ويجب أن يكون النقاش الآن حول المرحلة الانتقالية وفي الأدوار التي يجب أن تلعبها المعارضة في المستقبل".
على العكس من ذلك يعتقد الصحفي الألماني شتيفان بوخن، أن الحكومة الألمانية تريد أن تضمن الاستقرار في سوريا ولذلك فهي لا تطالب بتنحي الرئيس بشار الأسد بل إنها "تخاف" من سقوط نظامه، "تخاف من المجهول، من الفوضى، ومن الحكومة التي ستأتي، لذلك فهي تحاول أن تساعده في إيجاد حل سلمي للأزمة". ويتابع الصحفي الألماني بالقول إن الحكومة الألمانية مثلها مثل بقية الحكومات الغربية "تراهن على بقاء بشار الأسد" وتأمل بأن يقوم بإصلاحات في بلاده، "ولكن هذا الأمل في رأي محكوم عليه بالخيبة، لأن بشار الأسد وعد خلال السنوات الأخيرة بالإصلاحات ولم يف بهذه الوعود، فكيف سيجري إصلاحات في هذه اللحظة وهو يواجه التحدي الأكبر لحكمه؟".
عبده جميل المخلافي
مراجعة: أحمد حسو