ألمانيا تتخوف من البقاء وحيدة في أوروبا دون بريطانيا
١٩ يونيو ٢٠١٦عادة لا يريد السياسيون الألمان التدخل في النقاشات البريطانية، حيث يتخوفون من أن يؤدي ذلك إلى تقوية معسكر الرافضين للإتحاد الأوروبي هناك. ولكن من خلال استطلاعات الرأي التي تتحدث عن احتمال خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بدأ القلق يعتري السياسيين الألمان أيضا. فالحكومة الاتحادية الألمانية ترغب بشكل قوي في بقاء بريطانيا داخل الاتحاد. وقد حذر نائب المستشارة زيغمار غابرييل بداية الشهر الجاري من التبعات الاقتصادية والسياسية على كلا الجانبين، إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي. ومن جهتها قالت المستشارة: " أتمنى شخصيا أن تبقى بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي."
من جانب آخر عبر النائب الألماني للحزب الديمقراطي المسيحي في البرلمان الأوروبي دافيد ميكاليستر، والذي يحمل أيضا الجنسية البريطانية في لقاء مع DWعن اعتقاده من أن " الاتحاد الأوروبي دون المملكة المتحدة هو اتحاد غير جيد، حيث يشكل البريطانيون عادة محركا قويا للسوق الداخلية في أوروبا وفي حرية التجارة وينهجون دبلوماسية ممتازة، كما إن لهم جيشا قويا جدا. كلها دلائل تثبت ضرورة وجود بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي".
أغلبية المواطنين الألمان أيضا تأمل أن تبقى بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي. ففي استطلاع للرأي قامت به مؤسسة إينفرا-ديماب لصالح DWأبريل الماضي، عبر 78 بالمائة من المواطنين الألمان عن رغبتهم في بقاء بريطانيا داخل الاتحاد، وهي أعلى نسبة بالمقارنة مع خمس دول أوروبية أخرى بما في ذلك بريطانيا.
القيم المشتركة
قد يختلف المحافظون الذين يحكمون بريطانيا حاليا في موضوع العضوية في الاتحاد الأوروبي، ولكن توجد أيضا مواقف مؤيدة جدا لحكومة المستشارة ولألمانيا بقدر لا يستهان به. ففي حوار مع DWصرح مارتين كلانان، رئيس الجناح المحافظ في البرلمان الأوروبي سابقا وعضو مجلس اللوردات البريطاني حاليا أن "ميركل قريبة جدا من رئيس الوزراء كامرون في العديد من القضايا المهمة. فنحن البريطانيون لنا مواقف مشتركة مع برلين في القضايا الاقتصادية عندما يتعلق الأمر بحرية التجارة ونهج السياسات الصارمة في الميزانية."
ويرى كلانان وجود تحالف طبيعي بين الجانبين. فالمملكة المتحدة وألمانيا "تشكلان قيادتين في شمال أوروبا أكثر فأكثر في حين تتجه زعامة فرنسا نحو جنوب أوروبا. إن فرنسا وتوجه دولتها التدخلي من جهة وألمانيا وتوجهها التنافسي من جهة أخرى هما دولتان مجاورتان جغرافيا ولكن ليس ذلك جوارا إيديولوجيا أبدا."
دعوة رئيس الوزراء كامرون لميركل وزوجها لزيارة مقر إقامته في شيكرس والتي تلتها دعوة ميركل لكامرون ولكل أسرته لزيارة قصر ميسيبيرغ ترمز ولاشك إلى العلاقات الشخصية القائمة بين الجانبين. فحتى الآن لم يتم توجيه مثل تلك الدعوة إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، سواء من طرف بريطانيا أو من طرف ألمانيا، رغم أن فرنسا تعتبر شريكا قويا لألمانيا.
أزمة اللاجئين ونقطة التحول
ولكن بعد أزمة اللاجئين واختلاف المواقف بين ميركل وكاميرون في هذا الموضوع تدمر الكثير في تلك الشراكات. ففي الوقت الذي دعت فيه ميركل آنذاك إلى نهج سياسة الأبواب المفتوحة تجاه اللاجئين عبر كاميرون عن رفضه الكامل للمهاجرين الذين يريدون عبور مرفأ كالي للوصول إلى بريطانيا.
في موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يلعب موضوع المهاجرين غير المرغوب فيهم دورا مهما. فالرافضون للإتحاد الأوروبي في بريطانيا يشيرون من حين لآخر سلبيا إلى سياسة ميركل بهذا الشأن. وفي هذا السياق ذكر المؤرخ البريطاني أنتوني غليز خريف العام الماضي في حديث مع إذاعة ألمانيا متحدثا عن التدفق القوي للاجئين: " العديد من البريطانيين يرون أن الألمان فقدوا صوابهم". وإذا ما رفضت أغلبية البريطانيين البقاء في الاتحاد الأوروبي فسيكون موضوع أزمة اللاجئين وتعامل ميركل معه قد لعبا دورا ما في ذلك.
ماذا لو حدث ذلك؟
معظم الخبراء في كلا الجانبين يتنبئون بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيعود سلبا على بريطانيا. وما معنى ذلك بالنسبة للإتحاد الأوروبي وألمانيا بالخصوص؟ مدير مؤسسة استطلاعات الرأي إنفراتيست-ديماب ميشائيل كونرت يعتبر أن أحد الأسباب التي تجعل الألمان يرغبون في بقاء بريطانيا داخل الاتحاد هو تخوفهم من أن يؤدي الرفض البريطاني المحتمل للإتحاد إلى "تداعيات على شكل حجارة الدومينو، فيؤدى ذلك إلى اضمحلال عام للإتحاد الأوروبي".
وفي كل الأحوال فستخسر ألمانيا حينئذ شريكا في مساعيها للاستقرار الاقتصادي والسياسي، حيث ستتجه أوروبا أكثر فأكثر جنوبا. غونترام فولف، مدير المؤسسة الفكرية في بروكسيل يشرح تخوفات الحكومة الألمانية من مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي ويقول: " سنبقى وحدنا أمام السياسات السخية لبلدان البحر الأبيض المتوسط والتي تفضل إعادة التوزيع، حيث يجب علينا تقديم مدفوعات لها. ومن هنا ينطلق الخوف الكبير".