"ألمانيا بحاجة لإستراتيجية وطنية لمواجهة التطرف"
١١ ديسمبر ٢٠١٦: ما هي البرامج والمبادرات الموجودة في ألمانيا لمنع المد المتطرف والحد من التطرف بين الشباب؟DW
ينس أوستفالد: خلافا للدول الأخرى فإن الوقاية هي شأن من اختصاص الدولة، لذلك ليس هناك استراتيجية واحدة وطنية للحد من التطرف، على عكس فرنسا، وهولندا، وبريطانيا الذين يملكون استراتيجية واضحة لمجابهة هذا المد.
هنا في ألمانيا كل إدارة لديها مؤسسة مسئولة عن العمل مع الشباب، الذين هم على وشك الانخراط في هذه الجماعات المتطرفة، ويحاول الأشخاص الذين يعملون تحت مظلة هذه المؤسسات أن يجذبوا الشباب لأنشطة المجتمع، ويدمجوا المراهقين في أعمال مجتمعية وتغيير نظرتهم للعالم. وتسعى هذه المبادرات لمعرفة الأسباب المحتملة لانتشار الأفكار المتطرفة والسبل المجدية لمجابهتها.
- كيف يمكن تفعيل خطة الوقاية من انتشار التطرف؟ وما هي نوعية الطرق التي تراها جيدة للاستخدام؟
معظم المشروعات في ألمانيا تصب في جعبة الأشخاص الذين يعملون في مراكز نشر المعلومات، مثل المعلمون، فالهدف هو الوصول لأشخاص يعملون بالأساس مع الشباب ويستطيعون التأثير عليهم ويستخدمون معهم سبل الوقاية من الوقوع في فخ التطرف، لهذا نحاول أن نعطيهم مؤشرات قوية عن نوعية محفزات التطرف التي تنتشر في أوساط الشباب.
ومن الضروري كذلك مواجهة الشعور العام بالتهويل الذي انتشر مؤخرا، وذلك بعد التصريحات التي أدلى بها بعض المراهقين وتم فحصها على فور بمجهر التطرف، وادراك أن هؤلاء الشباب يسعون للفت الأنظار باستخدام هذه النوعية من التصريحات، والتأكيد على ان الأفكار السلفية أو تنظيم "الدولة الاسلامية" لازالت موضوعات يمكن أن تكون صادمة للبالغينن لذلك علينا ان نعي أنها مجرد ظاهرة تثير دهشة المراهقين.
وفي نفس الوقت يجب أن تكون لدينا القدرة على تحديد بوادر التطرف الحقيقية، لأعداد كبيرة من الشباب يمكن أن يكونوا قد تأثروا بتلك الأفكار، ومنهم من نفذ هجمات، ومنهم من يمثل الأن أمام القضاء لتفجيرهم معبد سيخي، لذا كان على المقربين منهم أن يلاحظوا تغيرا في سلوكهم وأن هناك أمرا ما (يحدث في نفوسهم).
كما ان الوقاية الجيدة من تلك الأفكار قد تبدأ من جانب الأهالي على سبيل المثال، وذلك بتدريبهم على وسيلة يمكنهم من خلالها التعبير عن مخاوفهم لانضمام أبنائهم لتلك الخلايا المتطرفة دون أن يقطعوا علاقاتهم بهم.
- كيف يمكنك أن تعرف اذا ما كان مراهق بعينه معرضا لخطر التطرف أو منجذبا للجماعات المتطرفة؟
من خلال عدة دلائل، أحدها أن يبتعد عن أصدقائه القدامي ويبدأ في الانجذاب لمجموعة أخرى يكون معها صداقات قوية، او أن يغير أسلوب حياته فجأة مثل أن يقلع عن تدخين السجائر أو شرب الكحول تلك بعض المؤشرات التي قد توضح لك أن هناك امرا ما يحدث، إلا أن الأباء يرون اقلاع ابنائهم عن تلك العادات أمرا يبشر بالخير، لذا فإنه من الصعب عليهم في البداية تحديد ما اذا كان ابنهم في طريق التطرف أم انه يحاول الابتعاد عن عادات سيئة فقط.
من ناحية أخرى، ينسج بعض الشباب عالما خاصا بهم يعيشون فيه ضمن أيدلوجيتهم بعيدا عن العالم، ويبدأون في انتقاد الأخر الذي هو خارج عالمهم حتى أنهم يدينون أفعالا يقوم بها المسلمون الذين لا يتبعون نفس نهجهم في تفسير الدين.
تؤثر الأفكار المتطرفة على شخصية الفرد بشكل كبير، وهي أيضا عبارة عن ظاهرة جماعية يمكن أن تظهر في العالم الواقعي أوالافتراضي مثل وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك أو مجموعات الدردشه على تطبيق الواتس اب.
كان أحد الشباب الذين قاموا بتفجير المعبد السيخي في مدينة "اسين" قد شارك في أحد المشروعات المناهضة للتطرف والتي تنظمها الحكومة الألمانية بعنوان "دليل المرشد"قبل التفجير بأربعة أيام. فإلى أي مدى أثبتت برامج الوقاية الألمانية فاعليتها؟
أعتقد انها مشكلة محلية لها علاقة بالمنظمة، التي لم تعر اهتماما لتحذيرات الأم من ابنها لو يتم أخذها على محمل الجد، وعامة من الصعب قياس مدى فاعلية الوقاية من الوقوع في خطر التطرف لأن مؤشرات نجاحه هو أن لا يحدث مكروه. لكن اعتقد ان المانيا على الطريق السليم، فالأسبوع الماضي على سبيل المثال شهدت انشاء مجموعة عمل وطنية متخصصة في (مكافحة) التطرف الديني، وتلك الخطوة جيدة نحو اتصال افضل مع منظمات محلية.
- في رأيك ما الأمر الذي مازال بحاجة لتغيير من أجل تحسين خطة الوقاية من التطرف بألمانيا؟
أحد أمنياتي هو توافر استراتيجية وقاية وطنية، وتمويل جيد، فيمكن لأكثر من مشروع مختلف أن يتبادل معلومات أكثر فاعلية لو كان لديهم خطة تمويل طويلة المدى، وأن يكون لديهم الحق لإعادة توزيع الأموال كل أربع أو خمس سنوات وان يحققوا نجاحا ملموسا من أجل الحصول على التمويل، فهذا يخلق جوا من المنافسة.
ومن مميزات التمويل طويل الأجل كذلك، أنه يمكن لأي مجموعة ان تُشارك قصص نجاحاتها وأيضا اخفاقاتها مع الأخرين، كما سيتيح مساحة للعمل الهيكلي، الذي وعلى الرغم من عدم وجود نتائج فورية له، إلا أن فاعليته تظهر على المدى الطويل.
من ناحية اخرى يجب تحسين مستوى التعاون مع المنظمات الإسلامية والمساجد، فيمكننا أن نعمل سويا معا على مشاريع وقاية صلبة، فالمساجد والروابط الإسلامية حاليا لا تؤخذ بعين الاعتبار كشريك مهم في العمل الوقائي، وهذا الوضع يجب تغييره.
*ينس أوستفالد هو مدير بمشروع "الوقاية" بمركز الديمقراطية "بادن فوتيمبيرج" وهو مركز متخصص لبرامج الوقاية من التطرف يركز على التطرف الديني وكيف يمكن للمنظمات الإقليمية محاربته.
س.ع/ DW