ألمانيا - الهجرة وراء تصاعد اقتناء الأسلحة الشخصية؟
٣ فبراير ٢٠١٨تنامت في الآونة الأخيرة ظاهرة الحصول على رخص حيازة الأسلحة واقتنائها بين الموطنين في ألمانيا. ويسمح لهم بحمل رذاذ الفلفل أو الأسلحة النارية في الأماكن العامة. لكن لا يسمح لهم باستخدام قذائف حقيقية، وإنما خراطيش الغاز المسيل للدموع. غير أن هذه الأسلحة أيضاً تشكل خطراً على الموطنين. إذ يمكن أن تؤدي إلى حوادث مميتة في حالة إطلاقها من مسافة قريبة.
وخلال العامين الماضيين بالأخص، ارتفع عدد الألمان، الذين حصلوا على تراخيص حيازة الأسلحة بشكل كبير. في كانون الثاني/ يناير عام 2016، امتلك حوالي301 ألف شخص رخصة حيازة السلاح. وفي كانون الأول/ ديسمبر من عام 2017، تم بيع أكثر من 570 ألف كشافة يد للدفاع عن النفس، عصا كهربائية، وقنابل الغاز المسيل للدموع، وفقاً لمعطيات تجارة الأسلحة، بحيث لم يعد يكفي المخزون لسد الطلب. وتشهد دورات الدفاع عن النفس حالياً إقبالاً متزايداً، إذ أصبحت نوادي التايكواندو، الصالات الرياضية، وحتى المدارس الشعبية تجذب المزيد من الزبائن من خلال دورات وبرامج الدفاع عن النفس المقدمة.
الشعور بعدم الأمان
من الواضح أن الشعور بعدم الأمان زاد بشكل كبير في ألمانيا في الفترة ما بين عام 2015 إلى عام 2017. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة استطلاع الرأي العام infratest dimap في كانون الثاني/ يناير 2017 أن ما نسبته 23 في المائة من الألمان يشعرون بأنهم "غير آمنين" أو "غير آمنين بشكل كبير". أما ربع المشاركين منهم تقريباً فعبروا عن شعورهم بأنهم "آمنون جداً"، أما الغالبية العظمى - 51 في المئة - فهم يشعرون بأنهم "أكثر أمناً".
ومقارنة بالعامين الماضيين، شعر 32 في المائة بـ"أقل أمناً". أما بالنسبة لثلثي المشاركين في الاستطلاع قالوا إنه "لم يتغير الوضع كثيراً".
ومن المرجح أن يعكس الشعور بعدم تغير الوضع كثيراً، انطباع معظم الألمان كما تظن دينا هوميلسهايم دوس، الخبيرة في عام الاجتماع والتي تعمل مستشارة علمية في قسم علم الجريمة في معهد ماكس بلانك للقانون الجنائي الأجنبي والدولي في مدينة فرايبورغ إم برايسقاو في ولاية بادن فورتمبيرغ.
وتقول هوميلسهايم دوس: "عندما يتعلق الأمر بالعنف، فإن نسبة قليلة من الألمان فقط هم من يشعرون بالتهديد الشخصي خلال الحياة اليومية، على الرغم من عدم وجود دراسات علمية على فترات زمنية طويلة حتى الآن، إلا أن آخر دراسة استقصائية أجراها معهد European Social Survey لعام 2016 تشير إلى ارتفاع طفيف في نسبة الشعور العام بانعدام الأمن في ألمانيا منذ 2014، كما قالت هوميلسهايم دوس في حديثها لـDW.
وكانت مؤسسة استطلاع الرأي العام infratest dimap قد أشارت في وقت مبكر من كانون الثاني/ يناير 2017، إلى أن العديد من المواطنين قد اتخذوا جملة من التدابير الاحترازية. وذكر ثلث المشاركين في الاستطلاع أنهم يتجنبون السير في شوارع أو ساحات معينة في المساء. وقال ما يقرب من ثلثي المشاركين في استطلاع الرأي أنهم يحملون باستمرار غاز مهيج أو سلاحاً آخر للدفاع عن أنفسهم.
هل هناك ارتباط بموجة الهجرة واللجوء؟
تزامنت الفترة التي ارتفع فيها الطلب على الحصول على رخص حيازة الأسلحة بين الموطنين الألمان، مع الفترة التي فتحت فيها ألمانيا حدودها أمام المهاجرين واللاجئين. وسلطت مؤسسة استطلاع الرأي العام infratest dimap الضوء أيضاً على العلاقة بين الظاهرتين. واعتبر ثلث المشاركين تقريباً أن "الأجانب واللاجئين" هم الأشخاص الذين يشعرونهم بالخوف أكثر. في ما حصل "النازيون الجدد واليمينيون" على نسبة 13 في المائة.
وترى الخبيرة في علم الاجتماع هوميلسهايم دوس أن تأثير الهجرة على الشعور بالأمان لدى المواطنين، يبقى مفتوحاً. "تنتقل مثل هذه التطورات للموطنين إعلامياً. في الغالب، يتعرف المواطن على آثار التطورات الاجتماعية في وسائل الإعلام دون أن يكون قادراً بشكل شخصي ومباشر على تقييم المشاكل في كل ألمانيا. ولكن بالطبع لا يمكن أن نستبعد أن التطورات الاجتماعية - كالهجرة - تؤدي إلى مشاعر انعدام الأمان والمخاوف. لكن مسألة ما إذا كانت هذه المشاعر والمخاوف مبررة أم لا، تبقى مسألة أخرى.
المزيد من الأسلحة يساوي المزيد من الأمن؟
الألمان يقتنون الأسلحة لحماية أنفسهم، ولكن السؤال المطروح هل تضمن الأسلحة لحاملها المستوى العالي من الأمان؟ وعلى هذا السؤال يجيب الخبير في علم الجريمة والمحامي آرثور كرويتسر بالنفي خلال محاضرة في كلية الشرطة الألمانية في تموز/ يوليو 2017.
"في الحالات النفسية المتطرفة، يلجأ الكثيرون إلى السلاح واطلاق النار على أنفسهم أو على غيرهم، إذا لم يكن السلاح في متناول اليد، سيتم تفادي بعض حالات التسبب العفوية في قتل النفس أو الآخر". ويرى كرويتسر أن ارتفاع حيازة الأسلحة الخاصة تسمم جو التعايش السلمي . وأضاف: "ثقافة السلاح تنتشر، انعدام الثقة والمخاوف تزداد، الثقة في السلامة العامة تختفي، كما أن احتكار الدولة للسلطة آخذ في التقلص".
ولهذا ترى الخبيرة في علم الاجتماع هوميلسهايم دوس، أنه من المهم تسليط الضوء على الأسباب الكامنة وراء انعدام الشعور بالأمان لدى الألمان. ولا تكمن هذه الأسباب في كثير من الأحيان في الجريمة وحدها. "نحن نعلم أن المخاوف من الجريمة مرتبطة دائماً وإلى حد كبير بمخاوف أخرى مكبوتة، وأن الجريمة تعد بمثابة شاشة عرض للمشاكل الاجتماعية، لذلك ينبغي وضع السياسة الجنائية أمام الأعين، ولكن في الوقت نفسه تكريس جهد أكبر لقلق المواطنين".
كيرستين كنيب/ إ.م