ألعاب "روبلكس" تثير شغف الأطفال .. ولكن لماذا تثير الجدل؟
٢٥ أغسطس ٢٠٢٤"روبلكس"، منصة ألعاب إلكترونية، يستخدمها أكثر من 160 مليون مستخدم شهرياً، تحظى بشعبية كبيرة لدى الأطفال دون 13 عاماً في كافة أنحاء العالم وليس في ألمانيا فحسب.
بالرغم من وصف المنصة من قبل مستخدميها بالرائعة والممتعة، إلا أنها أصبحت تثير جدلا واسعا في العالم والشكوك حول خطورتها على الأطفال.
يمكن للأطفال تسجيل الدخول إلى اللعبة مجاناً من خلال إدخال عنوان بريد إلكتروني، واختيار الجنس وتاريخ ميلادهم، ومن ثم يمكنهم تصميم شخصية خاصة بهم للعب بها.
بعد الدخول إلى اللعبة يمكن للاعبين إنشاء عوالمهم ثلاثية الأبعاد الخاصة، كبناء محلات، وبيوت، ومتاجر، ومنتزهات، وتجربة حياة البالغين من خلال العمل، ويمكنهم أيضاً اللعب في عوالم أخرى أنشأها لاعبون آخرون، بالإضافة إلى إمكانية المشاركة في ألعاب جماعية يتعين على المشاركين بها إيجاد حلول مشتركة للهروب من مأزق أو حل لغز ما.
هذه الخيارات الواسعة تجعل من ألعاب منصة "روبلكس" ذات محتوى غير محدود، مع القدرة على الإبداع اللامتناهي، الأمر الذي يثير اهتمام الأطفال ويجعلهم ينغمسون بها لساعات طويلة تملؤها المتعة والإثارة.
ألعاب "روبلكس" الممتعة تجذب عشرات ملايين الأطفال
شهادات عديدة من الأطفال في العالم بأن لعبة روبلكس ممتعة للغاية لاحتوائها على الكثير من الألعاب، بالإضافة إلى إمكانية اللعب مع الأصدقاء. يقول يعقوب 10 سنوات لـ DW : "ألعب روبلكس منذ أن كنت في السادسة من عمري مع أخي وابن عمي، وأحياناً مع أصدقائي في المدرسة، أحب هذه اللعبة لدرجة أنني دفعت نقوداً حقيقية لشراء بعض الملحقات والحصول على المزيد من المتعة".
الممتع في "روبلكس" ليس فقط الألعاب غير المحدودة وإنما إمكانية التعرّف على أشخاص جدد. تقول سيماف 11 عاماً لـ DW: "تعرّفت من خلال روبلكس على أصدقاء جدد، ولكنهم ليسوا أصدقاء حقيقيين، أتواصل معهم داخل المنصة ومن أجل اللعب فقط، ومع ذلك لا ألعب روبلكس يومياً، فقط عندما يكون لدي الوقت والرغبة بذلك".
ومن جانبها تقول ماريكا فالك-فوغل، المرشدة الاجتماعية في مرحلة الدخول المدرسي لـ DW: "أعتقد أن "روبلكس" مثيرة لاهتمام الأطفال لأنها تجعلهم ينسون الواقع لبعض الوقت، ولكن لا يمكن إنكار مخاطرها والتي تتمثل أولاً بالميل إلى العنف، الأمر الذي يؤثر على المجتمع وعلى صحة الأطفال النفسية".
مخاطر المنصة على الأطفال قد تخرج عن السيطرة
تتيح لعبة روبلكس خاصية الدردشة خلال اللعب، الأمر الذي أثار مخاوف الأهالي بشأن خصوصية أطفالهم وزيادة احتمالية تعرضهم للتحرش أو التنمر الإلكتروني، ومعرفة معلومات خاصة بهم مثل عنوان السكن، كما أن الألعاب المسلية والممتعة ليست المحتوى الوحيد الموجود في منصة "روبلكس"، بل تحتوي أيضاً على ألعاب مخيفة وعنيفة، وأخرى فيها مشاهد غير مناسبة للأطفال، وهذا المحتوى غير المناسب يصعب مراقبته من قبل المشغلين؛ بسبب وجود عدد هائل من الألعاب والعوالم التي يفوق عددها 50 مليون لعبة.
وبهذا الصدد تقول بيان لـ DW، وهي والدة لطفلين كانا يلعبان على المنصة سابقاً: "منعت أطفالي من اللعب على "روبلكس" بسبب خوفي من تواصل الغرباء معهم، بالإضافة إلى أنني لاحظت وجود ألعاب مخيفة ومشاهد غير مناسبة لأعمارهم".
تضيف فالك-فوغل: "من خلال تجربتي وعملي مع الأطفال، لاحظت إدمان بعضهم على هذه الألعاب، وكثيراً ما يلجأ لي أطفال يقولون إنهم يشعرون بالخوف ولم يتمكنوا من النوم جيداً، بالإضافة إلى معاناة البعض من مشاكل في التركيز بسبب هذا النوع من الألعاب الذي لا يعتمد على تطوير المهارات كما هو الحال في الألعاب الإلكترونية التعليمية".
من المخاطر الأخرى للمنصة أنها لا تفرض قيودا عمرية على الاستخدام، فوفق شروط الاستخدام يجب أن يحصل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً على موافقة ولي الأمر على إنشاء الحساب، ولكن فعلياً لا يتم التحقق من ذلك.
كما أرفقت منصة "روبلكس" على موقعها الإلكتروني الرسمي توصيات عمرية لمختلف التجارب التي يُنشئها المستخدمون مثل "9+" أو "13+" أو "17+"، يمكن للأطفال الاستفادة من هذه التعليمات خلال اللعب للحرص على الدخول إلى ألعاب مناسبة لسنّهم، بالإضافة إلى أن خاصية الدردشة الآمنة يتم تنشيطها تلقائياً للأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 13 عاماً، ليتم تصفية الرسائل من خلال خوارزميات محددة على المنصة مسبقاً.
ومع ذلك ترى فالك-فوغل أن الخطير بمنصة روبلكس على وجه الخصوص هو أن الأطفال لا يعون مسألة أهمية حماية البيانات الشخصية، وقد يعتقدون أنهم يجب أن يدلوا بكامل معلوماتهم حتى يتمكنوا من اللعب مع الآخرين.
بالإضافة إلى مسألة حماية الخصوصية والمحتوى العنيف، يستغل المتحرشون منصة الألعاب لتطوير أماكن سكنية داخل اللعبة لاستدراج الأطفال إليها وممارسة ألعاب جنسية افتراضية، وحسب تقرير أصدرته المنظمة الأمريكية غير الحكومية "كومن سينس ميديا" Common Sense media، يقدم بعض الأطفال للأشخاص البالغين على المنصة رقصات وألعاب جنسية أو صور عارية لهم، ويمكن استبدالها بأموال حقيقية كمقابل.
ردود الفعل في تركيا بعد حظر المنصة
الخوف من محتوى منصة "روبلكس" الذي قد يؤدي إلى انتهاك حقوق الأطفال جعل تركيا تتخذ قراراً حازماً بشأن حظرها في 7 آب / أغسطس الماضي، وقال يلماز تونج، وزير العدل التركي من خلال إعلان رسمي نُشرَ على موقع هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركي (BTK): "يتعين على دولتنا اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أطفالنا وفقًا لدستورنا"، وأضاف "محاولات تفجير بنيتنا الاجتماعية، وإساءة معاملة الأطفال، وتشجيع العنف، والأنشطة التي ستؤثر سلباً على نمو أطفالنا، لن يُسمح بها أبداً".
لاقى قرار تركيا بحظر المنصة ترحيباً واسعاً لدى أوساط عديدة في الجالية السورية التي تعيش في تركيا، وخاصة بعد ملاحظة البعض منهم ميل أطفالهم إلى الإدمان على اللعبة وظهور سلوك عنيف لديهم، كما أن منع الأطفال من اللعب بها أمر صعب بالنسبة للكثير من الأهالي؛ لأنها أصبحت لعبة شائعة في كل دول العالم وبين جميع الأطفال.
كيف تحمي أطفالك أثناء اللعب؟
يمكن استخدام منصة "روبلكس" بشكل آمن تحت إشراف الأهل، وذلك من خلال تفعيل قيود الحساب في قائمة الإعدادات ضمن عنصر "الخصوصية"، وعندما تكون قيود الحساب نشطة لن يتم تشغيل سوى الألعاب التي تم التحقق منها من قبل المشرفين على المنصة، وتشغيل الألعاب المناسبة لكافة الأعمار فقط، وبالتالي ستكون خيارات اللعب أقل بكثير مع تنشيط هذه الخاصية، كما يمكن إلغاء تنشيط خاصية الدردشة.
لضمان بقاء إعدادات الخصوصية السابقة كما هي وعدم مقدرة الطفل على تغييرها لاحقاً يمكن للوالدين إنشاء رقم تعريف شخصي، من خلال الدخول إلى خاصية "الأمان" في قائمة الإعدادات، ولتفعيل هذا الخيار يجب ربط عنوان البريد الإلكتروني الخاص بالوالدين بالحساب على المنصة.
يمكن التحكم أيضاً بخاصية إمكانية شراء ملحقات في اللعبة باستخدام نقود حقيقية والتحكم في كمية الإنفاق من خلال خيار "حدّ الإنفاق الشهري"، أما خاصية الدردشة فيمكن التحكم بها من خلال إعداد "الاتصالات" ويوصى بالسماح للأصدقاء فقط أو لا أحد.
وبهذا الخصوص تؤكد فالك-فوغل على دور الأهل في توعية الأطفال حول الاستخدام الصحيح لألعاب الكمبيوتر، وتوعيتهم حول أهمية مسألة حماية بياناتهم الشخصية، وتنصح أيضاً بوجود الوالدين أو شخص بالغ بالقرب من الأطفال أثناء اللعب بهذا النوع من الألعاب لضمان التزامهم بالقواعد والحدود المسموحة لهم، وتقول أيضاً: "ما أراه مهما للغاية هو تفكير الوالدين ببدائل أخرى لقضاء أوقات فراغ أطفالهم، ويفضل القيام بأنشطة خارجية أو ألعاب تعليمية تعزز مهاراتهم".
ميراي الجراح