"أسلاف" ترامب في ألمانيا يرفضون أي علاقة به
٧ مارس ٢٠١٦بلدة كالشتات في منطقة بالاتينات الألمانية تشتهر بمناظرها الخلابة وكروم العنب التي تستخدم لصناعة النبيذ. هذه البلدة التي تقطنها 1200 نسمة صغيرة لدرجة أنها لا تحتوي على سوبرماركت أو محطة قطارات. لكنها تستقطب عدداً كبيراً من السياح بسبب طبقها المميز "بطن الخنزير المحشو"، والذي يتكون من لحم الخنزير محشو بلحم مفروم وبطاطا.
مؤخراً برز اسم هذه البلدة في الأنباء وتوافد عليها الصحفيون من كل حدب وصوب، وذلك لأنها تعد مسقط رأس جد دونالد ترامب، الملياردير ومرشح الرئاسة الأمريكية المثير للجدل عن الحزب الجمهوري.
لا اهتمام بالانتخابات الأمريكية
هذه الحقيقة كانت معروفة منذ أن وردت ضمن فيلم وثائقي بعنوان "ملوك كالشتات"، والذي أنتج عام 2014. لكن منذ أن أصبح ترامب أحد مرشحي الحزب الجمهوري في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتوقع المرء أن مسقط رأسه لن يتحدث إلا عنه، إلا أن جولة في البلدة والحديث مع سكانها يكشفان العكس.
في الأول من مارس/ آذار، اكتظ موقف السيارات أمام صالة الرياضة في البلدة بالسيارات. قد يتخيل المرء أن سكان البلدة تجمعوا في الصالة ليتابعوا نتائج دونالد ترامب في انتخابات "الثلاثاء الكبير" بالولايات المتحدة. لكن سكان كالشتات تجمعوا مساء هذا اليوم للاحتفال بتولي العمدة الجديد لقضاء فراينسهايم، الذي تنتمي إليه البلدة إدارياً، منصبه.
وبدلاً من الاقتداء بجملة ترامب "سأكون أفضل رئيس خلقه الرب"، بدأ العمدة الجديد يورغن أوبرهولتس خطاب توليه المنصب بغمزة من عينيه وجملة مرحة: "أنا الجديد"، تبعها باستعراض جملة التحديات التي تواجه المنطقة، بدءاً بالشارع الالتفافي الكبير وانتهاء باستقبال اللاجئين، معرباً عن سعادته ببناء مرآب جديد لعربة الإطفاء.
"نخجل منه"
التعاطف مع دونالد ترامب في البلدة وصل إلى أقل درجة مؤخراً، كما عبرت عن ذلك ملكة جمال النبيذ في البلدة سابقاً، ساره بولر، إذ قالت: "إننا نخجل من تصرفاته". ويوافقها في ذلك كاي فايزنبورن، صاحب أحد الكروم في البلدة، إذ يضيف: "أعتقد أنه معاد للمجتمع، وهذا ما لا يود أي أحد هنا ربطه بكالشتات".
في يوم عاصف وممطر بكالشتات، لا يبدو أن أي أحد على علم بنجاح ترامب في انتخابات "الثلاثاء الكبير"، إلا أن أحد سكان البلدة رد بطريقة تصف لسنا حالها: "لا عجب في أن الجو اليوم سيء!". إلى ذلك، لا يبدو أن أياً من سكان البلدة على استعداد للحديث عن هذا الموضوع، إذ منذ أن انتشر الوثائقي "ملوك كالشتات"، شهدت البلدة الكثير من التغطية الإعلامية.
ويقول عمدة المدينة الشرفي، توماس يافوريك، إن عدداً من الفرق الصحفية جاءت إلى البلدة "من الخارج". وبالرغم من أن البلدة كانت متحمسة في البداية للحديث عن تاريخها وعنها كقبلة للسياحة، إلا أن الاهتمام الإعلامي هذا سبب قدراً من الإزعاج أيضاً. واليوم ينظر سكان كالشتات إلى كل ميكرفون وكاميرا تقابلهم بالشك، وعبارة: "أنتم هنا مجدداً للحديث عن ترامب؟!"
"إنه لا يهتم بحالنا"
أحد الذين يتلقون الكثير من طلبات الصحافة هو هانز يوآخيم بندر، لأنه تربطه صلات قرابة بعائلة ترامب، إذ تنتمي جدته إلى تلك العائلة، ولكن ليس ذلك فحسب، ففي عروقه تسري دماء عائلة أمريكية شهيرة، ألا وهي عائلة هاينز، التي اخترعت صلصة الطماطم الشهيرة (الكاتشاب).
لكن بندر يقول إن أغلب حواراته مع الصحافة مؤخراً كانت تدور حول ترامب، وحول توقعاته السياسية ومدى فخره بقرابته مع مرشح الرئاسة الأمريكي. ويقول بائع النبيذ المتقاعد: "لا نريد أي صلة بترامب وعائلته، فهم لم يهتموا لأمرنا عندما كنا في حال سيء". لذلك، لم يقم بندر بزيارة أقاربه عندما سافر إلى الولايات المتحدة، ولكنه قام بزيارة "برج ترامب" في مدينة نيويورك.
البيت الذي ولد فيه فريدريش ترامب، جد دونالد، في كالشتات على النقيض تماماً من برج ترامب الشاهق والمبهر. هاجر فريدريش إلى الولايات المتحدة عام 1885، ولكنه عاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه. بيته بسيط وتقليدي، يشبه بقية بيوت البلدة، وعلى جانبه كتبت عبارة: "الرب يرى كل شيء، ولكن جاري يرى أكثر من ذلك". لكن بالرغم من الإلحاح، لم تُعلق يافطة على المنزل تشير إلى سكانه السابقين، وذلك على ما يبدو سيبقى كذلك.