أزمة راقصات الهند في زمن كورونا
٣١ أغسطس ٢٠٢٠عندما أدت جائحة كوفيد-19 إلى إقفال الحدود الهندية وإلى تطبيق تدابير الحجر، وجدت الراقصة الفولكلورية آشا سابيرا من دون مورد رزق، فاضطرت إلى أن تتحول إلى تعليم الرقص عبر الإنترنت لكي تكسب قوتها. وإذا كان فيروس كورونا المستجد دفع كثير من الأشخاص في العالم إلى الإفادة من الإمكانات التي توفرها شبكة الإنترنت لكي يواصلوا نشاطهم، فإنَ هذا الانتقال لم يخل من الصعوبات بالنسبة إلى قبيلة كالبيليا التي تعيش في ولاية راجاستان السياحية في شمال الهند، والمشهورة بأغنياتها ورقصاتها المصنفة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) تراثاً ثقافياً غير مادي للبشرية. وتتبع هذه قبيلة الفقيرة حياة البداوة بشكل واسع وتعيش في خيم أو في أكواخ من الطين لا يتوافر فيها التيار الكهربائي باستمرار وغالباً ما تفتقر إلى الاتصال بشبكة الإنترنت.
عندما بدأت آشا سابيرا، وهي أم عزباء في السادسة والعشرين، إعطاء دروس عبر تقنية الفيديو "زوم"، لم تكن لديها أية فكرة عن كيفية القيام بذلك. وقالت سابيرا التي بات لديها تلميذات من كل أنحاء العالم، من اليابان إلى البرازيل "كان لدينا الكثير من مشاكل الإنترنت. غالباً ما كنا نلغي الحصص الدراسية لأن الاتصال كان سيئاً جداً".
وتشبه رقصة كالبيليا تمّوجات الأفعى وتجتذب باستمرار الكثير من الفنانين العالميين والباحثين. وتنتمي سابيرا مع نحو عشر راقصات أخريات إلى منصة "كالبيليا وورلد" لتعليم الرقص عبر الإنترنت، وهي لاحظت أن هذه الشبكة أدت دوراً رئيسياً في تحوّل الراقصات إلى سيدات أعمال في المجال الرقمي.
وقالت عالمة الأنثروبولوجيا البلجيكية آيلا جونشير، وهي إحدى مؤسسات المشروع، إن الراقصات جميعاً "تحمسن كثيراً" عندما عرضت عليهن هذه الفكرة، لكنّهن "كنّ خائفات أيضاً".
ويعيش أبناء قبيلة كابيليا مدة طويلة على هامش المجتمع الهندي. فالمستعمر البريطاني صنّف هذه الفئة في القرن التاسع عشر "قبيلة إجرامية"، في حين كان يُنظَر إليهم بعد نيل الهند استقلالها على أنهم مجموعة من اللصوص والمومسات.
وعندما صدر قرار في العام 1972 بمنع عروض سحرة الأفاعي التي كانت مورد رزق رئيسياً للقبيلة، أصبح تركيزها على الرقص والغناء لكسب معيشتها. وتعلمت نساء كثر كآشا سابيرا هذا الفن من أمهاتهن وجداتهنّ.
ودفع نجاح الدروس عبر الإنترنت كثير من الراقصات الأخريات إلى خوض المحاولة، لكنّ النتائج لم تكن دائماً موفقة. فقد بدأت بينو سابيرا مثلاً بإعطاء دروس عبر شبكة إنستغرام، وطلبت من متابعيها دفع المبلغ الذين يجدونه مناسباً، لكنّ أيّاً منهم لم يفعل. وقالت بينو لوكالة فرانس برس "كان ذلك مؤسفاً. لقد أنفقت الكثير من المال لإعادة تعبئة اشتراك الإنترنت لديّ بغية إعطاء الدروس، ولكنّ كل ذلك لم يعد عليّ" بأي مردود.
وبفضل مساعدة أصدقاء بريطانيين، بدأت بإعطاء دروس عبر "زوم" لمجموعة صغيرة من التلميذات، وتتقاضى نحو 11 ألف روبية (125 يورو) شهرياً، أي ما يساوي نصف مدخولها ما قبل الجائحة. وبسبب تراجع مدخولها، باتت هذه المرأة البالغة الثالثة والعشرين، وهي أم لطفلين، شديدة القلق في شأن مستقبل مهنتها، إذ أن الهند تشهد تحوّلاً سريعاً. وقالت "أريد من كل قلبي أن تتابع ابنتاي دراستهما وأن تختارا طريقاً آخر، بعيداً من الرقص". وأضافت "كنت أعشق نمط الحياة هذا، لكني أجده الآن شديد الصعوبة. ليس فيه أي أمان".
خ.س/م.م (أ ف ب)