أزمة اليونان ــ اشتداد حرب الأعصاب بين برلين وأثينا
١٨ يونيو ٢٠١٥"كريكسيت" كلمة باتت شائعة في وسائل الإعلام الألمانية وهي تعني خروج اليونان من منظومة اليورو، وصار عدد من قادة أحزاب التحالف الحكومي في برلين لا يستبعدون هذا السيناريو، كما أن مزاج الرأي العام في ألمانيا بدأ يتغير في نفس الاتجاه. وحسب آخر استطلاع رأي أُجري لحساب قناة "تسي.دي.إف" فإن نسبة الألمان الذين لا يزالون يؤيدون بقاء اليونان في منطقة اليورو لا يتجاوز 41%. ومن الموضوعات التي عالجها الإعلام الألماني بإسهاب نظام معاشات التقاعد في اليونان، الذي يعتبر الأغلى في الاتحاد الأوروبي، فسن التقاعد أدنى مما هو جار العمل به في ألمانيا. كما انتشر شعور مفاده أن المليارات من اليورو التي ضمنتها برلين بعد اندلاع الأزمة اليونانية ضاعت ولن تعود، سواء بقيت أثينا في منطقة اليورو أو خرجت منها.
صبر برلين بدأ ينفذ؟
أكد وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير أن الوقت يوشك ان ينفد أمام اليونان، وأضاف أن ألمانيا تريد أن تبقى اليونان في منطقة العملة الأوروبية، لكن على أثينا أن تتعاون. وقال، إن اليونانيين لا يريدون تقديم أي مقترحات جديدة "وهو ما يعني أن عامل الوقت يزداد إلحاحا." من جهته قال بيتر ألتماير كبير مساعدي المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إن الحكومة الألمانية تريد حلا لليونان، لكنه حث أثينا على العمل من أجل التوصل إلى اتفاق. وأضاف "الحكومة (الألمانية) تريد حلا، لكن ذلك يتطلب أن تبذل الحكومة اليونانية جهدا كبيرا من جانبها للتوصل إلى مثل هذا الحل".
وفي سياق متصل أكد يوهانس كارز المتحدث باسم الميزانية بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، شريك ميركل في الائتلاف الحاكم، أنه لا يوجد في الوقت الراهن في الجانب اليوناني شريك تفاوضي يمكن الوثوق به والتوصل معه إلى اتفاق. وذهب إيكارت ريبرج المتحدث باسم الميزانية عن النواب المحافظين بزعامة ميركل في البرلمان في نفس الأتجاه، موضحا أن الأمل الوحيد هو التوصل إلى اتفاق أثناء اجتماع وزراء المالية اليوم (الخميس 18 يونيو/ حزيران 2015).
غموض حول تداعيات الخروج من اليورو
يبدو أن المستشارة أنغيلا ميركل مستعدة لتأدية ثمن باهظ لبقاء اليونان في منطقة اليورو، إذ سبق وأن أكدت قبل خمس سنوات أمام البرلمان الأماني أن "فشل اليونان يعني فشل أوروبا". وهي مقولة أكد المتحدث باسمها شتيفن زايبرت، أنها لا تزال سارية المفعول. وإذا ما تحقق السيناريو الكارثي فسيكون ذلك نهاية للدور القيادي لميركل في أوروبا.
ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين من بينهم جوزيف شغليتس الحاصل جائزة نوبل للاقتصاد، أن خروج أثينا من منطقة اليورو ستكون عواقبه مماثلة لإفلاس بنك ليمان براذرز الأمريكي عام 2008، والذي أدى إلى اندلاع الأزمة المالية العالمية. إلا أن هناك خبراء يرون أن الأمر لن يكون كارثيا. والواقع أن لا أحد يعرف بالضبط كيف ستكون العواقب. ويبدو أن أثينا تسعى لإيجاد حل وسط في آخر لحظة في قمة الاتحاد الأوروبي اليوم.