أزمة اللاجئين.. مقترح بتوحيد إجراءات اللجوء داخل أوروبا
٦ أبريل ٢٠١٦تختلف الآليات المعتمدة لدى الدول الأعضاء داخل الإتحاد الأوروبي لمنح حق اللجوء إلى طالبيه. فمثلا إذا قدم شخص من أفغانستان، التي تصنف كدولة غير آمنة، طلبا للجوء في دولة من دول ما كان يعرف سابقا بأوروبا الشرقية، أو في بلجيكا أو إيطاليا، فإن فرص قبول طلبه لا تتعدى عشرة بالمائة. لكن إذا قام بالشيء ذاته في ألمانيا أو في هولندا مثلا فنسبة القبول ترتفع حتى تسعين بالمائة.
وتعود أسباب ذلك بالأساس إلى اختلاف القوانين والتصنيفات المعتمدة في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي فيما يخص التعامل مع طلبات اللجوء، وهذا ما جعل المفوضية الأوربية تطرح مبادرة لتوحيد تلك الآليات، على خلفية موجة اللاجئين الكبيرة التي اجتاحت أوروبا منذ أكثر من عام.
المبادرة جاءت على شكل ورقة أعدها ديميتريس أفراموبولوس المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة والسياسة الداخلية والعدل. وقد جاءت في مقدمتها انتقادات شديدة لمعاهدة دبلن، التي أعيد العمل بها، بعد أن أعلنت ألمانيا تجميدها لأشهر، مانحة بذلك الضوء الأخضر لدخول آلاف اللاجئين إلى أراضيها. ووفق المفوض الأوروبي فإن هذه المعاهدة أثبتت فشلا ذريعا في احتواء الأزمة الأخيرة، لكونها تفتقر لبنود بشـأن توزيع عادل للاجئين بين الدول الأعضاء. وهذه النقطة بالذات هي التي فجرت صراعات قوية وأبرزت هشاشة التكتل الأوروبي. وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس اليوم الأربعاء (السادس من نيسان/ أبريل 2016): "النظام الحالي غير مستدام"، مضيفا أن القواعد القائمة "ألقت بالكثير من المسؤولية على عدد قليل من الدول الأعضاء."
العودة إلى معاهدة دبلن
في بداية أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أعلنت المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أمام البرلمان الأوروبي أن قوانين دبلن "مُهْمَلة"، لأنها غير مؤهلة للتطبيق على أرض الواقع، وشدد الاثنان على أنه لا بد من تخفيف الأعباء عن اليونان وإيطاليا، باعتبارهما أول محطتين يصل إليها اللاجؤون.
والآن تغير الخطاب، وأصبحت ميركل تدعو إلى ضرورة العودة بل والتمسك بمقتضيات اتفاقية دبلن. ويوافقها في ذلك عدد من قادة دول البلقان، الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، فيما بات الجميع يذكر بأن اليونان مسؤولة عن اللاجئين في أراضيها مادامت الحدود وطريق البلقان مغلقة تماما.
ومن خلال الاتفاق مع تركيا، ضمنت الدول الأعضاء بما فيها اليونان، ترحيل اللاجئين من اليونان إلى تركيا. وذلك ضمن اتفاق اعتبر أنه توسيع لبنود دبلن. ولأن الاتفاق المثير للجدل مع تركيا قُدم على أنه اتفاق أوروبي شامل وبموافقة جميع الدول الأعضاء؛ فمن الصعب اليوم أن يشكك أحد في نجاعة ذلك الاتفاق.
وحول قانون لجوء أوروبي موحد فإن معاهدة فيلاندا، والتي تعود إلى عام 1999، ألزمت الدول الأعضاء بالعمل على توحيد القوانين. ونظريا تمّ التوصل بالفعل، بعد جهود استغرقت 17 عاما، إلى ما بات يعرف بـ"القانون الأوروبي للجوء"، لكن العمل به لم يشمل بعد جميع الدول الأعضاء.
ويقضي هذا القانون بأن لا تتجاوز دراسة طلبات اللجوء مدة ستة أشهر. وعند غياب الأسباب لتعليل طلب اللجوء، فيمكن النظر في الطلبات المقدمة عند الحدود، ودون أن يسمح لمقدم الطلب بدخول أراضي البلد المعني. وتعد معايير القبول والرفض هي المعايير ذاتها التي تمّ إقرارها من قبل مكتب الاتحاد الأوروبي لدعم حق اللجوء (EASO) ومقره في جزيرة مالطا.
منح صفة لاجئ كقرار أوروبي
المبادرة التي تقدمت بها المفوضية، تذهب إلى أبعد من ذلك، إذ أنها اقترحت منح المكتب الأوروبي في مالطا صلاحية القرار في مصير طلبات اللجوء، على أن يكون لهذا المكتب الكلمة الأخيرة ضمن سلسلة من المؤسسات الوطنية في كل دولة. ولتسهيل المهمة اقترحت المفوضة فتح فروع للمكتب الأوروبي لدعم حق اللجوء في جميع الدول الأعضاء. وبهذه الطريقة تقول المفوضية، سيتم إحداث "تناغم شامل" بشأن التعامل مع طلبات اللجوء، لأن صلاحية القرار ستنتقل من المستوى الوطني إلى الأوروبي.
تجدر الإشارة إلى أنه ومنذ اتفاقية 1999 أصرت الدول الأعضاء أن تكون لها الكلمة الفصل حول أعداد الوافدين إليها. وهو ما أدى إلى تباين كبير في دول أوروبا بخصوص نسبة اللاجئين المعترف بهم من جنسية واحدة، فعلى سبيل المثال لا يحصل اللاجؤون العراقيون في عدد من البلدان الأوروبية على حق اللجوء، عكس دول أخرى.
النائب الأوروبي عن الاتحاد الاجتماعي المسيحي الألماني ماركوس فيربر شكك في حديث لإذاعة بافاريا، في مدى صحة أن يقرر الاتحاد أعداد الأشخاص، الذين يتوجب على فرنسا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وبولندا منحهم حق الإقامة. بينما يرى زميله في البرلمان الأوروبي عن الحزب الديمقراطي الحر (الحزب الليبرالي) الألماني، ألكساندر غراف لامبسدورف، العكس. إذ يشيد لامبسدورف بقانون موحد لأن "فرص الحصول على اللجوء منخفضة جدا في المجر مقارنة بألمانيا. وبالتالي سنحقق تقدما مهما، إذا ما وجهت طلبات اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي بشكل عام وليس إلى دولة محددة داخل الاتحاد".