أردوغان يبشر بنموذج اقتصادي صيني في تركيا!
٩ ديسمبر ٢٠٢١يعاني الاقتصاد التركي منذ أعوام من تضخم شديد. والزيادة الهائلة في الأسعار تؤثر على حياة السكان. إذ لا يمكن الحصول على الطاقة والسكن والمواد الغذائية الأساسية إلا بأسعار مبالغ فيها وباهظة. من المزعج بشكل خاص بالنسبة لكثير من الأتراك أن الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته في أنقرة لا يفعلون شيئا لوقف هذا التطور الخطير، بل العكس تماما.
وهذا ما جرى فعلا في الأسابيع الماضية، بعد قرار من الرئيس أردوغان بتخفيض سعر الفائدة من 16 إلى 15 بالمئة. ومن المعروف أن تخفيض سعر الفائدة في أوقات ارتفاع التضخم خطوة غير معتادة لتعديل الوضع الاقتصادي.
وبشكل متوقع جاءت النتائج مباشرة بعد التعديل. فقد انخفضت قيمة الليرة التركية أكثر. فمقابل دولار أميركي واحد يجب دفع 14 ليرة تركية. أي نحو خمسين بالمئة من القيمة المدفوعة قبل شهر من اليوم. كما ارتفعت نسبة التضخم إلى أكثر من 21 بالمئة مقارنة بما كانت عليه قبل شهر.
كان من المفترض أن يتراجع أردوغان عن هذه الخطوة التي تسببت بفشل ذريع، لكنه أصر واستمر بإطلاق الوعود القائلة بأنه سيكون للخطوة نتائج مالية واقتصادية إيجابية على المدى البعيد. إذ ستعزز فرص الاستثمار والإنتاج وترفع من الصادرات. وبحسب وسائل إعلام تركية فإن هذه السياسة محاولة لمقاربة النموذج الصيني في الاقتصاد، بحسب ما قاله رئيس حزب العدالة التركية. وبالفعل، عملة نقدية منخفضة لبلد ما تعني زيادة الصادرات، وفي الماضي تم توجيه الاتهام إلى الصين إلى أنها تخفض قيمة عملتها بشكل مصطنع وتقيد تداول عملتها اليوان. فالقيمة المخفضة تمنح الدولة فرصا أفضل في المنافسة على تصدير بضائعها.
ويرى أردوغان أن هناك أوجه تشابه بين تركيا والصين. فكلا الاقتصادين حققا نموا خلال فترة ظهور جائحة كورونا. كما أنهما يعتمدان على الاستثمارات الخارجية بسبب انخفاض الأجور فيهما. رغم ذلك يرى كثير من الساسة المعارضين في تركيا أن مقارنة أردوغان مع الصين سخيفة.
مقارنة تركيا مع الصين
تركيا لا يمكنها مقارنة نفسها مع النموذج الصيني ، لأن الدولة ليس لديها اقتصاد كبير ولا عدد سكان مماثل، يقول اردا تونجا مدير لمزود الخدمات المالية إيكو فاكتوري. ويضيف: "هناك ديناميكية اقتصادية مختلفة تماما بين الصين وتركيا، فالصين لديها اقتصاد عملاق وعدد سكان هائل".
وبالعكس مما يجري في تركيا، لم تهمل الصين تدريب المتخصصين المؤهلين. ولهذا يشكك الخبير الاقتصادي في أن تركيا لديها عدد كاف من العمال المهرة لجعل الإنتاج أكثر ابتكارا. وبدلاً من ذلك، تعتمد الحكومة التركية على العمالة الرخيصة من سوريا وأفغانستان. "من أجل أن تصبح تركيا صناعية، يجب نهج سياسة اقتصادية تزيد من الإنتاجية على المدى الطويل، بدلاً من التلاعب بأسعار الصرف وأسعار الفائدة"، يحذر تونجا.
ويقول مراد بيردل الباحث الاقتصادي في جامعة إسطنبول، إن النموذج الصيني غير مرغوب فيه على الإطلاق في تركيا. فهو نموذج لا يمكن تطبيقه إلا في الأنظمة الاستبدادية، موضحا بالقول إن الثروة في الصين لا توزع بعدالة على فئات الشعب.
أردوغان وناخبوه
أسس أردوغان نجاحه السياسي على الاستفادة التي طالت فئات الشعب من خلال االنمو الاقتصادي في العشرية الأولى من الألفية الثانية، أذ تمكنت حتى الطبقات الضعيفة من السكان في الأناضول من الحصول على جزء من الكعكة. لكن الاتراك من ذوي الدخل المنخفض والذين يشكلون النسبة العظمى من ناخبي أردوغان يعانون اليوم بسبب ارتفاع نسبة التضخم، ما يدفع الرئيس التركي إلى الضغط أكثر على البنك المركزي.
دانيال ديريا بيلوت/ أمرة ايزر/ ع.ح