أردوغان - هل يكون رئيس كل الأتراك؟
٢٨ أغسطس ٢٠١٤بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية في تركيا بإحرازه 52 بالمائة من إجمالي الأصوات (في العاشر من أغسطس/آب)، هاهو أردوغان اليوم الخميس (28 أغسطس/آب) يؤدي اليمين الدستورية رئيسا لتركيا في خطوة ينظر إليها على أنها تعزز سلطته بعد 11 عاما قضاها في منصب رئيس الوزراء.
أردوغان نفسه كان أعلن في خطابه الذي عقب إعلان فوزه بالانتخابات أنه يريد بدء "عهد جديد" و"تجاوز مشادات الماضي". بيد أن هذه الأقوال لم تعقبها أفعال، فعلي سبيل المثال، كان هدد قبل تسلمه رسميا مقاليد السلطة عدم المشاركة في مراسم انطلاق السنة القضائية الجديدة في أنقرة إذا ما ألقى رئيس الغرفة التركية للمحامين متين فايزأوغلو كلمة فيها. يأتي ذلك بعد أن كان أردوغان غادر غاضبا إحدى الحفلات الرسمية التي تجرأ خلالها فايز أوغلو على انتقاد طريقة حكمه.
هل يبقى أردوغان على نفس المسافة من جميع الأحزاب؟
في الوقت الحالي احتدم الجدال إلى أي مدى يمكن أن يخضع أردوغان للدستور التركي أو أن ينتهكه جهرا إذا ما دعم كرئيس للبلاد حزبه حزب العدالة والتنمية الذي يحظى منذ عام 2002 بالأغلبية المطلقة في البرلمان التركي بدلا من اتباع الحياد على الصعيد السياسي الداخلي. سلفه عبد الله غول أدى مهامه الرئاسية كرئيس تمثيلي للبلاد، باذلا جهده في الابتعاد عن حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه وربط علاقات مع أحزاب المعارضة البرلمانية. لكن الأمر مختلف بالنسبة لأردوغان على ما يقول البروفسور إبراهيم كابوغلو المتخصص في القانون الدستوري في جامعة مرمرة في أسطنبول والذي يتحدث عن قيام أردوغان بـ"انقلاب دستوري". ويقول: "مهمة أردوغان كرئيس للحكومة تنتهي في 15 من أغسطس/آب بالإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات من خلال اللجنة الانتخابية العليا." ويوجه انتقادات لاذعة لأردوغان بأنه من جهة رئيس جديد منتخب للبلاد ومن جهة أخرى يتصرف كرئيس للحكومة وبالتالي "انقلب على دستور عام 1982".
انتقادات ترفضها الحكومة رفضا قاطعا، ففي سياق متصل يقول حسين جليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، إن اللجان القيادية في الحزب لا ترى أي موانع قانونية تحول دون بقاء أردوغان رئيسا للحكومة حتى بعد انتخابه رئيسا للبلاد، مشددا بالقول: "سوف يتعاون مع خلفه على رئاسة الحكومة أحمد داودأوغلو بكل انسجام". فيما يتحدث برهان كوزو، رئيس اللجنة الدستورية في البرلمان، عن "وزن ذي طابع نفسي" لأردوغان. ويقول: "إنه سياسي يتمتع بكاريزما تلقي بظلالها على خلفه داود أوغلو. لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال تقليص صلاحيات الأخير."
تركيا – نحو دولة الحزب الواحد؟
من جهتها، تتحدث المتخصصة في الشؤون السياسية آيزه آياتا من جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة عن "قوانين أردوغان". وتقول: "أردوغان يضع قوانينه الخاصة به، ويفعل ما يريد ولا يعير اهتماما بالدستور." وتتوقع آياتا حدوث توتر بسبب أسلوب أردوغان في حكم البلاد خاصة وأن حزبه يحوز على 313 من 537 مقعدا في البرلمان. ولتغيير الدستور كما يريد ولإدارج النظام الرئاسي الذي يطمح إليه، يحتاج حزب العدالة والتنمية إلى ما لا يقل عن 330 مقعدا لإجراء استفتاء على الدستور، وإلى 367 مقعدا على الأقل للحصول على أغلبية مريحة بإمكانها تغيير الدستور.
وفيما يستعد أردوغان لبدء فترة رئاسية تستغرق خمس سنوات، يتساءل البعض في تركيا هل سينجح في إدراج نظام رئاسي في تركيا؟ وهل ستتطور الديمقراطية تحت حكمه أم تشهد تراجعا؟ عن هذه الأسئلة يجيب البرلماني التركي بورهان كوزو: "أردوغان سوف يكون رئيسا يعمل ويكدح بجد. وهذا لا يعني بأنه سيستولي على صلاحيات الحكومة." وبغض النظر عن هذه التصريحات التي تهدف إلى التقليل من مخاوف البعض في تركيا، إلا أن الواقع السياسي في تركيا ليس بتلك القوة التي من شأنه أن يحول دون خطط محتملة لأردوغان بتوسيع سلطة ونفوذه، فتمثيل الأحزاب المعارضة في البرلمان التركي ضعيف جدا مثلها مثل مجموعات المجتمع المدني. ولايمكنهم سوى رؤية كيف يمكن أن تتحول تركيا إلى دولة الحزب الواحد بزعامة أردوغان.