"أربعاء الرماد - "من التطهر الديني إلى الهجاء السياسي
٢٢ فبراير ٢٠٠٧يعود أربعاء الرماد إلى عادة كان يتم فيها مباركة الرماد المأخوذ من "أحد السعف" في العام المنصرم ورسم صليب بواسطة هذا الرماد على جبين المؤمنين. ثم تطورت العادة لتصبح رش التائبين بالرماد بعد إلباسهم قميص التوبة. وفي حين اندثرت هذه العادة مع نهاية القرن العاشر الميلادي فقد نشأت عادة جديدة، ألا وهي أن يرش المؤمن الرماد على نفسه تضامنا مع التائبين.
وقد تطور في القرن السادس عشر شكل آخر من أشكال أربعاء الرماد وهو الذي يمكن أن نطلق عليه "أربعاء الرماد السياسي". تعود جذور هذا الأربعاء السياسي إلى منطقة بافاريا وبالأحرى إلى مدينة فلسهوفن، حيث كان الفلاحون يجتمعون في أربعاء الرماد لبيع الماشية والجياد ولم يكن الجدل يدور عن الأسعار فحسب، بل أيضا عن السياسة البافارية.
اختلاط الاحتفالات بالخطابات السياسية
وفي عام 1919 دعت رابطة الفلاحين البافارية اقتداء بهذه المناسبة إلى عقد لقاء جماهيري شهد مولد أربعاء الرماد السياسي. غير هذه المناسبة لم تتطور إلى حدث له انتشاره وأهميته إلا حينما عقد الاتحاد المسيحي الإشتراكي في عام 1953 أول "أربعاء رماد سياسي" في ظل رئاسة فرانتس يوزيف شتراوس للحزب. اتسمت خطب أربعاء الرماد التي كان يلقيها شتراوس بالنقد اللاذع المليء بالإسقاطات والغمز في حق الخصوم السياسيين وأحيانا أيضا ضد الحزب الشقيق الاتحاد المسيحي الديمقراطي وشريك الائتلاف آنذاك، الحزب الليبرالي الديمقراطي، وكانت هذه الخطب لا تتسم بأي شكل من أشكال النزاهة السياسية، بل تعد في المقام الأول خطب هجاء. مع الوقت تحول أربعاء الرماد السياسي إلى تقليد راسخ انتهجته الأحزاب السياسية الأخرى بدورها. أما اليوم فيتقابل محبو السياسة من كافة الأحزاب في كل مكان ليمارسوا ما طاب لهم من النقد، أحيانا تحت مستوى الحزام.