أحداث كيمنتس.. قليل من الحقائق كثير من الغموض!
٢٨ أغسطس ٢٠١٨شهدت مدينة كيمنتس بولاية سكسونيا بشرق ألمانيا تظاهرات وصدامات مع الشرطة إثر وفاة مواطن ألماني متأثراً بجراحه وإصابة آخرين على خلفية مشاجرة دامية. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل استنكرت هذه الأحداث وقالت "لدينا تسجيلات فيديو لأشخاص يطاردون آخرين، ولتجمعات جامحة، وللكراهية في الشوارع، وهذا لا مكان له في دولة دستورية".
تأثيرات سلبية على الاندماج
يحاول الكثير من طالبي اللجوء والمهاجرين الاندماج في المجتمع الألماني وبدء حياة جديدة بعد انتقالهم إلى ألمانيا، لكن أحداث كهذه قد يكون لها " تأثيرات شديدة السلبية "على هذه المساعي. هذا ما تراه خبيرة شؤون الاندماج لينا غنامة في مقابلة مع DW عربية.
وأضافت الخبيرة أن الأمر متعلق أيضاً بمراقبة اللاجئين لسلوكياتهم "لأن أي تصرف سلبي لا يؤثر على صاحب الفعل وحده وإنما على مجتمع اللاجئين والمهاجرين بشكل عام". موضحة أنه "بطبيعة الحال لابد من وجود عناصر سيئة وأخرى جيدة في أي تجمع بشري وأن هذه العناصر السيئة تسيئ كثيراً لمحاولات الاندماج في المجتمع الألماني، كما أنها تسيئ لصور ألمانيا بشكل عام".
من جهته يؤكد الدكتور ناجح العبيدي الخبير في شؤون اندماج اللاجئين في حوار مع DW عربية أن "أحداث كيمنتس تمثل ظاهرة خطيرة تهدد بتعقيد العلاقة بين المجتمع الألماني وبين الوافدين المهاجرين، و تهيئ أيضاً إمكانية انتشار العنف، وربما كذلك خروج الأمور عن السيطرة عندما يلجأ البعض لتطبيق القانون بأيديهم".
استغلال للأحداث وتضخيم للأمور
ويبدو أن هذا التضخيم للأحداث قد غذى مشاعر الخوف وعمق من الإحساس بالممارسات العنصرية في هذه المدينة ما دفع بعض اللاجئين إلى مغادرتها. وترى غنام أن مسألة التخويف من طمس الثقافة الألمانية أو محاولات أسلمة ألمانيا أو التأثيرات السلبية لثقافة المهاجرين الدخيلة كلها أمور مبالغ فيها بشدة، فألمانيا عدد سكانها حوالى 82 مليون شخص وتتساءل "كم عدد اللاجئين والمهاجرين بينهم وما هو حجم التأثير الذي يمكن أن يتسببوا به؟"
ويتفق معها في الرأي الدكتور ناجح العبيدي والذي يرى أن هناك تضخيماً متعمداً من منصات إعلامية مختلفة لكل ما هو متعلق باللاجئين والمهاجرين ما أدى إلى انتشار خطاب معادي للأجانب بشكل كبير، كما "نجح اليمين المتطرف في بث مشاعر الخوف لدى الألمان من إمكانية تسبب المهاجرين واللاجئين في تغيير تركيبة المجتمع وتغيير ثقافة البلاد بمرور الوقت". وتابع "من المثير للدهشة أن مثل هذه المشاكل التي تحدث بين الأجانب والألمان تحدث في مناطق ليس فيها نسبة كبيرة من الأجانب".
على الجانب الآخر ترى الصحافية البريطانية كاتي هوبكنز أن المتظاهرين "ليسوا من أنصار اليمين المتطرف وإنما مجرد مواطنين ألمان سئموا وتعبوا من هجمات مهاجري ميركل":
أخبار كاذبة تهيج المشاعر
مقداد فيرسي الأمين العام المساعد للمجلس الإسلامي في بريطانيا غرد قائلاً: "يبدو أن مجلة بيلد لا ينبغي أبداَ الاعتماد عليها في قصص عن المهاجرين، حيث تضطر لتصحيح كذبة ضخمة أخرى"
من جهته يرى محمد امجاهد الصحفي في تاغس شبيغل ودي تسايت في مقابلة مع DW عربية إن الكثيرين يقعون ضحية هذه الأخبار المزيفة ويندفعون دون شعور إلى نشرها ومشاركتها مع آخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي "ما يزيد الطين بلة، وينشر الخوف من الأجانب وينمي من المشاعر السلبية تجاههم".
ويضيف بأن "هناك متطرفون وأحزاب يمينية تأخذ مثل تلك الأخبار وتتلاعب بمشاعر الناس، وتؤثر على أفكارهم كثيراً فلا يجب منح هؤلاء الفرصة لنشر مثل هذه الاخبار التي تنشر روح الفرقة بين أفراد المجتمع".
ويتفق معه ماركوس بيكل الصحفي الألماني ومراسل فرانكفورتر ألغماينه سابقاً والذي يرى أن هناك مسئولية أخلاقية تقع على عاتق القارئ والذي يجب ألا ينساق دائماً خلف كل ما يقرأ، "فإحدى مشاكل شبكات التواصل الاجتماعي الكبيرة هي عمليات مشاركة محتوى لم يتم التأكد من مصداقيته ما يؤدي لانتشار الأخبار الكاذبة بشكل سريع وقد يتسبب ذلك في احداث الكثير من البلبلة، لذا علينا التأكد من طبيعة الحساب الذي ينشر الأخبار والتعرف على مدى مصداقية صاحب الحساب".
وينصح بيكل بضرورة التأكد من حقيقة الأحداث ويقع العبء الأكبر في ذلك على عاتق الصحفيين بجانب القارئ أيضاً وإن كان بدرجة أقل "مثل التأكد من عرض الحقائق ورأي طرفي الحدث مع ضرورة التأكد من مصداقية الصور وأنها حقيقية ولم تتعرض لأي تعديل في تفاصيلها بما يخدم وجهة نظر معينة وكذلك الفيديوهات التي يجب التأكد من أنها تم تصويرها في مكان الحدث وليس من مكان آخر، او في توقيت مختلف عن توقيت وقوع الحدث".
عماد حسن