لماذا شهدت مباراة المنستيري والمولودية كل هذا العنف؟
٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤لا تزال تداعيات مباراة الاتحاد المنستيري التونسي ومولودية الجزائر مستمرة، وذلك بعد أعمال الشغب التي جرت خلال المباراة لحساب إياب الدور الثاني من دوري أبطال أفريقيا، وشهدت تأهل الفريق الجزائري.
وأعلن الاتحاد التونسي لكرة القدم إرسال خطاب إلى الاتحاد الأفريقي لأجل "التظلم بشأن التجاوزات" التي تعرض لها الفريق التونسي. وقال بلاغ الاتحاد إن مراسلته "تضمنت شرحًا مفصلًا لأحداث العنف التي رافقت اللقاء، والاعتداءات التي تعرض لها أفراد فريق الاتحاد المنستيري قبل وأثناء وبعد المباراة".
وكان الفريق التونسي قد قرر في وقت سابق اتخاذ خطوات قانونية، مُدينًا ما تعرضت له بعثته من "اعتداء لفظي ومادي وتصرفات غير مسؤولة من قبل مسؤولين وصحافيين وأشخاص لا صلة لهم بكرة القدم"، فيما ندد مدرب الفريق التونسي بالظروف التي جرت فيها المباراة.
وكان من المفروض أن تشكل المباراة احتفاءً خاصًا بحكم أنها من أوائل المباريات في ملعب علي عمار في مدينة الدويرة الجزائرية، لكن العكس هو ما وقع بعد اندلاع أعمال الشغب، حيث استعملت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع من أجل تفريق الجماهير التي دخلت إلى أرضية الميدان.
كما تحدث مشجعو الفريق التونسي عن مشاكل كبيرة تعرضوا لها:
وأوقف الحكم المباراة لبضع دقائق خلال الوقت بدل الضائع. وذكرت صحيفة "الخبر" الجزائرية أنه تم تكسير عدد من الكراسي في الملعب، ووصل الغاز المسيل للدموع إلى شقق سكان الأحياء المجاورة للملعب، فيما تم تأكيد وفاة مشجع واحد.
ودشن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هذا الملعب بداية يوليو/تموز الماضي، ووصفته وكالة الأنباء الجزائرية حينها بأنه "تحفة معمارية في خدمة الرياضة". ومنح تبون مسؤولية استغلال وتسيير هذا الملعب إلى نادي مولودية الجزائر احتفالًا بمئوية تأسيسه.
وتأتي هذه الأحداث في وقت تشهد فيه العلاقات التونسية الجزائرية مزيدًا من الاستقرار، حيث أظهرت بوادر تعاون متعددة في السنوات الأخيرة، ومن ذلك إعادة إطلاق القطار الرابط بين البلدين بعد توقف استمر نحو ثلاثة عقود.
وخلفت الأحداث انتقادات كبيرة، إذ كتب المعلق الجزائري حفيظ دراجي على صفحته في "فيسبوك" أن الاهتمام بتنشئة الإنسان يجب أن يكون أولوية تسبق تشييد البنيان، وذكر أن ما وقع في الملعب أمر مؤسف ومحزن، خاصة عندما تسقط الأرواح.
وانتقد محللون جزائريون في قناة "الهداف" الجزائرية التنظيم، خصوصًا فتح باب واحد لدخول عشرات الآلاف من الجماهير بينما بقيت آلاف أخرى خارج الملعب، متسائلين عن أسباب اندلاع الشغب رغم أن النتيجة كانت لصالح الفريق الجزائري.
وتكررت أعمال الشغب في الملاعب التونسية والجزائرية على حد سواء خلال الأشهر الأخيرة، ومن ذلك ما وقع في مباراة الديربي التونسي بين الترجي والإفريقي، وكذلك في مباراة بين شباب قسنطينة واتحاد العاصمة في الجزائر، شهر يونيو/حزيران الماضي.
كما أنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها أعمال شغب بين فريقين من تونس والجزائر خلال مبارياتهما، فخلال العام الماضي وقعت أعمال عنف بين مشجعي الترجي التونسي وقوات الأمن، خلال مباراة الفريق مع شبيبة القبايل (القبائل) الجزائري في دوري أبطال أفريقيا، أدت إلى عقوبات من الاتحاد الإفريقي بحق الفريق التونسي.
وقال حينها الفريق الجزائري إن ما عاشه في ملعب رادس كان "جحيمًا"، كما أدان ما وصفها 'بالمعاملة العدائية' تجاه جماهيره. وأدت أعمال العنف إلى تأخير بداية الشوط الثاني بنحو 45 دقيقة، فيما أعلنت السلطات التونسية حينها اعتقال مجموعة من الأشخاص، وأظهرت الصور مشجعا تونسيا يحمل منشاراً كهربائيا.
وتشهد المباريات بين فرق شمال أفريقيا عمومًا في المنافسات الأفريقية ندية كبيرة تتجاوز أحيانًا ما تقتضيه كرة القدم من الروح الرياضية، خصوصًا أن هذه النوادي تسيطر بشكل كبير جدًا على الألقاب الأفريقية في السنوات الأخيرة.
لكن أحداث العنف تصل أحياناً إلى مباريات مع فرق أخرى، كما وقع عام 2016 في مباراة فريق وفاق سطيف الجزائري ضد صن داونز الجنوب أفريقي، وأدى اقتحام الجماهير لأرضية الملعب احتجاجا على هزيمة فريقها، إلى اتخاد الاتحاد الأفريقي قرار استبعاد الفريق الجزائري من منافسات دوري أبطال أفريقيا حينها.