آفة الأميّة في ألمانيا ـ خجل وعجز يرافق الناس!
١٣ أكتوبر ٢٠١٩بالنسبة لغالبية الناس لا يمكن تصور حياة بدون قراءة ولا كتابة. لكن بالنسبة إلى 12 في المائة من الفئة التي تتراوح أعمارها بين 18 حتى 64 عاما في المانيا يكون العجز عن القراءة والكتابة جزء من الحياة اليومية. وهذه النتيجة توصلت إليها دراسة من جامعة هامبورغ تم عرضها في مايو 2019. تصور حياة بدون قراءة ولا كتابة. لكن بالنسبة إلى 12 في المائة من الفئة التي تتراوح أعمارها بين 18 حتى 64 عاما في المانيا يكون العجز عن القراءة والكتابة جزءاً من الحياة اليومية. وهذه النتيجة توصلت إليها دراسة من جامعة هامبورغ تم عرضها في أيار/ مايو 2019.
وتفيد هذه الدراسة أن 6.2 مليون شخص الذين تشملهم الإحصائيات بينهم الأشخاص الذين بمقدورهم التعرف على الأحرف والكلمات والجمل لكن عندهم صعوبات في الربط بين الجمل، وبالتالي لا يقدرون على استيعاب النصوص كاملة والكتابة بشكل سلس.
كرستين غولدنشتاين البالغة من العمر 60 عاما من مدينة ترير طورت استراتيجية خاصة بها للتعامل مع صعوباتها في الكتابة:" عندما أكتب لأحد بطاقة بمناسبة عيد الميلاد، فإنني أكتب على ورقة منفصلة وفي حال ارتكابي خطأ فإنني أصلحه وأرمي الورقة الأولى"، تقول في حديث مع DW.
عرض نافع لمعنيين: كتب بلغة بسيطة
وتضيف غولدنشتاين بأنها لم تكن قادرة قبل سنتين أو ثلاث على إثارة هذا الموضوع. " لقد كان مشوارا طويلا إلى حين التحدث بانفتاح عن الموضوع". وينتاب الخجل الناس الذين لهم مشكلة مع الكتابة. ورغم هذه العاهة، فإن غولدنشتاين تشعر بأنها محظوظة، لأنها تقدر على القراءة ولو ببطيء. وبعض دور النشر تخصصت بالتحديد في إصدار كتب بلغة بسيطة.
" المعلم لم يكشف الصعوبات القائمة"
كرستن غولدنشتاين أنهت المدرسة الابتدائية وأتممت تكوينا مهنيا وعملت في مجزرة وبعدها في متجر، وهذا طوال 37 عاماً، وأحيلت بعدها على التقاعد.
لكن كيف يحصل في بلد متطور مثل ألمانيا الذي يكون فيه التمدرس إلزاميا ويحصل فيه الناس على شهادة مدرسية دون التمكن في الأخير من القراءة والكتابة على المستوى المطلوب؟ "معلمي لم يتعرف فعلا على صعوباتي"، تقول غولدنشتاين عن فترة دراستها في قرية واقعة على بحر الشمال. ففي الستينات والسبعينات أي في الوقت الذي ترعرعت فيه لم يهتم الآباء ولا المعلمون بالشكل المطلوب بالصعوبات في الكتابة والقراءة. وقد حصلت على شهادتها المدرسية، لأنها كانت جيدة في الشفوي الأمر الذي مكنها من تجاوز أخطائها الكتابية وتحسين نقطتها في التحصيل.
الأميون يتعاونون
وقبل سنوات قليلة فقط بعد فترة مرض، ولأنها كشفت أن مشاكلها مع الأمية تؤثر على وجدانها الشخصي طلبت غولدنشتاين المساعدة والتحقت بدروس الألمانية في الجامعة الشعبية. " لن أقدر أبدا على الكتابة بشكل جيد، لكنني أحرزت تقدما كبيرا وبإمكاني الان فعل ما لم أعتبره ممكنا في السابق: إنني أكتب قصصا قصيرة"، كما تقول بافتخار.
وبالاشتراك مع آخرين شكلت غولدنشتاين مجموعة للكتابة تتحدث باسمها، بل هي "سفيرة" اتحاد محو الأمية والتكوين الأساسي في مونستر. وهذا النادي يمنح على المستوى الاتحادي المعلومات عن دروس محو الأمية ويقدم مشورة هاتفية. ويقول مدير هذا المشروع، تيم هنينغ بأن "من بين 6.2 مليون من الأميين أو المتمكنين جزئيا من القراءة والكتابة يزور فقط نحو 30.000 شخص منهم في كل سنة دروس محو الأمية".
الأسباب غير معروفة كما ينبغي
ويفيد هنينغ أن الأسباب وراء الأمية متعددة. " لقد كشفنا عن بعض العوامل المحورية مثل محيط السكن". ويوضح أنه إذا لم يكن الأبوان يهتمان بالتعليم، فإن الطفل سيواجه صعوبات. وأحد العوامل الرئيسية يتمثل في النظام التعليمي. " إذا لم يتعلم الأطفال في المدرسة الابتدائية جيدا الكتابة والقراءة، فنادرا ما يتمكنون من استدراك الوضع في المدرسة الثانوية". كما أن بعض المشاكل العائلية كموت أحد الوالدين أو الطلاق تصعب على الأطفال التعلم.
إعاقة كبيرة في الحياة اليومية
وحتى لو أن نتائج الدراسة الصادرة هذه السنة جاءت أفضل من الدراسة الصادرة في 2010، فإن النتائج ماتزال سيئة. والبعض مثل غولدنشاين يقدرون على قراءة الكتب والتمتع بذلك. وآخرون لا يغادرون الحي الذي يسكنون فيه، لأنهم لا يقدرون حتى على قراءة علامات السير أو خريطة المدينة. ومن المستحيل أن يتقدموا لنيل رخصة السياقة وآخرون لا يقدرون على القيام ببعض المهام اليومية مثل التواصل عبر البريد الإلكتروني أو ملئ استمارات، وكلها تحديات تجابههم في حياتهم اليومية.
ليست قضية ذكاء
وتفيد الدراسة الأخيرة أن أكثر من 52 في المائة من المعنيين ألمان، و47 في المائة لهم جدور أجنبية وتعلموا لغة أخرى و80 في المائة منهم يقدرون على القراءة والكتابة في لغتهم الأصلية. وثلثا الذين عندهم صعوبات في القراءة والكتابة يزاولون عملا ويتمكنون من دعم ثقتهم بانفسهم. ويفيد الخبراء أن الأمية ليس لها علاقة بمستوى الذكاء.
ويقول هنينغ إنه في الغالب تؤدي أزمات بالأشخاص إلى تغيير شيء في وضعهم مثل المرأة التي رُزقت بطفل وكانت حزينة لعدم تمكنها من قراءة قصص له، وكانت مجبرة على مشاهدة الصور وابتكار قصص من ذهنها، والتحقت فيما بعد بدروس الألمانية.
وتؤكد كرستين غولدشتاين بأن " الناس يجب أن يعترفوا بأنها مشكلة كبيرة للمجتمع إذا لم يكن الشخص يحسن القراءة والكتابة. وهذا هو أيضا موضوع سياسي".
لويزا شيفر/ م.أ.م