DW تتحقق: ماذا عن مزاعم وجود "نازيين أوكرانيين"؟
٤ ديسمبر ٢٠٢٢منذ بداية الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا على أقرب تقدير، انتشرت مزاعم تربط الكثير من الأوكرانيين بالنازية. ويمكن العثور في وسائل التواصل على حسابات تدعي الحيادية ولكنها مرتبطة بالكرملين كما في قناة "Neues aus Russland" على تلغرام. في هذه القناة تنشر الصحفية ألينا ليب مزاعم حول وجود عدد كبير من النازيين الأوكرانيين. مثل هذه المنشورات لها تأثير؛ إذ يشترك في القناة أكثر من 183 ألف شخص (بتقديرات 25 تشرين الثاني/ نوفمبر). وردت في القناة كلمة "نازي" 285 مرة، و"النازية" 22 مرة، و"الصليب المعقوف" 17 مرة.
إذاً ماذا عن رواية النازيين الأوكرانيين؟ وماذا عن الأدلة المزعومة التي تنشرها الحسابات المؤيدة لروسيا على وسائل التواصل الاجتماعي؟
الادعاء الأول: مقطع فيديو تم تداوله في تغريدة، يُزعم أنه من قناة الجزيرة، يظهر ثلاثة أوكرانيين في حالة سكر ينشرون رموزاً نازية في مونديال كرة القدم في قطر.
DW تتحقق: غير صحيح
قام فلاديمير سولوفيوف، وهو صحفي روسي وأحد مروجي دعاية بوتين، بنشر الفيديو على قناته في تلغرام، حيث تمت مشاهدته ما يقرب من 400000 مرة حتى تاريخ 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022. وجاء في الفيديو المنسوب للجزيرة أن ثلاثة أوكرانيين رسموا تحية هتلر على لوحة جدارية لكأس العالم لكرة القدم وكتبوا بجانبها عبارة "تحية هتلر". وورد في الفيديو أيضاً أن الثلاثة مزقوا عشرة ملصقات في محيط ملعب البيت لكرة القدم. وبحسب الفيديو، تم القبض عليهم دون تردد.
الفيديو مزيف، كما يُظهر استقصاء لـ DW. وكما أوضحت قناة الجزيرة نفسها في تقرير خاص بها.
يحتوي المقطع على شعار الجزيرة ونوع الخط الذي يشبه إلى حد بعيد ذلك المستخدم في مقاطع الفيديو الأصلية للقناة. في الفيديو نفسه، لم يتم عرض المشجعين الأوكرانيين الثلاثة المزعومين، فقط صور لمشجعين أوكرانيين. هذا أمر شائع الاستخدام في بعض الاحيان في الصحافة، لكن من المثير للاهتمام أنه لم يتم تقديم مزيد من التفاصيل حول الرجال الثلاثة، ما يثير الشك؛ إذ أنه منذ التعبئة العامة، لم يُسمح للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً بمغادرة أوكرانيا على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، فإن المنتخب الأوكراني لم يتأهل بالأصل لكأس العالم في قطر.
من الملاحظ أيضاً أنه تمت كتابة استاد البيت بشكل خاطئ، وتحديداً كلمة "البيت". كما لا توجد صور للملصقات التي يُزعم تمزيقها. كما يظهر مشهد يُزعم أنه تم فيه اعتقال المشجعين الأوكرانيين، لكن ملابس الشرطة لا تتطابق مع ملابس ضباط إنفاذ القانون، وفقاً لوزارة الداخلية القطرية.
عند البحث عن الشارة التي تظهر على ذراع أحد ضباط الشرطة المزعومين في الانترنت نحصل على نتائج مختلفة، تشير كلها على أنها شارة عسكرية، لكن دون أن يتضح الدولة التي تستخدم فيها.
الخلاصة: تم فحص الفيديو بواسطة العديد من مدققي الحقائق وهو زائف. كما أكدت قناة الجزيرة من جانبها التزوير.
الادعاء الثاني: "يرتدي بعض المقاتلين الأوكرانيين شعار [كل سيجازى بما يفعل] على خوذهم كدليل على التزامهم بالنازية الجديدة"، كتبت ألينا ليب، التي سبق ذكرها، في قناتها على تلغرام ونشرت صورة بهذا الإطار كدليل.
DW تتحقق: غير صحيح
من الواضح أنه تم التلاعب بالصورة، كما يظهر بحث DW. تم وضع شعار "كل سيجازى بما يفعل" على البوابة الرئيسية لمعسكر اعتقال بوخنفالد النازي. ومنذ ذلك الحين يحمل الشعار القانوني الروماني القديم معاني سلبية في ألمانيا. والشعار يلمح إلى وجهة النظر اليمينية المتطرفة والنازية القائلة بأنه من المفترض أن يحصل كل شخص على ما يستحقه.
تم وضع النقش على خوذة الجندي باستخدام برنامج تعديل الصور، كما يظهر البحث عن الصور في الانترنت. بالإضافة إلى ذلك، تم عكس الصورة الأصلية.
والرجال الموجودون في الصورة معروفون: إنهم فرقة أنتيلا الموسيقية الأوكرانية، التي لم تعد تغني فحسب، بل تدافع أيضاً عن أوكرانيا في وجه الغزو الروسي. استخدمت وسائل الإعلام الدولية مثل واشنطن بوست الصورة كصورة غلاف، ظهر فيها أعضاء الفرقة يرتدون زي الجنود.
الادعاء الثالث: يلمح فيديو يتم تداوله على نطاق واسع في تويتر إلى وجود درج به صليب معقوف كبير في مركز تسوق أوكراني.
DW تتحقق: مضلل
في مركز تجاري يسمى غورودوك في كييف، يتوهج صليب معقوف مضاء بأنوار LED على درج، وهناك قلب أحمر كبير في الأعلى.
في الواقع، الفيديو حقيقي، لكنه مضلل. وبحسب بيان صادر عن المركز التجاري نُشر على فيسبوك، فإن الحادث يعود إلى 16 شباط/ فبراير 2019، حوالي الساعة 1:30 ظهراً. وحسب البيان فإن قراصنة هم من يقف وراء ظهور الصليب المعقوف، وقد أبلغ حارس أمن القائمين على المركز التجاري مباشرة بعد ملاحظة الرمز النازي على الدرج المضاء، ما دفع المركز التجاري للتدخل وإزاله الرمز النازي، حسب البيان.
ثم أحيلت القضية إلى سلطات التحقيق. في 29 تموز/ يوليو 2019، أعلن مكتب المدعي العام في كييف في بيان صحفي أن شاباً يبلغ من العمر 17 عاماً قد تمكن من الوصول إلى نظام الكمبيوتر باستخدام برنامج "TeamViewer“. ويمكن رؤية رمز البرنامج في الفيديو.
وفقاً لمكتب المدعي العام، كانت كلمة المرور لنظام التحكم بالمركز التجاري مرئية لفترة وجيزة، الأمر الذي استغله الشاب وعرض الصليب المعقوف. يحظر في أوكرانيا نشر الرموز النازية على الملأ. تم بالفعل إجراء العديد من عمليات التحقق من صحة الفيديو المتداول.
الخلاصة: تم عرض الصليب المعقوف في الواقع في مركز التسوق في كييف لبضع دقائق. ومع ذلك، فإن الحادث هو عملية قرصنة.
بوتين بنفسه يتولى ترويج الدعاية
لذا فإن حقيقة الأمر هي أن العديد من الادعاءات حول النازيين الأوكرانيين المزعومين ملفقة أو مضللة. ومع ذلك، استمرت الرواية، لأن فلاديمير بوتين وآلة الدعاية الروسية يواصلان نشر معلومات مضللة حول هذا الموضوع.
في خطابه قبل وقت قصير من الهجوم على أوكرانيافي نهاية شباط/ فبراير، تحدث فلاديمير بوتين عن أنه يتوجب على روسيا "اجتثاث النازية" من أوكرانيا. ويشير مصطلح "اجتثاث النازية" التاريخي إلى سياسة الحلفاء المنتصرين على ألمانيا النازية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث سعوا إلى تحرير البلاد من التأثيرات النازية وطرد المتورطين من مناصبهم.
لكن المقارنة مع أوكرانيا خاطئة، كما قال أندرياس أوملاند لـ DW في شباط/ فبراير: "هذا الحديث عن النازية في أوكرانيا ليس في مكانه تماماً. رئيس أوكرانيا يهودي ناطق بالروسية فاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بفارق كبير ضد مرشح أوكراني غير يهودي"، حسب أوملاند المحلل في "مركز ستوكهولم لدراسات أوروبا الشرقية" (SCEEUS).
ويضيف المحلل: "على الرغم من وجود مجموعات يمينية متطرفة في أوكرانيا، إلا أنها ضعيفة نسبياً مقارنة بالعديد من الدول الأوروبية: في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2019 حصلت جبهة موحدة لجميع الأحزاب اليمينية المتطرفة على 2.15 بالمائة (من مجموع الأصوات)".
ماذا عن كتيبة آزوف؟
وتعرضت الوحدات القتالية اليمينية الأوكرانية، التي تقاتل الانفصاليين الموالين للروس في شرق أوكرانيا، لانتقادات في الماضي، وخاصة كتيبة آزوف. "تم تأسيس هذه الكتيبة من قبل مجموعة يمينية متطرفة، ولكن تم دمجها في قوات الحرس الوطني بوزارة الداخلية في خريف 2014. بعد ذلك، قيل إنه حدث انفصال بين الحركة (اليمينية) والكتيبة، بيد أن الأخيرة لا تزال تستخدم الرموز نفسها، لكنها لم تعد مرتبطة بالتطرف اليميني"، كما يقول أندرياس أوملاند. ووفقاً لأوملاند، فإنه خلال إعداد الجنود الأوكران وتدريبهم يظهر بين الحين والآخر أفراد بنزعات يمينية متطرفة، ولكن: "يتم كشف هذه العناصر وفضحها".
كاثرين فيسولوفسكي/خ.س