DW تتحقق: هل كان أحدٌ يعلم بأن زلزالا سيقع في تركيا وسوريا؟
٢٠ فبراير ٢٠٢٣بينما تتواصل أعمال الإنقاذ في منطقة الحدود التركية-السورية، حيث ضرب زلزالان قويان المنطقة فجر السادس من فبراير/شباط، يغلي فرن الشائعات على الإنترنت. كالقول إن الزلزال تسببت به عمدا قوى غربية، لمعاقبة تركيا بسبب رفضها قبول السويد وفنلندا في حلف الناتو. والهدف الثاني هو أن تخسر الحكومة التركية الحالية للانتخابات المقبلة، كما يقول مروجو هذه المزاعم على مواقع التواصل.
DW تتحرى مجموعة من الإشاعات الرائجة، وتبين حقيقتها بالدليل:
ادعاء: شاهد الناس في المنطقة التي وقع فيها الزلزال ضوءا في السماء.
في فيديو انتشر على تطبيق تيكتوك، وحصل على 30 ألف إعجاب، وانتشر على تويتر أيضا، يظهر ضوء يصعد إلى السماء بزاوية 45 درجة.
نتيجة تحقق DW: الادعاء زائف.
حساب على تويتر تحت اسم " Jonas Vaitkevicius" يشير في تعليق له إلى أن هناك كلام باللغة الروسية في الفيديو. رجل وامرأة يتحادثان حول الضوء ويتوقعان أنه انطلاق صاروخ.
وبالفعل، الفيديو قام حساب "@catasach369" بنشره في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2022، وكتب إنه لصاروخ انطلق في جنوب كازاخستان قبلها بيوم.
ولكن محطة الفضاء في بايكونور لم ينطلق منها صاروخ نحو الفضاء بتاريخ السادس من أكتوبر الماضي. ولم يرد إلينا جواب من المحطة، على سؤال وجهته DW إليها.
الثابت هو أن الفيديو قديم، ولا علاقة له بالزلزال.
ادعاء: ثماني دول غربية على الأقل قامت قبل 24 ساعة من حدوث الزلزال بسحب سفرائها من تركيا.
ولهذا الادعاء عدة صياغات على مواقع التواصل الاجتماعي.
نتيجة تحقق DW: لا دليل على هذا الادعاء.
قامت تسعة دول بالفعل، في بداية فبراير/شباط، بإغلاق بعثاتها الدبلوماسية مؤقتا في تركيا. وذكرت أن السبب هو لدوافع أمنية، بعد أن قام متظاهرون في الدنمارك والسويد بحرق نسخ من القرآن، احتجاجا على موقف تركيا المعارض لانضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو.
وردا على ذلك قام وزير الخارجية التركي، في الثاني من شباط/فبراير، باستدعاء سفراء الدول التسع المعنية، لأن الحكومة التركية ترى في التحذير الأمني "إهانة متعمدة" لتركيا. حيث أن تركيا ستشهد انتخابات برلمانية في منتصف مايو/أيار المقبل. وحزب العدالة والتنمية الحاكم يتعرض لضغوط داخلية.
لا يوجد أي دليل على أن الدبلوماسيين غادروا تركيا. وزارة الخارجية الألمانية أكدت، ردا على سؤال من DW، أن القنصلية الألمانية في اسطنبول بقت مغلقة ليومين في بداية فبراير. ولكن السفارة الألمانية في أنقرة لم تغلق. والسفير الألماني كان موجودا في أنقرة وقت حدوث الزلزال.
هل كان أحدٌ يعرف بأن زلزالا مدمرا سيقع قريبا؟
الادعاء الأغرب هو أن أحدا ما كان يعلم بوقوع الزلزال المدمر قريبا. كثير من الحسابات على مواقع التواصل تنسب لشخص يصف نفسه بأنه "خبير بالزلازل" واسمه فرانك هوغربييتس. الرجل الهولندي يزعم بأنه يستطيع من خلال برمجية إلكترونية طورها بنفسه، وبالاعتماد على وضعيات الكواكب، أن يحسب احتمالية وقوع الزلازل على الأرض.
الادعاء: فرانك هوغربييتس تنبأ بوقوع الزلزال
في الثاني من فبراير/ شباط قام فرانك هوغربييتس بالكتابة على تويتر: "عاجلا أم آجلا سيقع زلزال بقوة حوالي 7.5 درجات في هذه المنطقة (جنوب/وسط تركيا، الأردن، سوريا ولبنان)". وعلى صورة لخارطة مرفقة بالمنشور على تويتر، وضع مركز الزلزال على بعد 40 كلم جنوب الموقع الفعلي لحصول الزلزال الذي وقع في 6 فبراير/شباط.
نتيجة تحقق DW: هذا ادعاء مضلّل
"ليس هناك أرضية علمية للتنبوء بوقوع الزلالزل (بشكل دقيق)". ملاحظة وضعها توتير على الكثير من تغريدات هوغربييتس.
أوليفر هايدباخ، الباحث في المركز الألماني للأبحاث الجيولوجية في بوتسدام، والمتخصص بحقول التوتر في طبقات الأرض، يؤكد ذلك. ويقول: نعم، بإمكان العلم أن يعرف أين يمكن أن تقع الزلازل وحجمها، ولكن لا يمكن حتى الآن تحديد التوقيت".
فكرة هوغربييتس بربط الأمر بتموضع الكواكب، هو أمر لا سند علمي له، كما يؤكد هايدباخ.
يقوم هوغربييتس بالإشارة، على موقعه الإلكتروني، إلى أبحاث مختلفة، ولكنها لا تقدم أي سند لفرضياته: "المنشورات التي يستند إليها تصل بسرعة إلى طريق مسدود. إنها فرضيات بدون أساس علمي، والتي لا تتوافق مع الفيزياء، التي هي الأساس لها".
ومن ناحية أخرى، لم يدّعِ هوغربييتس التنبؤ بموعد وقوع الزلزال. فعبارة "عاجلا أم آجلا"، هي عبارة مفتوحة.
وفي فيديو جديد له يحذر من التصرف بشكل متعجّل بسبب توقعاته.
توقعات هوغربييتس هي من حيث المبدأ مطابقة بشكل شبه كامل للمتعارف عليه علميا، كما يقول الباحث هيادباخ: "عندما يقول في يوم محدد هناك احتمال 50 بالمئة أن يقع زلزال بقوة 6 درجات، فهذا أمر صحيح. لأننا نرصد حوالي 150 من هذا النوع من الزلازل حول العالم سنويا. معظمها لا تسبب أي أضرار، لأنها تقع على عمق كبير في الأرض، أو في مناطق لا يعيش فيها بشر". أضف لذلك، أن المرء إذا كان يتوقع يوميا بوقوع زلازل، كما يفعل هوغربييتس، فسيصيب حتما في بعض الأحيان، كما يقول هايدباخ. ويضيف: "أما إذا لم يحصل الزلزال، فيتم حذف تلك التنبؤات"، ولا تلقى اهتماما.
كما يستبعد هايدباخ كليا أن تتسبب أي إشعاعات في حصول زلازل. "هذا الأمر لا يمكن أن يحصل، لأن الموجات الإلكترونية تتبدد بفعل الحجارة. وهذا ما نعرفه مثلا من خلال الاتصال بالهاتف في مرآب السيارات الموجود تحت الأرض، حيث لا تصل الإشارة للهاتف".
والزلازل تحدث على عمق عشرة كليومترات على الأقل تحت سطح الأرض، وهي مناطق "لا تصلها إشارات إلكترونية"، كما يقول هايدباخ، الذي يضيف: "كل المفاعلات النووية في هذا العالم لا تستيطع أن توصل مثل هذه الإشعاعات إلى ذلك العمق". سيقتصر مفعولها على سطح الأرض فقط. ثم يقول: لو حدث مثل ذلك الإشعاع "فاعتقد أننا سننشوي جميعا".
هل تم التسبب بالزلزال بشكل متعمد؟
وبهذا يدحض هايدباخ بالبراهين التي يقدمها أسطورة منتشرة منذ عشرات السنين، تشغل تخيلات البشر.
الادعاء: الولايات المتحدة تستخدم محطة البحوث HAARP كسلاح من أجل إحداث زلازل.
HAARP هو اختصار لتسمية (برنامج الشفق النشط عالي التردد)، وهي محطة للبحث العلمي في المجال الجوي العلوي فوق ألاسكا، يشارك فيها الجيش الأمريكي أيضا.
نتيجة تحقق DW: لا دليل على هذا الادعاء.
هذه الفرضية بأن المحطة سلاح وتشكل خطرا على البشرية، أطلقها ربما جان مانينغ ونيك بيغيش في كتابهما "Angels don't play this HAARP". ورغم أن مجلة شبيغل وغيرها فنّدت، في عام 1996، بشكل علمي تلك الفرضيات، وأثبتت أنها غير صحيحة، إلا أنها مازالت تلقى رواجا إلى اليوم.
محطة "HAARP" ترسل موجات إشعاعية معتادة. ولا يمكن بالتالي أن ترسل تلك الموجات من ألاسكا بشكل موجه إلى منطقة قهرمان مرعش التركية على عمق 10 كلم هناك، وتحولها إلى طاقة إلكترومغناطيسية، كي تحدث الزلزال.
"وحتى لو كان هذا الأمر ممكنا نظريا، فلا يمكن أن يحدث"، يقول هايدباخ. لأن قدرة محطة "HAARP" القصوى حاليا هي إرسال 3,6 ميغاواط. وهذا يعادل ما تولد عنفة متوسطة لتوليد الكهرباء من الرياح. أو ما يكفي لتشغيل 1000 جهاز صغير لتسخين الماء للشاي، ليس أكثر.
ولكن ما وقع في الزلزال هي طاقة أكبر من ذلك بمراحل: "إنها طاقة تُقاس بالغيغاواط". أي أنك تحتاج طاقة 275 من (قوة طاقة)عنفة الرياح بكامل طاقتها.
أضف إلى ذلك أن الصخور ستبدد جزءا كبيرا من هذه الطاقة. هايدباخ يلخص النتيجة بقوله: "إنه ببساطة أمر غير ممكن".
يان فالتر/ف.ي