DW تتحقق: المكملات الغذائية.. وسيلة احتيال لكسب المال؟
٢ مارس ٢٠٢٤يزداد عدد الذين يتناولون المكملات الغذائية حول العالم باضطراد، على أمل أن يحصلوا على بشرة وشعر أجمل، أو تعزيز نظام المناعة أو زيادة لياقتهم البدنية. وهذه المكملات الغذائية سواء المغنيزيوم أو الفيتامينات أو غيرها تحقق عائدات بالمليارات.
منذ عقود وأنغيلا كلاوزن من مركز حماية المستهلك في ولاية شمال الراين ويستفاليا، منشغلة بهذا الموضوع، وتقول في حوارها مع DW "المشكلة أن الكثير جدا من الناس ينظرون إلى المكملات الغذائية كما ينظرون إلى الأدوية ويستخدمونها كعلاج سواء لتخفيف الآلام أو للشفاء من الأمراض. في حين أن الغرض الأساسي من استخدام المكملات الغذائية هو فقط استكمال العناصر الأساسية التي لا نحصل عليها بشكل كاف من خلال غذائنا".
وإن شراء المكملات الغذائية التي لا تجلب فائدة للمستهلك، هو هدر للمال، بل إن المبالغة وزيادة بعض المواد مثل فيتامين دال أو اليود أو السيلينيوم يمكن أن يضر بالصحة.
وعلاوة على ذلك فإن المكملات الغذائية لا تخضع للرقابة إلا قليلا وذلك لأنها ليست دواء. ويمكن طرحها وبيعها في الأسواق دون أن تخضع للفحص من حيث الجودة والأمان الصحي والفعالية. لذلك لا تحتوي المكملات الغذائية دائما على المواد أو الكميات اللازمة منها كما هو مذكور على العبوة. ودائما ما يتكرر كشف مواد خطرة أو ممنوعة ضمن محتوياتها.
أما مراقبة ما يقال ويروج عن المكملات الغذائية في مواقع التواصل الاجتماعي، فهو أسوأ بكثير من مراقبة المواد ذاتها. حيث تنتشر الوعود الصحية الكاذبة في كل مكان، كما اتضح من خلال فحص عشوائي لمئات القصص والمنشورات عام 2021.
فريق DW تحقق بنفسه من بعض المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي حول المكملات الغذائية، وحلل ثلاث حالات كأمثلة على ذلك.
أكثر ذكاء بفضل جينكو وباكوبا مونييري وإل- تيانين، وإل- تريونات المغنيزيوم؟
الادعاء: في هذا الفيديو الذي حصد حوالي 1,7 مليون مشاهدة، يدعي أحد مستخدمي تيك توك ويقول "أنت لست غبيا، ولكن ليس لديك ما يكفي من الدورة الدموية في مخك، ما يمنعك من التدقيق والتركيز. كما يؤدي ذلك إلى ضعف الذاكرة." أفضل 4 مكملات غذائية من أجل ذلك هي: جينكو وباكوبا مونييري وإل- تيانين، وإل- تريونات المغنيزيوم.
تحقيق DW: الادعاء غير صحيح
تفكير وتركيز أحسن بفضل هذا المكمل الغذائي، كلام جميل جدا، لكن لسوء الحظ لا يمكن تصديقه. خبيرة التغذية فريدريكه شميدت من جامعة لوبيك، شاهدت الفيديو، وقالت لفريق DW "صحيح أن من في الفيديو يذكر لنا آليات استقلاب محددة بدقة، ويبدو في البداية مختصا"، لكن في الحقيقة بالنسبة للمستحضرات المذكورة "لا يعرف المرء تأثيرها في الكثير من الأماكن، وما إذا كانت مساعدة أصلا".
على سبيل المثال، أحد الادعاءات في الفيديو يقول إن المستخلص النباتي باكوبا مونييري/ Bacopa monnieri يرفع مستويات الناقل العصبي أستيل كولين في الدماغ، مما يحسن أداء الذاكرة. "هذا أمر بعيد المنال. فحتى الآن ليست هناك دراسة منهجية جيدة، ناهيك عن تعددها (الدراسات)، تم فيها إعطاء الناس هذا المستخلص النباتي وكان لديهم المزيد من الأسيتيل كولين في أدمغتهم وكانوا بعد ذلك قادرين على التذكر بشكل أفضل."
وإن الإشارة إلى الدراسات التي ليس أي أهمية في الواقع، هي طريقة لترويج المكملات الغذائية، كما تعرف ذلك أنغيلا كلاوزن أيضا وتقول "إن الدراسات التي تقدم بشأن المنتج، هي دراسات كارثية بشكل عام".
عموما، ما يقال في الفيديو المنشور على موقع تيك توك ليس صحيحا من الناحية العلمية، ولم يثبت أن "أفضل 4 مكملات غذائية" تزيد من أداء الدماغ كما هو مذكور في مقطع الفيديو.
هل الكركم مادة سحرية فعلا؟
الادعاء حسب ما هو وارد في مقطع الفيديو المنشور باللغة الإسبانية وحقق أكثر من 1,5 مليون مشاهدة: إن مسحوق الكركم المذاب في الماء يساعد في مكافحة الاكزيما الجلدية. وعلاوة على ذلك يخلص الجسم من السموم ويمنع التهاب المفاصل ويقلل من خطر الإصابة بالسرطان.
تحقيق DW: هذا غير صحيح
رغم أن درنة الكركم كتوابل يقال ومنذ مدة طويلة إنها مفيدة للهضم، "لكن كل هذه الادعاءات غير مقبولة ولا تدعمها الدراسات" تقول أنغيلا كلاوزن من مركز حماية المستهلك. صحيح أن هناك أبحاث حول عنصر الكركمين، لكن بالنسبة للعناصر المستخدمة في المستحضرات، لم يتم تحديدها بدقة ولا توجد "دراسات معيارية ذهبية". بمعنى آخر: دراسات تعتمد على اختبارات تجرى على البشر ولم يعرف فيها لا المستخدم ولا متلقي المادة، من تناول مادة وهمية ولا من تناول المادة الفعالة، وفي الحالات المثالية تأكيد النتيجة من خلال دراسات تجريها مجموعات عمل أخرى.
أظهرت الدراسات فقط في أنبوب الاختبار أن مستخلص الكركم وبجرعة معينة له تأثير مضاد للالتهابات. لكن مثل هذه التأثيرات لا يمكن أن ترتبط إلا بهذا المستخلص بالضبط وبهذه الجرعة، وليس بالكركم ككل. وعند البشر يمكن أن يظهر شيء مختلف تماما عما يظهر في المختبر.
أيضا خبيرة التغذية فريدريكه شميدت أوضحت ذلك بالقول "نحن بعيدون جدا عن القول إن الكركم يساعد بالتأكيد". وتشير شميدت إلى مشكلة معينة بالنسبة للكركم، وهي أنه شديد التفاعل. فهو يتفاعل مع العديد من المواد الأخرى في المختبر، لذلك يقال إنه فعال ضد العديد من الأمراض والمشاكل، لكن حتى الآن لا يعني ذلك أن له هذا التأثير على البشر.
بشرة وشعر وأظافر ومفاصل أفضل بفضل الكولاجين؟
الادعاء: يتم ذكر إيجابيات الكولاجين ومدحه كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي. وحسب ادعاء أحد الفيديوهات المنشورة على تيك توك إنه يساعد في شد البشرة وتقوية الأظافر والشعر وحتى دعم المفاصل أيضا!
تحقيق DW: الادعاء غير صحيح
الكولاجين هو عبارة عن بروتين ينتجه الجسم بنفسه، وهو مهم للعظام والمفاصل والعضلات والأوتار. لذلك يتم استخلاص الكولاجين المستخدم في المستحضرات من الحيوانات وعلى الأغلب من نفايات المسالخ. ولم يتأكد بعد إلى أي مدى يمكن للجسم أن يتقبل ويستفيد من الكولاجين الخارجي. حتى التأثير المحتمل الأكثر شهرة للكولاجين، وهو تجديد البشرة، لا يزال يحتاج إلى المزيد من الاختبار والبحث، حسب دراسة نشرت عام 2023.
وتقول أنغيلا كلاوزن "لم يتم السماح في الاتحاد الأوروبي بأي من هذه الوعود الدعائية، وبالتأكيد ليس لصحة المفاصل". لا توجد هناك دلائل مؤكدة لمثل هذا التأثير. وفي عام 2022 نجح مركز حماية المستهلك في دعواه أمام القضاء ضد شركة "Glow25 Collagen" التي تنتج مسحوق الكولاجين وادعائها بأن "الكولاجين صحي للعظام والمفاصل". وأيضا فيما يتعلق بالوعود الدعائية بالنسبة للبشرة والشعر والأظافر اعترفت الشركة بأنه غير مسموح بها. لكن رغم ذلك لا تزال هناك الكثير من المنشورات المماثلة في الانترنت حول فوائد وفعالية الكولاجين.
الخلاصة: خداع المستهلكين
حين يتعلق الأمر بالمكملات الغذائية، فإنه ليس من السهل التمييز بين الادعاءات والحقيقة. بشكل عام، غالبا ما تكون المنشورات المتعلقة بها على مواقع التواصل الاجتماعي مبالغا فيها أو أنها غير علمية أو حتى محظورة. وتقول خبيرة التغذية فريدريكه شميدت: "في كثير من الحالات، نرى أن الناس ينفقون المال على أشياء لا يحتاجون إليها". وتضيف "إنه تصور مغري تماما بأنه يمكنك فعل شيء لصحتك ببضعة كبسولات أو مسحوق!".
أعده للعربية: عارف جابو