11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.