وجهة نظر: هل يتحول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى حرب دينية؟
٢١ نوفمبر ٢٠١٤في البداية لابد من الإشارة إلى أنه لا يوجد مبرر أخلاقي وسياسي لسلسلة الاعتداءات الإرهابية على المدنيين، التي شهدتها الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، خاصة الاعتداءات الدموية على الأماكن المقدسة ودور العبادة اليهودية والإسلامية. فهذه الأعمال الإرهابية تخالف أبسط القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية وتناقض كل الشرائع السماوية.
غير أن الهجوم الأخير على كنيس يهودي في القدس وما سبقه من اعتداءات على المساجد، من قبل متطرفين فلسطينيين وإسرائيليين يهدد بتحويل أعمال العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى "مواجهات فردية" من الصعب توجيهها سياسياً والسيطرة عليها أمنياً. وعلاوة على ذلك فإن هذا التوجه نحو "شخصنة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" -إن صح التعبير- يهدد بتدمير أي فرصة للتعايش المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المستقبل القريب والمتوسط.
حرب دينية أم صراع إقليمي حول الأرض؟
غير أن الأخطر من هذا التطور يتمثل في التداعيات الكارثية لهيمنة الصبغة الدينية على هذا الصراع الإقليمي حول الأرض، والتي ستحول -من دون شك- دون التوصل إلى حل براغماتي يخدم المصلحة المشتركة للشعبين والمتمثلة في إقامة الدولتين، دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من أن الدين كان حاضراً منذ بداية النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي إلا أن تأثيره السياسي لدى الإسرائيليين وكذلك لدى الفلسطينيين بدأ يظهر بوضوح بعد حرب الأيام الستة، التي شكلت هزيمة نكراء لأنظمة الحكم القومية العلمانية في العالم العربي.
ففي إسرائيل تغير المشهد السياسي بعد صعود قوي دينية يمينية على غرار حزب الليكود والأحزاب الدينية المقربة من المستوطنيين وتراجع القوى العلمانية التي قادها حزب العمل، الذي أسس دولة إسرائيل.
وفي تطور موازٍ أدي فشل "مفاوضات أوسلو" والمشروع الوطني الفلسطيني في تحقيق حلم الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة إلى صعود حركات إسلاموية التوجه على غرار حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
في ضوء هذه المعطيات تبدو خطورة هيمنة الصبغة الدينية على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واضحة جدا، لأنها تُفرغ الصراع من جوهره السياسي ويمكن أن تحوله إلى حرب دينية مفتوحة تحرق الأخضر واليابس ولا تصب أولا وأخيرا في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين.