وجهة نظر: برلين تعترف أخيرا بخطر اليمين المتطرف
٢٢ سبتمبر ٢٠١٦لم يحصل هذا من قبل: لا تكتم عن التطور الحاصل في أراضي ألمانيا الديمقراطية سابقاً في التقرير الرسمي للحكومة الألمانية. فالحديث يدور عن خطر جدي على حركة النمو بسبب بنية اليمين المتطرف، وعن خطر التخلي عن مدن وقرى بكاملها لتمدد شبح اليمين المتطرف، وأيضاً عن الخطر المحدق بكثير من جوانب الحياة في شرق ألمانيا. ومندوبة الحكومة لشؤون الولايات الشرقية إيريس غلايكه اعترفت بكل صراحة بأنها تواجه خلال أسفارها إلى الخارج، مثلاً مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية تساؤلات حول ما إذا كان ممكنا بكل راحة ضمير توظيف استثمارات في الولايات الألمانية الجديدة، أو أن الأجنبي هناك غير مرغوب فيه بكل بساطة. والمندوبة غلايكه أوضحت بأنها عاجزة عن تفنيد قلق السائلين.
ضعف الاقتصاد كذريعة لكل شيء
أكيد أن الشرق بعد 26 عاماً من الوحدة الألمانية بحاجة كبيرة إلى تحقيق تعويض كبير، فالاقتصاد هناك متعثر، والكثير من الشباب يغادرون الولايات الشرقية. والمؤسسات الاقتصادية صغيرة الحجم، وقلما توجد فروع شركات كبرى. وعليه فإن نسبة البطالة أكبر من مثيلاتها في غرب البلاد، وكذلك هو انعدام الأفاق. ولكن هذا الوصف تحديداً للوضع تم اعتماده طويلاً كتعليل لتنامي المد اليميني المتطرف الأقوى في الشرق.
وتم ببساطة إنكار المشكلة لفترة طويلة. ولا يُنسى هنا تصريح رئيس وزراء ولاية ساكسونيا كورت بيدنكوبف من الحزب المسيحي الديمقراطي، عندما قال سابقاً بأن ولايته محصنة ضد اليمين المتطرف. وسياسيون آخرون تحدثوا دوماً بصفة مبهمة عن مشكلة من الهامش اليميني وكذلك اليساري وكأن المتطرفين اليساريين في الولايات الشرقية يشكلون فعلاً مجموعة كبيرة.
التقرير الحكومي يقول بكل وضوح: في الأماكن التي تظهر فيها كراهية الأجانب مثلاً أمام دور إيواء اللاجئين، خلافاً للوضع في غرب البلاد ينعدم احتجاج من وسط المجتمع، بل عكس ذلك، لأنه ليس نادراً أن يتم الترحيب بشكل صامت أو بكل صراحة باعتداءات ضد مهاجرين. ويتم الجهر حالياً بكل صراحة بأن معاداة الأجانب ازدادت في السنوات الأخيرة، لاسيما منذ أزمة اللاجئين. والتقرير لا يغفل ذكر أن نسبة الأجانب في الشرق هي في الغالب ضئيلة للغاية.
الاعتراف أخيراً بالخطر
هذا الوضوح جيد، لكن الحقيقة الخافتة تبقى قائمة لكون دراسة الأوضاع هذه تأتي في هذه الفترة بالذات، لأن أحزاب الائتلاف الحكومي تشعر بمضايقة نجاحات حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي لها في الشرق، حيث تخسر الانتخابات. والآن يجب أن تصدر بسرعة أفعال: تخصيص أموال أكثر للمبادرات المناهضة لليمين وحضور أكثر للشرطة ووضوح أكبر لدى حكومات الولايات ورؤساء الوزراء الذين يميلون في الغالب خوفاً من المواطن إلى نقل صورة إيجابية عن الوضع في ولاياتهم. لكن الخطوة الأولى قد تمت وهي الاعتراف بوجود خطر قوي في الشرق على المجتمع من طرف اليمين المتطرف. والخطوة القادمة والحاسمة هي أخيراً فعل شيء ضد هذا المد.