وجهة نظر: الإرهاب يخدم مآرب دونالد ترامب
٢١ سبتمبر ٢٠١٦في مثل هذه الحالة يتم عادة الاحتفاء بالإنجازات الجماعية للشرطة ولجهاز الشرطة الفيدرالية الأمريكية: ففي أقل من 24 ساعة بعد التفجيرات في نيوجيرسي ونيويورك تم التعرف على المشتبه به، بل أيضا تم إلقاء القبض عليه، حيث كان مصابا بجروح طفيفة وبالتالي مؤهلا للخضوع للاستجواب.
قلما يلقى مثل هذا الانجاز اهتماما في الجدل العام، وقد يعود ذلك ـ كما في الأسابيع الماضية ـ إلى شخص واحد: دونالد ترامب. فمرشح الجمهوريين للانتخابات الرئاسية وجد من جديد جوابا بسيطا للرد على مخاوف الأمريكيين من وقوع اعتداءات جديدة في وطنهم، وذلك من خلال نهج العنصرية المجسدة عوض الموضوعية السياسية.
في الولايات المتحدة الأمريكية أيضا يعتبر تعقب الأشخاص بدوافع عنصرية أمرا محظورا، ولكن ترامب -على عكس هذا- قلما يكترث بذلك. فعندما تتعارض مقترحاته مع القوانين القائمة، فإن ذلك يعكس فقط حجة إضافية له ولأنصاره في موضوع فساد النظام وتهالكه. ومن هذا المنطلق فإنه الرجل الوحيد في الهامش الذي يستطيع إخضاع القوانين لمنطق أولوية الأمن الداخلي.
حلول سريعة
في المقابل، قلما تجد لغة التحليل المعقدة التي تتبناها هيلاري كلينتون آذانا صاغية. الكثير من الناس لا يريدون معرفة العلاقة بين الحرب القائمة في سوريا أو في العراق البعيدة عنهم مع اعتداءات مسلمين متطرفين في بلدهم. فلديهم شعور بانعدام الأمان وبالخوف، ويريدون حلولا سريعة.
ليس هناك من أحد يود فهم الانعكاسات المتوسطة والبعيدة المدى بشكل كامل. فإضافة إلى مسألة ما قد يحصل لمجتمع يعرف نفسه من خلال التقوقع ومحاربة الإرهاب، ويسيطر عليه الخوف وانعدام الأمن، تبقى هذه الأمور غير مطروحة للنقاش. عامة الجمهور ترد بأنها سئمت أن تُمنع من مشاعر خوفها. وهذا يذكر بما يتم ترديده في حزب "البديل لألمانيا" والتأكيد على أنه " من حقي قول هذا الشيء". الولايات المتحدة على ما يبدو لم تتوصل إلى طريقة لتفنيد شعور شرائح واسعة من المواطنين والتي تعتبر أنها توجد تحت وصاية. فكيف يمكن تنظيم نقاشات تقوم على قوانين قائمة وتمنح في آن واحد المواطنات والمواطنين شعورا لأن يكونوا صريحين مع مشاعرهم وما يقلقهم أو ما يأملونه أيضا. والكثيرون على ما يبدو لم يطوروا بعد وسائل للتعرف على عناصر العنصرية وكراهية الأجانب الكامنة في مخاوفهم واضطراباتهم الذاتية.
نخب ضعيفة
لم يقم البلد إلى حد الآن بتشخيص القوى الاجتماعية التي لازالت قادرة على تفادي خروج هذه الخلافات عن السيطرة. لكن الواضح هنا هو أن النخب ووسائل الإعلام أيضا غير قادرة على تولي هذه المهمة.
وهذه هي التحديات التي تعكسها الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية أمام بلدان مثل فرنسا وبريطانيا وبولندا والدنمرك وألمانيا أيضا. وهي قضايا لا مكان لها في فترة المعركة الساخنة الحالية في الولايات المتحدة الأمريكية.
إعجاب بالنفس
الولايات المتحدة تبدو عقب الحملات الانتخابية المتواصلة منذ شهور في حالة أجيج وانقسام توحي أمام كاميرات التصوير والأخبار اليومية وعبر تويتر وكأن أطراف البلاد ستتلاشى. وقد يكون الأوان في هذه الحملة الانتخابية قد فات لخوض جدل حقيقي حول كيفية التعامل مع المحرمات وحول المنطلق الأخلاقي الذي تريد البلاد نهجه. ولازال أمام السياسيين في بلدان أخرى مقبلة على انتخابات كبيرة بعض الوقت لمغادرة الموقع المريح الذي يتجلى في حب الذات والعمل على مجابهة الواقع الذي يعيش فيه الناس حقا.