واشنطن تفرض عقوبات مباشرة على الأسد وبرلين تشدد لهجتها تجاهه
١٨ مايو ٢٠١١أعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرض عقوبات مباشرة على الرئيس السوري بشار الأسد لدوره في القمع الدموي للحركة الاحتجاجية التي اندلعت ضد نظامه. وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية، رفض ذكر اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية، إن هذا القرار يمثل "جهدا لزيادة الضغط على الحكومة السورية كي توقف العنف ضد شعبها وتبدأ الانتقال إلى نظام ديمقراطي". وتشمل العقوبات الأمريكية نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ورئيس الوزراء عادل سفر أيضا.
وبدوره اقترح وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله اليوم (الأربعاء 18 مايو/ أيار 2011) فرض عقوبات مباشرة على الرئيس السوري بشار الأسد في أوروبا بتجميد حساباته المالية وفرض قيود على سفره. وقال فيسترفيله إن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيتخذون قرارهم في هذا الشأن يوم الاثنين المقبل. وأكد الوزير الألماني على ضرورة مناقشة الموضوع أمام مجلس الأمن مجددا لبحث استخدام العنف والعمل على احترام حقوق الإنسان في سوري. وقال بهذا الصدد "سنواصل زيادة الضغط على الرئيس الأسد".
ويذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد فرض عقوبات على 13 من كبار المسئولين السوريين على رأسها منعهم من السفر إلى دول الاتحاد. ومن بين هؤلاء المسؤولين ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري. وفي تبريره لاستثناء الرئيس الأسد شخصيا من هذه العقوبات أوضح فيسترفيله أن الهدف من ذلك كان حثه على الحوار مع المعارضة موضحا تشديد موقفه الآن بفرض عقوبات على الأسد شخصيا بأن الأخير "لم يصعد على هذا الجسر"، محذرا مما أسماه خطورة الوضع في سوريا على منطقة الشرق الأوسط برمتها، وجدد مطالبة الاتحاد الأوروبي بوضع حد للعنف والقمع ضد المتظاهرين المسالمين ومحاسبة المتسببين في ذلك.
سويسرا تنضم للعقوبات الأوروبية
وبدورها أعلنت سويسرا أنها ستمنع سفر 13 مسؤولا سوريا إليها وستجمد أي أرصدة لهم في بنوكها ردا على الإجراءات القمعية التي تتخذها الحكومة ضد المحتجين المطالبين بالإصلاح. وتتناغم هذه الإجراءات، التي ستسري اعتبارا من يوم غد الخميس، مع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مجموعة من الشخصيات القيادية في النظام السوري.
وقال رولاند فوك رئيس مكتب العقوبات في أمانة الاقتصاد السويسرية إنه يتعين على بنوك البلاد التأكد مما إذا كانت لديها أرصدة لأي من المسؤولين الثلاثة عشر وإخطار الحكومة بذلك. ومن بين الإجراءات التي اتخذتها سويسرا أيضا حظر بيع الأسلحة لنظام الأسد رغم أنها لم تصدر أي أسلحة لسوريا منذ عشر سنوات على الأقل.
تصعيد في القمع والأسد يعترف بـ"أخطاء"
قتل ثمانية أشخاص على الأقل اليوم اثر قصف عنيف على مدينة تلكلخ القريبة من حمص بوسط سوريا، حسبما أعلن ناشط حقوقي لوكالة الأنباء الفرنسية. ودخلت القوات السورية هذه المدينة يوم السبت بعد يوم من مظاهرة ردد المحتشدون فيها هتافات تدعو لإسقاط نظام لأسد. وقال أحد سكان تلكلخ متحدثا عبر الهاتف "ما زلنا بدون ماء أو كهرباء أو اتصالات".
وذكر أن الجيش يقتحم المنازل ويقوم باعتقال الناس لكنه ينسحب من الأحياء بعد الغارات. وأشارت معلومات متطابقة أن المدفعية والأسلحة الآلية الثقيلة قصفت في تلكلخ الطريق الرئيس المؤدي إلى لبنان خلال الليل وكذلك حي الأبراج المجاور الذي تسكنه أقلية من التركمان والأكراد. من جهة أخرى تمكن عشرات السوريين من العبور بأمان إلى الجانب اللبناني من الحدود اليوم وتحدث بعضهم عن حملات قمع دموية تقوم بها القوات السورية في تلكلخ.
وفي درعا قال سكان إن الدبابات ما زالت منتشرة في الشوارع وقال ناشطون إن بلدتي انخل وجاسم لا تزالان تحت الحصار. وأضافوا أن الاعتقالات ما زالت مستمرة في سهل حوران ومناطق أخرى في سوريا. وفي سياق متصل ذكرت صحيفة الوطن السورية في طبعتها اليوم أن الأسد قال لوفد من حي الميدان في دمشق أن قوات الأمن ارتكبت أخطاء في تعاملها مع الاحتجاجات، واستطرد أن عناصر الشرطة "ستتلقى تدريبا لمنع تكرار تلك الأخطاء".
ويذكر أن حصيلة حملة القمع التي يقودها النظام ضد المعارضين تزداد يوما بعد يوم وتقول منظمات حقوقية إن الحملة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 850 مدنيا كما تم اعتقال أكثر من ثمانية ألف شخص منذ بدء حركة الاحتجاجات غير المسبوقة منذ منتصف آذار/ مارس الماضي. فيما تصر الحكومة السورية على إلقاء اللوم في أغلب أحداث العنف على من تسميهم "جماعات مسلحة يدعمها الإسلاميون وتحركها قوى أجنبية" وتقول إن أكثر من 120 جنديا ورجل شرطة قتلوا.
الخوف يحول دون الإضراب الشامل
وتقول المعلومات الواردة من سوريا بأن مدينة حمص شهدت إضرابا شاملا وكذلك بعض المدن في والبلدات في ريف دمشق؛ إلا أن الحياة في العاصمة دمشق كانت شبه طبيعية فقد فتحت المدارس والمحال التجارية أبوابها على الرغم من الدعوة التي وجهها معارضون إلى القيام بإضراب. فقد دعت صفحة "الثورة السورية 2011" المعارضة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الإضراب سعيا لمزيد من الضغوط على نظام الأسد.
وقال أحد رجال الأعمال لوكالة الأنباء الفرنسية الذي فضل عدم الكشف عن اسمه "من سيجرؤ على القيام بإضراب والمخاطرة بفقدان عمله؟". وأضاف "إذا أغلق أي شخص متجره فسيتم توقيفه على الفور وسيفقد لقمة عيشه". وقال تاجر آخر في الجزء القديم من المدينة "ليس هناك حاجة للقيام بإضراب لأنه على كل الأحوال حركة الأسواق متوقفة منذ قيام الاحتجاجات في البلاد منذ منتصف آذار/ مارس".
وفي حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، وصف ناشط حقوقي المحال التجارية بـ "المغلقة"، وأضاف أن "المدينة الجامعية في حلب مغلقة بالكامل حيث لا يسمح لأحد بدخولها أو خروجها باستثناء المقيمين والموظفين". وكان رجال الأمن فرقوا بالهراوات آلاف الطلاب الذين تظاهروا في المدينة الجامعية. كما زقلت وكالات الأنباء عن ناشطين حقوقيين قولهم إن السلطات اعتقلت "أكثر من ألف طالب"، الذين كانوا يرددون شعارات مؤيدة للحريات وللمدن السورية المحاصرة.
(ح.ز/ أ.ف.ب، د.ب.أ)
مراجعة: أحمد حسو