واشنطن تتمسك بشراكتها مع فرنسا والصين تنتقد "أوكوس"
١٧ سبتمبر ٢٠٢١أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمس الخميس (16 سبتمبر/ أيلول 2021) أن فرنسا "شريك حيوي" للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وذلك غداة الإعلان عن تحالف عسكري بين واشنطن ولندن وكانبيرا أثار حفيظة باريس.
وقال بلينكن خلال مؤتمر صحفي في واشنطن إنه "لا يوجد انقسام إقليمي بين مصالح شركائنا" الأطلسيين والشركاء في المحيط الهادئ، مضيفاً أن "هذه الشراكة مع أستراليا والمملكة المتحدة تظهر أننا نريد العمل مع شركائنا، بما في ذلك في أوروبا، لضمان (أن تكون) منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة".
في ذات السياق، أكد مسؤول كبير في البيت الأبيض لوكالة فرانس برس الخميس أن فرنسا والولايات المتحدة أجرتا اتصالات رفيعة المستوى قبل الإعلان عن تحالف عسكري جديد بين واشنطن وكانبيرا ولندن. وأوضح المسؤول أن "مسؤولين كباراً في الإدارة الأمريكية كانوا على اتصال مع نظرائهم الفرنسيين لمناقشة" الاتفاقية العسكرية الجديدة مع أستراليا "بما في ذلك قبل الإعلان"، الذي صدر الأربعاء.
وكان رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، والرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أعلنوا أمس الخميس عن الشراكة الجديدة، التي تعرف اختصاراً باسم "أوكوس"، والتي ستسمح للدول الثلاث بتبادل التكنولوجيا، بما فيها الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربات بعيدة المدى.
وقال القادة إن الجزء الأول من الاتفاقية الأمنية التاريخية سيشهد جهداً ثلاثياً لمدة 18 شهراً "لتحديد المسار الأمثل" لحصول أستراليا على غواصات تعمل بالطاقة النووية.
على أثر ذلك، دخلت العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة في أزمة مفتوحة، بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات تقليدية فرنسية واستبدالها بأخرى أمريكية تعمل بالطاقة النووية، ما دفع باريس إلى وصف الأمر بأنه "طعنة في الظهر" وقرار "على طريقة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب".
الصين: أمريكا تطبق معايير مزدوجة
من جهة أخرى، أعربت بكين الخميس عن غضبها المتوقع من الاتفاق الأمني، وانتقدته لتبنيه عقلية الحرب الباردة، التي ستؤجج سباق التسلح وتضر بالجهود الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية وتهدد السلام والاستقرار الإقليميين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، جاو ليجيان، إن الولايات المتحدة وبريطانيا "تستخدمان الصادرات النووية كأدوات في ألاعيب جيوسياسية وتطبقان معايير مزدوجة، وهو أمر غير مسؤول إلى حد كبير". ودعا الدولتين، إضافة إلى أستراليا، إلى "التخلص من عقلية الحرب الباردة والقيام بالمزيد للإسهام في السلام والاستقرار".
وردّ مسؤولون في الإدارة الأمريكية بعد ظهر الخميس بأن الاتفاق الدفاعي لا يستهدف بكين، رغم أن معظم الخبراء رأوا الصين بشكل جلّي هي المستهدفة على خلفية القرار.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحفي انضم إليه وزير الدفاع لويد أوستن ونظيريهما الأستراليان، "إنه (التحالف) لا يستهدف أي دولة ... إنه لا يهدف بالتأكيد إلى كبح جماح أي شخص. إنه يتعلق بالتمسك بالنظام الدولي القائم على القواعد الذي تؤمن به أستراليا والولايات المتحدة إيماناً عميقاً".
وأضافت وزيرة الخارجية الأسترالية ماريس باين: "لقد كنا ثابتين للغاية في رغبتنا في المشاركة البناءة مع الصين.. ونحن ولي أهمية كبيرة لتلك العلاقة".
سخط فرنسي و"صفعة على الوجه"
وفي الوقت نفسه، أعرب القادة الفرنسيون يوم الخميس عن سخطهم، قائلين إنهم أصيبوا بصدمة بالغة بسبب صفقة الغواصات - وهي انتقادات يبدو أنها تقوض جهود إدارة بايدن لإصلاح العلاقات مع الحلفاء التي أهملت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
ومن المقرر أن يكلف قرار أستراليا بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، بدعم أمريكي وبريطاني، فرنسا صفقة بقيمة 56 مليار يورو (66 مليار دولار)، كانت قد وقعتها في عام 2016 مع فرنسا، لتزويد أستراليا بغواصات تقليدية.
ووصف وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، ووزيرة الدفاع فلورنس بارلي، الخطوة بأنها تتعارض مع روح التعاون بين فرنسا وأستراليا، والذي قالا إنها مبنية على الثقة السياسية.
وصرح لودريان لإذاعة "فرانس إنفو" يوم الخميس بالقول: "أنا غاضب.. إنه أمر لا يمكن فعله بين الحلفاء...إنها صفعة على الوجه.. لقد أقمنا علاقة ثقة مع أستراليا، وقد تعرضت هذه الثقة للخيانة"، مضيفاً أن كانبيرا يتعين عليها الآن أن تشرح كيف تعتزم الخروج من الصفقة.
وكانت شركة "نافال غروب"، وهي شركة فرنسية تملك الدولة معظمها وتعمل في مجال الدفاع والطاقة، فازت بالعقد في عام 2016 لتصميم الغواصات للبحرية الأسترالية.
من ناحية أخرى، بدا أن هناك حليفاً آخر ينتقد الصفقة أيضاً بصورة ضمنية، وهي نيوزيلندا، حيث أعلنت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن أن بلادها، التي لطالما رفضت استخدام الطاقة النووية، لن تسمح للغواصات الأسترالية التي تعمل بالطاقة النووية، بدخول مياهها.
وقالت أردرن في العاصمة ويلنغتون إن "موقف نيوزيلندا بشأن الحظر المفروض على الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية في مياهنا لم يتغير".
ي.أ/ و.ب (د ب أ، أ ف ب)