هيومن رايتس تتهم إسرائيل بـ"إبادة جماعية" بغزة وإسرائيل ترفض
١٩ ديسمبر ٢٠٢٤اتّهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الخميس (19 ديسمبر/ كانون الأول 2024) إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة حماس في غزة بسبب فرضها خصوصا قيودا على وصول جزء من سكّان القطاع إلى المياه، مطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل التي وصفت التقرير بأنه "افتراء".
ويذكر أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وفي تقرير جديد ركّز على المياه، قالت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرّا إنّ "السلطات الإسرائيلية فرضت عمدا على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفا معيشية مصمّمة لتدمير جزء من السكّان، وذلك من خلال تعمّد حرمان المدنيين الفلسطينيين هناك من الوصول إلى المياه بشكل كاف".
وأضافت أنّ هذه القيود أدّت "على الأرجح إلى آلاف الوفيات... ومن المحتمل أن يستمر التسبّب في الوفيات". وتابع التقرير "منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، عمدت السلطات الإسرائيلية إلى عرقلة وصول الفلسطينيين إلى الكمية الكافية من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة في قطاع غزة".
من جانبها أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنّ تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" يمثل "افتراء". وقالت الوزارة في بيان "مرة أخرى تنشر هيومن رايتس ووتش افتراءاتها الدموية من أجل تعزيز دعايتها المناهضة لإسرائيل... هذا التقرير مليء بالأكاذيب المروعة حتى عند مقارنته بمعايير هيومن رايتس ووتش غير الدقيقة فعلا".
وقدمت إسرائيل في معرض ردها ما وصفته بـ "الحقائق" وقالت إنها "سهلت التدفق المستمر للمياه... وضمنت البنية التحتية للمياه بما في ذلك استمرار تشغيل أربعة خطوط أنابيب مياه ومرافق ضخ وتحلية المياه والتي لا تزال تعمل". وأضافت في بيان "تم تسليم صهاريج المياه مرار وتكرار من قبل الشركاء الدوليين عبر المعابر الإسرائيلية بما في ذلك الأسبوع الماضي".
وسبق أن رفضت إسرائيل بشكل قاطع تهما مماثلة كانت منظمات حقوقية قد وجّهتها إليها، مؤكدة أنّ إجراءاتها في غزة هي عمليات عسكرية مشروعة.
وتطرّق تقرير "هيومن رايتس ووتش" بالتفصيل إلى ما وصفته المنظمة "حرمانا متعمدا من المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي اللازمة للحدّ الأدنى من بقاء الإنسان على قيد الحياة".
كما أوقفت إسرائيل، وفق التقرير، "ضخّ المياه إلى غزة وقيّدت وعطّلت معظم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بقطع الكهرباء وتقييد الوقود... ومواد معالجة المياه وأصابتها بأضرار ومنعت دخول إمدادات المياه الأساسية". وبحسب التقرير فإن السلطات الإسرائيلية "خلقت عمدا ظروفا معيشية مصمّمة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في غزة كليا أو جزئيا". وخلُص التقرير إلى أنّ هذه الأفعال تشكّل جريمة حرب متمثلة بـ"الإبادة" وبـ"أفعال إبادة جماعية".
لكنّ هيومن رايتس ووتش لم تؤكد بصورة قاطعة أنّ إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية". ووفقا للقانون الدولي، يتطلّب إثبات الإبادة الجماعية وجود أدلة على نيّة محدّدة، وهو أمر يصعب إثباته بحسب خبراء. لكنّ المنظمة الحقوقية أشارت إلى "وجود قصد للإبادة الجماعية من هذه السياسة، إلى جانب التصريحات التي تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين رغبوا في تدمير الفلسطينيين في غزة، وبالتالي فإنّ هذه السياسة قد ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية".
وخلال إحاطة حول التقرير، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لما فقيه، إنّه وفي ظل غياب "خطة واضحة معبّرة" لارتكاب الإبادة الجماعية، قد تجد محكمة العدل الدولية أنّ الأدلة تفي بـ"الحدود الصارمة" للاستدلال المنطقي على نيّة الإبادة الجماعية". وأشارت المنظمة إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت في تشرين الأول/أكتوبر 2023 عندما أعلن فرض "حصار كامل" على غزة وقال "لن تكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا ماء، ولا وقود، كل شيء مغلق".
وفي الخامس من كانون الأول/ ديسمبر، اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، ما أثار رد فعل غاضب في إسرائيل، التي تصر على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة وتنفي اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تدمر عمدا السكان وتقول إنها تسهل إيصال المساعدات.
وتقرير هيومن رايتس ووتش الذي استغرق إعداده عاما استند إلى مقابلات مع عشرات من سكان القطاع وموظفين في منشآت المياه والصرف الصحي، ومسعفين، وعمال إغاثة، بالإضافة إلى صور بالأقمار الاصطناعية، وبيانات، وتحليل للصور والفيديوهات. وقالت المنظمة إن السلطات الإسرائيلية لم تردّ على طلباتها للحصول على معلومات.
ووفقا للتقرير فإنه وبسبب تدمير نظام الرعاية الصحية فإن الحالات المؤكدة للأمراض والعلل والوفيات التي يحتمل ارتباطها بالأمراض المنقولة بالمياه والجفاف والجوع لم يتم تتبّعها أو الإبلاغ عنها بشكل منهجي. وأضاف التقرير أنّ مئات آلاف الفلسطينيين أصيبوا بأمراض وحالات صحية من المرجح أن يكون الحرمان من المياه الآمنة والكافية قد تسبّب بها أو ساهم فيها، ومنها الإسهال والتهاب الكبد الوبائي وأمراض جلدية والتهابات في الجهاز التنفسي العلوي. وأكد التقرير أنّ الحرمان من المياه "ضارّ بشكل خاص بالرضع والنساء والحوامل والمُرضعات والأشخاص ذوي الإعاقة". كما واجهت المنشآت الطبية في قطاع غزة صعوبة في الحفاظ على أدنى مستويات النظافة.
ع.ش/ع.ج.م/ ع.ج (أ ف ب)