هل يرسم الإخوان المسلمون مستقبل سوريا حال رحيل الأسد؟
٣١ يوليو ٢٠١٢يعتقد الكثير من المراقبين أن الثورة السورية التي بدأت قبل ما يزيد على 16 شهرا، وصلت لمرحلة حاسمة بعد التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي وسط دمشق في الـ18 من تموز/يوليو وأسفر عن مقتل وزير الدفاع السوري ونائب رئيس الأركان، وهو صهر الرئيس بشار الأسد.
وترى الخبيرة البريطانية جين كينينمونت، الباحثة في مؤسسة تشاثام هاوس بلندن وخبيرة حركات المعارضة في العالم العربي، أن الأمور ربما تسير بوتيرة أسرع مما كان يعتقد. وتقول كينينمونت في تصريحات لـ DW: "تسارع وتيرة العنف منذ مقتل هؤلاء القادة يدل على أن الأمر صار مسألة شهور وليس سنوات".
استعداد للتحرك
لكن ماذا سيحدث إذا سقط النظام السوري؟ ومن بوسعه ملء فراغ السلطة عندئذ؟ يقوم المجلس الوطني السوري بدور "الوجه الدولي" للثورة لكنه لم يستطع في الوقت نفسه تجميع القوى المعارضة المختلفة تحت مظلة واحدة. واجتمع أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري في قطر الأسبوع الماضي في محاولة للاتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية حال سقوط نظام الأسد، لكن الاجتماع لم يخرج بقرارات محددة.
كانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نقلت في وقت سابق عن ملحم الدروبي، الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، قوله: "لدينا مجموعة من الخطط الخاصة بالاقتصاد والمحاكم والسياسة". وأعلن الإخوان في سوريا عن استعدادهم لتأسيس حزب سياسي يدافع عن دولة مدنية وديمقراطية حال رحيل نظام الأسد.
وبالرغم من عودة جماعة الإخوان في سوريا كقوة سياسية كبيرة منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011 إلا أنه لا يمكن لأي طرف تحديد مدى شعبية الجماعة بالضبط داخل سوريا، وفقا لرأي الخبير في الشأن السوري ، توماس بيريت.
ويوضح بيريت، أستاذ الإسلام المعاصر في جامعة أدنبرة، في تصريحات لـ DW: "لا يمكن أن تؤسس قاعدة شعبية خلال عام لاسيما إن كنت تعمل من الخارج. هذه حركة في المنفى لم يكن لها أي تحرك داخل سوريا لمدة 30 عاما. من الصعب الحكم على قوتهم". تأسست جماعة "الإخوان المسلمون" في مصر عام 1928 ووصلت لسوريا في أربعينات القرن الماضي كجزء مشروع من المعارضة. وتم حظر أنشطة الجماعة عام 1963 بعد وصول حزب البعث للسلطة.
وفي عام 1982 شن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد عملية مسلحة ضد الإخوان في حماة، الأمر الذي أدى إلى تدمير الحركة بالكامل باستثناء عدد قليل من أعضائها الذين نجحوا في الهروب وإعادة بناء الحركة في المنفى.
مصالح خارجية
تشير كينينمونت إلى مصالح القوى الكبرى في المنطقة فيما يتعلق بالقضية السورية، فالسعودية على سبيل المثال هي مصدر تمويل مهم للمعارضة. وفتحت السعودية أبوابها للعميد المنشق عن النظام السوري مناف طلاس، القيادي السابق في الحرس الجمهوري والذي كان مقربا من بشار الأسد. وأعلن طلاس مؤخرا أنه سيعمل من أجل توحيد صفوف المعارضة في سوريا.
ويرى بيريت، أن السعودية لا ترغب في وصول الإخوان لسدة الحكم في سوريا ويوضح: "هم يروجون للعميد طلاس في الإعلام كرجل لديه خريطة طريق. السعودية ترغب في الاستقرار وترى أن القيادة العسكرية قادرة على تحقيق ذلك". ويمكن لرجل مثل العميد مناف طلاس قيادة مجلس عسكري على غرار النموذج المصري، يحافظ على ولاء ووحدة القوات المسلحة.
أما القوى الغربية من الناحية الأخرى، فهي ليست قادرة على اتخاذ خطوات حاسمة في الأزمة السورية في الوقت الذي تقف فيه روسيا والصين حائلا أمام ممارسة المزيد من الضغوط على الأسد. أما روسيا، التي تبيع السلاح لسوريا، فقالت إن رفضها فرض عقوبات على سوريا لم يكن من منطلق دعمها للأسد بل من قناعتها بأن السوريين هم من يجب أن يحددوا مصيرهم، علاوة على رفضها التدخل العسكري.
لكن الجهود الدبلوماسية الغربية في سوريا لا يمكن أن تنجح بدون روسيا وفقا لرأي الخبيرة كينينمونت التي توضح: "خيارات الغرب في سوريا محدودة تماما وروسيا لاعب مهم جدا". ولا تستبعد الخبيرة إمكانية حدوث تسليم للسلطة على غرار النموذج اليمني، أي أن يتنحى الأسد طواعية وتقول: "ربما يكون هذا أحد البدائل".
مستقبل متعدد الأطياف
مهما كانت صورة المستقبل السياسي لسوريا، إلا أن الأمر الواضح هو أن هذا المستقبل سيضم أطيافا عديدة من بينها جماعة الإخوان كما يقول بيريت: "من الصعب للغاية – إن لم يكن من المستحيل- استثناء الإخوان من أي اتفاقيات مستقبلية". لكن كينينمونت ترى أنه لا يوجد أي ضمان على النجاح كما يوضح النموذج الليبي، حيث اعتقد الجميع أن النجاح سيكون من نصيب التيارات الإسلامية وهو ما لم يحدث. وتضيف : "إذا حدثت انتخابات فالتصور الأقرب للواقع هو تكوين ائتلاف حكومي يضم ممثلين للأقليات الدينية أيضا. من المهم أيضا إدراك أن سوريا تتمتع بثقافة علمانية قوية خاصة في دمشق وحلب".
الإمكانية الأخرى المطروحة هي مسألة توزيع السلطة في مختلف أنحاء البلاد، وتقول كينينمونت:"ثمة حالة من الإحباط بسبب وضع السلطة الكاملة في أيدي مجموعة قليلة من الفاسدين. أتصور وجود أماكن نفوذ تسيطر عليها جماعات مختلفة". لكن مثل هذا النموذج سيؤدي على الأرجح إلى تضارب المصالح بين القوى المختلفة المتمثلة في الغرب والدول العربية وروسيا.
زابينا كاساجرانده/ ابتسام فوزي
مراجعة: عبد الرحمن عثمان