هل سيفي مرسي بتعهداته بشأن المعتقلين سياسيا؟
٨ أغسطس ٢٠١٢مازالت آثار الجلد والعصي الكهربائية موجودة على ظهر أحمد، الشاب المصري الذي يعيش خارج القاهرة، والذي قرر في أحد أيام الخميس مطلع شهر شباط/فبراير 2011 الذهاب إلى ميدان التحرير والمشاركة في المظاهرات هناك. وبدلا من الهتاف للمطالبة بـ"العيش والحرية والكرامة الإنسانية" تعالت صرخات الشاب المصري من الألم حيث اعتقلته عناصر أمنية في زي مدني واقتادوه لأحد السجون العسكرية.
ويتذكر أحمد تفاصيل ما حدث له في السجن ويقول:"أجبرونا على خلع ملابسنا والاستلقاء على الأرض وضربونا".
وجرى احتجاز أحمد في زنزانة، وبعد عرضه على المحكمة العسكرية أطلق سراحه، لكنه مازال خائفا حتى اليوم، لذلك يفضل عدم الكشف عن اسمه كاملا.
ووفقا لبيانات المجلس العسكري، فقد خضع ما يقرب من 12 ألف مصري لمحاكمات عسكرية منذ بداية الثورة وحتى تسليم السلطة رسميا للرئيس محمد مرسي نهاية حزيران/يونيو الماضي. ويزيد هذا العدد بمقدار الضعف عن المحاكمات العسكرية للمدنيين أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وحاليا، يقبع ما يزيد على 2000 معتقل سياسي في السجون. وقد تعهد مرسي بالإفراج عنهم بحلول عيد الفطر.
ويطالب نشطاء في مجال حقوق الإنسان بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، كما يقول نائب المدير التنفيذي لفرع منظمة هيومان رايتس وواتش في الشرق الأوسط ، جو ستورك: "المجرمون منهم يجب أن يخضعوا لمحاكمات مدنية".
سجناء أوفر حظا
لكن نسبة العناصر الإجرامية بين المعتقلين قليلة جدا، فالجزء الأكبر منهم نشطاء جرى اعتقالهم خلال مظاهرات، كما هو الحال مع أحمد. ولا يسمح لهؤلاء المعتقلين بالاستعانة بمحامين إلا في حالات استثنائية. وعادة لا يوجد شهود ضدهم إلا الجنود أنفسهم.
وأحيانا لا يعرف المدعى عليهم موعد ومكان المحاكمة، وكثيرا ما تصدر الأحكام غيابيا. وستقوم " لجنة المحاكمين عسكريا" المكلفة بالعمل من قبل الرئيس مرسي بفحص كل حالة على حدة. إلا أن عمل هذه اللجنة لا يخلو من النقد، لاسيما وأن اللجنة تتعامل مع القضايا التي يقدمها لها المجلس العسكري. من جهتها سجلت حركة "لا للمحاكمات العسكرية" ما يقرب من 1500 قضية لم يتم إطلاع اللجنة عليها.
لكن سجناء آخرين كانوا أكثر حظا، إذ حصلوا على عفو فوري من الرئيس مرسي الذي أصدر مؤخرا قرارا بالعفو عن 14 سجينا معظمهم من التابعين لحركة الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية ومن بينهم متهمين في قضية اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات.
تواصل المحاكمات العسكرية
لا يعتقد محمد ذاري، الناشط في معهد القاهرة لحقوق الإنسان أن مرسي سيصدر قرارا بالعفو عن المعتقلين سياسيا، ويوضح أن مرسي، لو كان بالفعل يرغب في الإفراج عنهم لفعل ذلك منذ فترة طويلة.
ويرى الناشط في مجال حقوق الإنسان أن الهدف من لجنة المحاكمين عسكريا هو إرضاء الناخبين والنشطاء.
ولم يوقف مرسي بعد صعوده للحكم المحاكمات العسكرية، فمنذ توليه منصبه جرى إصدار عقوبات بالسجن في السويس على متظاهرين من بينهم شاب في السادسة عشرة من عمره. كما تشير بيانات حركة "لا للمحاكمات العسكرية" إلى وجود 80 آخرين ينتظرون صدور أحكام في حقهم، علاوة على القبض على ثلاثة متظاهرين على الأقل خلال مظاهرة سلمية منتصف تموز/يوليو الماضي وتحويلهم للقضاء العسكري.
تنديد متواصل بالمحاكمات العسكرية
ويرى أحمد أن تشكيل لجنة لبحث ملفات المدنيين المحاكمين عسكريا خطوة أولى لكنها غير كافية، ويرى أن مرسي لا يتعامل مع جذور المشكلة وهي الوقف التام لتحويل المدنيين للمحاكم العسكرية.
ولهذا السبب قرر أحمد مع نشطاء آخرين التظاهر في ميدان التحرير يوم الأربعاء، الثامن من آب/أغسطس، للتنديد بمحاكمات المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وهذه هي المرة الأولى منذ عام ونصف العام التي يأتي فيها أحمد إلى القاهرة ويتظاهر، وعن هذا الأمر يقول :"يجب أن أجد أخيرا من يسمع صرخاتي المطالبة بالحرية".
فيكتوريا كليبر/ ابتسام فوزي
مراجعة: عبد الرحمن عثمان