هل ستكون إيران المستفيد الأكبر من تغيرات الشرق الأوسط؟
٢٢ أكتوبر ٢٠١٩انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من شمالي سوريا عسكريا، لكنها لا تزال حاضرة دبلوماسيا. فبعد محادثات مع مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه مستعد لهدنة في شمال سوريا مدتها خمسة أيام. ومن غير المعروف فيما إذا كان البيت الأبيض ينظر إلى مهمة بنس كبداية لالتزام جديد أم العكس كآخر تحرك لها هناك. لكن المؤكد هو أن الولايات المتحدة قللت من التزاماتها بشكل جلب معه سلسلة من ردود الفعل والتغييرات تمثلت في قيام تحالفات ومراكز قوى سياسية جديدة. وليست هناك دولة في المنطقة مثل إيران تستغل هذه الفرصة وتوظفها لخدمة مصالحها.
ثقة كبيرة بالنفس
وبعدما ضربت صواريخ في الـ 14 من سبتمبر/ أيلول منشآت آرامكو اتهمت السعودية والولايات المتحدة، ايران بالوقوف وراء الهجوم. والتي بدورها نفت الاتهامات، لكنها لم تتمكن من تبديد شكوك منتقديها. وأفادت صحيفة "هآريتس" الإسرائيلية أنه إذا أمرت الحكومة في طهران بتنفيذ الهجوم، فإن ذلك نابع من شعور زائد بالثقة بالنفس" "إيران هاجمت العربية السعودية ليس لأنها نتتنهج سياسة جديدة أو لديها أسلحة جديدة، وإنما لأنه يبدو أن ترامب لا يقدم مساندة حقيقية لحليفه".
وهذا التراخي في التحالف العسكري السعودي الأمريكي ظهر منذ مدة طويلة. وأن يبقى الأسطول الأمريكي في منطقة الخليج هادئا، فهذا تنبأت به على ما يبدو طهران، التي لاحظت تماما أن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي وكذلك الحرب في اليمن،، قد أثرت بشكل كبير على التعاطف مع السعودية في الكونغرس الأمريكي.
ليس هناك مشروع لسوريا
وبنظرة ثاقبة تتبع ايران أيضا مواطن الضعف الأمريكية في سوريا. ويبدو الوضع واضحا بالنسبة إلى طهران التي ترى أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لها مشروع واضح المعالم في سوريا. ففي عهد الرئيس باراك أوباما أرادت الولايات المتحدة إسقاط نظام الأسد، وفي نفس الوقت أرادت الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي ومجموعات جهادية أخرى. وكهدف بعيد كانت واشنطن تتطلع إلى إقامة سوريا ديمقراطية.
لكن اليبت الأبيض غفل أن عددا كبيرا من هؤلاء الجهاديين كانوا يقبعون في سجون نظام الأسد. وعندما بدا أن الانتفاضة تزداد قوة وزخما عام 2011، فتح الرئيس السوري أبواب تلك المعتقلات ودفع بالولايات المتحدة إلى التركيز على محاربة هؤلاء الجهاديين.
لكن سلوك إيران كان مختلفا تماما، فقد كان لها مع روسيا ومنذ البداية هدفا واضحا محددا قابلا للتنفيذ وهو بقاء الأسد في السلطة. وتحديد هذا الهدف كان معقولا، لأن الأسد لا يزال في السلطة. ولا يمكن استبعاد روسيا وايران وهما موجودتان في سوريا حتى كفاعلين سياسيين متخفيين في القصر الرئاسي بدمشق حيث لهما الكلمة في اتخاذ القرارات التي يمكن أن تكون لها انعكاسات كبيرة حتى على أوروبا.
فكيف يتعامل الأسد مع السوريين؟ وكيف سيكون سلوكه تجاه الأكراد الذين طلبوا المساعدة منه لمواجهة تركيا؟ هل سيكون متفهما لموقفهم أم سيتركهم يشعرون بالقسوة بعدما سيطروا لسنوات على مناطق في شمالي البلاد؟
الدعوة إلى الحوار
وقد يكون الترحيب بإيران كقوة حامية في سوريا، إلا انها تبقى هي القوة المحركة لشيطنة اسرائيل، حملة قد ينضم إليها الأسد من جديد. فالكراهية ضد إسرائيل التي يروج لها النظام في إيران ظهرت طوال عقود كوسيلة ناجعة لرص الصفوف.
وعلى أساس هذه القوة العسكرية يمكن أن يكون سلوك إيران إيجابي مع جيرانها في المنطقة. وقال مؤخرا وزير النفط الإيراني لوكالة أنباء شانا الإيرانية "نريد أن نكون أصدقاء مع جميع بلدان المنطقة"، وأضاف "إن عدونا اللدود موجود خارج الشرق الأوسط".
كرستين كنيب/ م.أ.م